اصدر الأزهر الشريف بيان لدعم إرادة الشعوب العربية وينص على ضرورة احترام المواثيق التالية :
أولاً : تعتمدُ شرعية السُّلطة الحاكمة من الوجهة الدينية والدستورية علي رضا الشُّعوب، واختيارها الحرّ، من خلال اقتراع عَلَنِيٍّ يَتمُّ في نزاهة وشفافية ديمقراطية، باعتباره البديل العصري المنظِّم لما سبقت به تقاليد البَيْعَة الإسلامية الرّشيدة، وطبقًا لتطوُّر نُظُم الحكْم وإجراءاته في الدّولة الحديثة والمعاصرة، وما استقرَّ عليه العُرف الدستوري من توزيع السُّلُطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، والفصل الحاسم بينها، ومن ضبط وسائل الرّقابة والمساءلة والمحاسبة، بحيث تكون الأمّة هي مصدر السُّلطات جميعًا، ومانحة الشرعية وسالبتها عند الضرورة. وقد دَرَجَ كثيرٌ من الحكّام علي تعزيز سلطتهم المطلقة مُتشبِّثينَ بفهم مبتور للآية القرآنية الكريمة: "و أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ "(4/59) متجاهلين سِيَاقَها الواضح الصريح في قوله تعالي قبل ذلك في الآية التي تسبق هذه الآية مباشرة: " إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَي أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ " (4/58) ممّا يجعل الإخلال بشروط أمانة الحكْم وعَدَم إقامة العدل فيه مُسَوِّغًا شرعيًّا لمطالبة الشعوب حكامهم بإقامة العدل، ومقاومة الظلم والاستبداد، ومن قال من فقهائنا بوجوب الصبر علي المتغلب المستبد من الحكام حرصًا علي سلامة الأمة من الفوضي والهرْج والمرْج ذ فقد أجاز في الوقت نفسه عزل المستبد الظالم إذا تحققت القدرة علي ذلك وانتفي احتمال الضرر والإضرار بسلامة الأمة ومجتمعاتها .
ثانيا: عندما يرتفع صوت المعارضة الوطنية الشعبية والاحتجاج السِّلميّ، الذي هو حقٌّ أصيلٌ للشُعوب لتقويم الحكّام وترشيدهم، ثم لا يستجيب الحكّام لنداء شعوبهم، ولا يُبادرونَ بالإصلاحات المطلوبة، بل يُمْعِنونَ في تجاهل المطالب الوطنية المشروعة التي تنادي بالحرية والعدالة والإنصاف، فإن هؤلاء المعارضين الوطنيين لا يُعَدُّون من قَبيل البُغاة أبَدًا، وإنّما البُغاة هم الّذين تحدَّدت أوصافُهم فِقهيًا بامتلاك الشَّوكة والانعزال عن الأمَّة، ورَفع الأسلحة في مواجهة مخالفيهم، والإفساد في الأرض بالقُوّة، أمّا الحركات الوطنية السِّلميّة المعارضة، فهي من صميم حقوق الإنسان في الإسلام التي أكّدتها سائر المواثيق الدّوليّة، بل هي واجب المواطنين لإصلاح مجتمعهم وتقويم حُكّامهم، والاستجابة لها واجبٌ علي الحكّام وأهل السُّلطة، دونَ مُراوغةٍ أو عنادٍ.
ثالثا: تُعَدُّ مواجهة أيّ احتجاج وطني سِلميّ بالقوّة والعُنفِ المسلَّح، وإراقة دماء المواطنين المسالمين، نقضًا لميثاق الحكْم بين الأمّة وحكّامها، ويُسقِطُ شرعيّةَ السُّلطة، ويهدر حقَّها في الاستمرار بالتَّراضِي، فإذا تمادتِ السُّلطةُ في طُغيانها، وركبت مركب الظلم والبغي والعدوان واستهانت بإراقة دِماء المواطنينَ الأبرياء، حِفاظًا علي بقائها غير المشروع - وعلي الرغم من إرادة شعوبها - أصبحت السلطة مدانة بجرائم تُلَوِّثُ صفحاتها، وأصبح من حق الشعوب المقهورة أن تعمل علي عزل الحكام المتسلطين وعلي محاسبتهم، بل تغيير النِّظام بأكمله، مهما كانت المعاذير من حرص علي الاستقرار أو مواجهة الفِتَنِ والمؤامرات، فانتهاكُ حرمة الدَّم المعصوم هو الخطّ الفاصل بين شرعية الحكم وسقوطه في الإثم والعدوان. وعلي الجيوش المنظّمة ذ في أوطاننا كلِّها - في هذه الأحوال أن تلتزم بواجباتها الدّستورية في حماية الأوطان من الخارج، ولا تتحوّل إلي أدواتٍ للقمع وإرهاب المواطنين وسفك دمائهم؛ فإنه" مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا "(5/32)
رابعا: يَتعيَّنُ علي قوي الثورة والتّجديد والإصلاح أن تبتعد كليًا عن كل ما يؤدي إلي إراقة الدماء، وعن الاستقواء بالقوي الخارجية أيًا كان مصدرها، ومهما كانت الذرائع والتعللات التي تتدخل بها في شؤون دولهم وأوطانهم وإلا كانوا بغاة خارجين علي أمتهم وعلي شرعية دولهم. ووجب علي السلطة حينئذ أن تردهم إلي وحدة الصف الوطني الذي هو أول الفرائض وأوجب الواجبات . وعلي قوي الثورة والتجديد أن تتّحدَ في سبيل تحقيق حُلمِها في العدل والحريّة، وأن تتفادي النزاعات الطائفية أو العرقية أو المذهبية أو الدينية، حِفاظًا علي نسيجها الوطني، واحترامًا لحقوق المواطنة.
خامسا: بناءً علي هذه المبادئ الإسلامية والدستورية، المعبِّرَة عن جوهر الوَعْيِ الحضاريّ؛ فإن علماء الأزهر وقادة الفكر والثقافة يُعلنونَ مناصرتهم التّامة لإرادة الشعوب العربية في التجديد والإصلاح ومجتمع الحرية والعدالة الاجتماعية، ويَهيبونَ بالمجتمع العربي والإسلامي أن يتّخذ مبادرات حاسمةً وفعّالة لتأمين نجاحها بأقلِّ قَدْرٍ من الخسائر، تأكيدًا لحقِّ الشُعوب المطلق في اختيار الحُكّام، وواجبِها في تقويمهم مَنعًا للطُّغيان والفساد والاستغلال، فشرعيّةُ أيّة سُلطةٍ مرهونةٌ بإرادة الشّعب، وحقّ المعارضة الوطنيّة السّلمية غير المسلحة مكفولٌ في التّشريع الإسلامي في وجوب رفع الضّرَر، فضلاً عن كونه من صميم حقوق الإنسان في المواثيق الدّولية جميعًا.
مطالب الشباب في بلاد الحرمين
د. رويكد بن صالح التميمي
08/03/1432
هنالك أثر ضعيف منسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم عن أهل مصر أنهم خير أجناد الأرض" ولكن معلول بإبن لهيعة الضعيف. و لكن بغض النظر عن الأثر وصحته فإن أهل الكنانة مرة أخرى يعلموننا درساً آخر في الحذق في الطلب والإحتراز للمكاسب لئلا تكون نهباً لـ الإنتهازيين السياسيين والوصوليين. ولا شك أن مطالبهم مصدر استلهام لنا نحن شباب بلاد الحرمين.
الثورة المصرية مستمرة حتى تتم الإستجابة الكاملة والفورية لمطالب الشعب. وإلا فإن ميدان التحرير سيكون المكان الدائم ولن يخلى منه أحد. ونحن بدورنا نعلن أن ثورة شباب الحرمين السلمية ستكون مفتوحة حتى يكون هنالك قنوات للتواصل العلني والمباشر مع الحكومة.
. .ولكن آنى لهذه المطالب والتفاهمات أن تصل إلى أهلها ونقدر أن نبوح بها ومجال الحرية في التعبير عن الرأي أضيق من سم الخياط؟إذا كان الرجل منا يعتقل لإدنى مقال يكتبه أو حوار مع قناة أجراه ، فمن يثق في هذا المحاور؟ ثم إذا كان الطرف الآخر يحرم ويجرم جميع أنواع الإحتجاجات الحضارية والسلمية ضده ، فقلي بربك كيف يكون هنالك(communication channel ? ) . إنا إذ نقول ذلك لنؤكد أن هذا القمع لا يولد إلا قمع ممثال في الشكل والحكم والجسامة.
إن جماهير شباب بلاد الحرمين ، تطالب عاجلاً بسن قوانين جديدة حضارية ومحترمة ومرعية للتعبير عن الرأي بما يتوافق مع مسلمات وقطعيات مجتمعنا التي لم يتلاعب بها عين الرقيب و أزلامه.
إن شباب بلاد الحرمين يطالبون عاجلاً سن قوانين لـ إتاحة المجال للشعب في المظاهرة السلمية التي تخوله في التعبير عن رأيه، تنفيسه عن مظلمته ، تعبيره عما يهمه، آماله وآلامه بطريقة حضارية وسلمية لا يلحق فيها ومنها أدى للمكتسبات والأموال العامة والخاصة. إن شباب بلاد الحرمين لا يطالبون بأكثر مما هو مقرر لدى جميع الشرائع والقوانين المعمول بها في دول العالم المتحضر ، ولا شك ولا ريب أن في ديننا وثقافتنا الكريمة ما يكفل ذلك إذا إذا رفع الخبث وأزيلت النجاسة الفكرية القمعية.
لقد أوجد نظام الطاغوت حسني مبارك، رغماً عن كل فضائعه في الشعب المصري، نافقاء اليربوع للتعبير عن الرأي، والتي تساوي كل شرهات بن سعود قاطبة. فلا ثمن للحرية.
بناء على ما تقدم آمل من جميع الأخوة الكرام التعاون على أستصدار صيغة موحدة للمطالب ولنسمها " مطالب الشباب في بلاد الحرمين"، لكي تنشر وتذاع في كل الأصقاع فلا مجال للسرية في جو ٍ استشراء الفساد فالحرية تنتزع ولا توهب.
المطلب الأول: إلغاء نظام الإعتقال التعسفي. وتجريم كل من ارتكبه، والإفراج الفوري عن كل سجناء الرأي، و محاكمة كل معتقل ثبت عليه جرم ولم يبت في امره.
المطلب الثاني: مراجعة وتقييم كل أنظمة الدستور الحالي في بلاد الحرمين، و حل مجلس الشورى والمجالس البلدية وإحلال الإنتخاب الدستوري محلاً لها.
المطلب الثالث: إنشاء خطط أستباقية لحفظ أمن واستقرار بلاد الحرمين في حال تعرض الأسرة الحاكمة لإي خلاف داخلي أو خارجي لكي تحفظ بيضة الأمة. وأقترح أن يكونالجيش في البلاد هو من يتولى زمام الأمر. على أن يكون نظام الحكم مدني.
المطلب الرابع: يحق للشعب الإعتراض على أي مرشح سواء كان لمجلس الوزراء أو ما يتفرع منها من المجالس أو المجالس البلدية والنظر في طعونات الشعب على ألا تجددللوزير مدة تزيد عن أربع سنوات.
المطلب الخامس : تشكيل لجنة عاجلة للدراسة من القانونيين والفقهاء للنظر في دستور عام للبلاد يحقق مرجعية الشريعة ويطبق فيه مبدأ الشورى.
المطلب السادس : تشكل لجنة عليا للإشراف على الدراسة العليا مراعية فيها " كرامة الإنسان بشموليتها التي ضاقت عنها الأطر البشرية الحالية " منطلقة من مبدأ " ولقد كرمنا بني آدم" ولا بأس بالإفادة من أي تجربة بشرية إذا حققت المصلحة العليا والضرورات الخمس التي كفلتها الشريعة. وعدم الإلتفات إلى أي من المطالب الغربية كـ الديمقراطية ، والليبرالية ، والحداثية وغيرها.
المطلب السابع: إطلاق الحرية الكاملة في البدء مشروع المؤسسات المدنية والنقابية كـ رديف و مراقب للإداء الحكومي للبلد. ولا شك أن أطلاق الحريات التنظيمية في تأسيسنقابات تكفل العديد من الفوائد ليس هذا محل بسطها. ويجب أن تكسب هذه المؤسسات الصبغة الشرعية والحصانة القانونية ليتاح حيز الإبداع لدى كافة شرائح المجتمع، سيما الشباب. ولا شك أن الجمعيات والمؤسسات والنقابات والإتحادