الصفحات

20 سبتمبر 2011

السعودية تهدد الولايات المتحدة


السعودية تهدد الولايات المتحدة
2011-09-20
تضمنت رسالة التهديد نقاط متعددة أهمها انهاء التعاون الحميم والعلاقة الخاصة بين السعودية والولايات المتحدة والتي اتسمت بتبعية وفقدان القرار المستقل حيث سيكون القرار الامريكي في مجلس الامن بداية النهاية لمثل هذا التعاون خاصة في المناطق الساخنة كافغانستان واليمن ومن ثم هدد الامير ان ظلت الولايات المتحدة ممانعة للاعتراف بالدولة الفلسطينية فستظل السعودية بمنأى عن حكومة نوري المالكي ولن تفتح سفارة في بغداد رغم الضغوط الامريكية. فهذا بالنسبة للسعودية عقاب للولايات المتحدة متناسية ان شعب العراق لن يموت جوعا بسبب عدم وجود سفارة سعودية هناك ويبدو ان السعودية بعد ان تخلصت من عقدة صدام لا تزال تحت عقدة جديدة اسمها نوري المالكي.
 


تتسابق الاحداث في دول الربيع العربي وتعجل في عزلة الدولة الاسرائيلية وتمهد لاعتراف دولي بالدولة الفلسطينية حيث يبقى الفيتو الامريكي في الامم المتحدة حجر عثرة في طريق استكمال مشروع قيام دولة فلسطينية كاملة السيادة وخارج المنطقة العربية وتبرز تركيا اليوم كمناصر للقضية الفلسطينية وداعم لمحاولات فك الحصار عن الشعب الفلسطيني مما وتر علاقاتها القديمة مع اسرائيل واعادها الى المحيط العربي الاسلامي ومهما كانت دوافع تركيا الداخلية الا انها تجاوزت علاقة حميمة ذات اوجه متعددة عسكرية ودبلوماسية واقتصادية مع اسرائيل من المستبعد ان تعود الى ما كانت عليه.

وفي مصر كانت عملية اقتحام السفارة الاسرائيلية وحرق علمها رسالة قوية لم تظهر بوضوح عند بدء الثورة المصرية الا ان الشعب المصري أبى ان يسكت على اقتناص جنوده على الحدود مع اسرائيل ويبقى ينتظر تحقيقات تماما كما كان يفعل في السابق تحت حكم النظام البائد.

وفي عمان سلمت السفارة الاسرائيلية هذه المرة من عملية مشابهة بفضل تدخل الامن الاردني وفشلت المحاولة ولكن يبقى الوجود الاسرائيلي في العواصم العربية غير مرحب به بل هو مرفوض طالما ظلت القضية الفلسطينية معلقة وبقي الشعب الفلسطيني محتلا.

وفي ظل هذه الاجواء التي تتسم بتخاذل النظام العربي الرسمي وحراك الشعوب العربية تجد السعودية نفسها في حرج كبير حيث لا تزال قيادتها تجتر الشعارات كما كانت تفعل في السابق وتطرح مبادرات عقيمة لم تأبه بها اسرائيل يوما بل رفضتها وتمادت في غطرستها ولكن تحاول السعودية مرة اخرى التسلق على ظهر الدولة الفلسطينية القادمة برسائل التهديد للولايات المتحدة ان هي استعملت حق الفيتو وقوضت مشروع هذه الدولة في الامم المتحدة. تجد السعودية نفسها تنحدر في علاقاتها الخارجية الى ادنى مستوى تماما كما هو حال الدولة اليهودية. فالسعودية متهمة اليوم على عدة محاور.
اولا تملصها من اعتبار اسرائيل خطرا على المنطقة حيث لم تصدر اي اشارات تدل على ان السعودية لا تزال تعتبر اسرائيل دولة عدوة بل ان معظم تصريحات المسؤولين السعوديين تشير الى ان ايران هي العدو الحقيقي الذي يهدد المنطقة.
ثانيا: بعد مرحلة تضامن واخاء مع حاكم مصر السابق تعتبر السعودية قائدة لثورة مضادة في مصر تحاول ان تعيد العلاقة الثنائية الى ما كانت عليه في السابق اي تبعية للقرار السعودي وحلف غير معلن مقابل بعض المعونات الاقتصادية.
ثالثا: فقدت السعودية اي احترام وتقدير كان الشعب التونسي يكنه لها خاصة بعد ان استضافت رئيسه المخلوع وظلت قضية اعادة لتونس من اجل المحاكمة قضية عالقة لن يتخلى عنها الشعب التونسي رغم زيارة الود التي قام بها مؤخرا وزير الخارجية السعودية.
رابعا: تأزمت العلاقة السعودية ـ اليمنية عندما حاولت الاولى التلاعب بمسيرة الشعب اليمني واستضافة زعيمه المحروق مما اجل انتصار الثورة اليمنية خاصة وان السعودية تحاول جاهدة البحث عن بديل لعلي عبدالله صالح وان اضطرها ذلك الى التدخل عسكريا لحسم المعركة بين النظام والشعب لصالح الاول.
خامسا في سورية فقدت السعودية قدرتها على التعامل مع نظام بشار فلا هي دعمت الثورة ولا هي انتشلت النظام من مأزقه وبقيت متذبذبة حتى جاءها الضوء الاخضر من الولايات المتحدة لتخرج بتصريح باهت. في ظل العلاقات السعودية - العربية المتشنجة تبدو السعودية يوما بعد يوم اكثر عزلة انهكتها حروبها الصغيرة ومؤامراتها الخفية ضد الثورات العربية فاتجهت من جديد لتهدد حامية امنها وينابيع نفطها.
وهي حتى لم تستطع ان تقوم بالتهديد من خلال وزير خارجيتها سعود الفيصل بل جاء هذا التهديد كمقال ينشر في الصحافة الامريكية على لسان اخيه تركي الفيصل والذي اصبح الناطق غير الرسمي لوزارة الخارجية السعودية.

تضمنت رسالة التهديد نقاط متعددة أهمها انهاء التعاون الحميم والعلاقة الخاصة بين السعودية والولايات المتحدة والتي اتسمت بتبعية وفقدان القرار المستقل حيث سيكون القرار الامريكي في مجلس الامن بداية النهاية لمثل هذا التعاون خاصة في المناطق الساخنة كافغانستان واليمن ومن ثم هدد الامير ان ظلت الولايات المتحدة ممانعة للاعتراف بالدولة الفلسطينية فستظل السعودية بمنأى عن حكومة نوري المالكي ولن تفتح سفارة في بغداد رغم الضغوط الامريكية.
فهذا بالنسبة للسعودية عقاب للولايات المتحدة متناسية ان شعب العراق لن يموت جوعا بسبب عدم وجود سفارة سعودية هناك ويبدو ان السعودية بعد ان تخلصت من عقدة صدام لا تزال تحت عقدة جديدة اسمها نوري المالكي. وكما تحولت السفارة السعودية في القاهرة الى جبهة حامية اشعلها الشعب المصري الذي مل تبعيته للسعودية وسوء المعاملة في المطارات وخلال فترات الحج والعمرة ربما تتحول السفارة السعودية في بغداد الى جبهة اخرى لن تتحملها السعودية وهي الدولة التي اعتادت على تلقي الاطراء والمديح والتبجيل من قبل شعوب عربية ضغطت عليها قياداتها الموالية للنظام السعودي.
لن تجدي التهديدات السعودية للولايات المتحدة في الضغط المباشر على الولايات المتحدة لاسباب عدة منها ان السعودية اليوم مرهونة للولايات المتحدة عسكريا واقتصاديا رغم ان السعودية تعتقد انها تملك القرار الامريكي وليت هذا التدخل كان لنصرة التيار الديمقراطي بل كان لنصرة علاقات اسرية بين مجموعة من الحكام المستهترين بشعوبهم وليس هذا نصرا سعوديا جاء من خلف ظهر الولايات المتحدة والتي تستطيع ان تبتلع المبادرة السعودية والبحرينية معا خاصة وان اسطولها  لا يزال على شواطئ البحرين.
ان اعتماد السعودية على الولايات المتحدة عسكريا لحماية النظام سيبقى عاملا غير مساعد لاستقلالية القرار السعودي ولن تفعل السعودية الكثير بعد ان تفعل الولايات المتحدة حق الفيتو وتؤجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
اما اقتصاديا فالسعودية وفائض اموال النفط لا تزال في البنوك الامريكية وصناديقها السيادية ناهيك عن العملة السعودية المرتبطة بالدولار الامريكي مما يجعل السعودية غير قادرة على تفعيل استقلاليتها عن الولايات المتحدة فالنظام السعودي ربط أمنه القومي والاقتصادي بالولايات المتحدة منذ فترة طويلة لذلك لن تكون القضية الفلسطينية محورا في تغيير العلاقات بين البلدين مهما كانت مشاعر الامير وحماسه للقضية التي شغلت العرب طيلة عقود سابقة.
لقد شبع العرب متاجرة بالقضية الفلسطينية خاصة عندما تبرز قوى من خارج المنطقة العربية تساند القضية الفلسطينية بالافعال وليس الاقوال ومهما كانت هذه الدول صاحبة مآرب ومصالح خاصة بها الا انها ضحت بعلاقاتها الدولية وتكبدت خسائر بشرية في سبيل مناصرتها للفلسطينيين ونذكر بالارواح التركية التي ازهقتها اسرائيل في البحر المتوسط عندما تصدرت القيادة التركية مشروع فك الحصار عن غزة وبقيت السعودية واساطيلها الامريكية في سبات عميق.
اما ايران التي ترتعد السعودية منها اليوم فهي ايضا سلحت المقاومة اللبنانية التي وحدها استطاعت ان تطرد الاحتلال الاسرائيلي من لبنان بعد ان فشلت المبادرات العربية وخاصة السعودية لحل الازمة على جبهة جنوب لبنان. في ظل المتغيرات العربية والاقليمية لسنا في صدد التشكيك في نوايا دول الجوار واتهامها باستغلال القضية الفلسطينية لمصالحها الشخصية كل ما يهمنا في الامر هو الوضع المزري الذي وصلت اليه السعودية تحت مظلة الحكم الحالي. ورغم التصريحات والمقالات الفرعونية الا ان الحقائق تثبت انحدار السعودية كنظام عربي له من الامكانيات ما ليس لغيره الى الحضيض في اثبات الوجود وكفى توزيعا لاموال النفط يمينا ويسارا تعويضا عن المفقود وهو الاستقلالية.
سيبقى النظام السعودي ضعيفا عربيا واقليميا ولن يشتري النفط ثقة الشعوب العربية ومنها الشعب الفلسطيني خاصة بعد الربيع العربي الذي فجر محور السعودية ـ مصر كمحور مهم في سير السياسة العربية الخارجية. فقط هي الانظمة الشرعية التي تمثل ارادة شعوبها تستطيع تحدي الولايات المتحدة والدولة الصهيونية معا وليس انظمة تابعة ليس لها الا اموال النفط تشتري بها اولا صمت مجتمعها وثانيا صمت المجتمع الدولي على تجاوزاتها ومؤامراتها بحق الشعوب الاخرى.
وطالما ظل النظام السعودي لا يمثل الا ذاته واسرته المترامية الاطراف لن يستطيع هذا النظام ان يكون جادا في تهديداته التي يطلقها بين الفترة والفترة. والسياسة الخارجية لا ترسمها المقالات بل ارادة الشعوب الطامحة للاستقلال والسيادة هي فقط تجعل استقلال القرار حالة حتمية تمارسها قيادة تمثل الشعب وليس تفرض عليه ببرميل نفط. وللقضية الفلسطينية رب يحميها ثم شعب حي لم تذله ضربات اسرائيلية قاتلة خلال العقود الماضية وربما يتعلم المجتمع السعودي كيف تحيا الشعوب رغم انها لا تشرب النفط.
' كاتبة واكاديمية من الجزيرة العربية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق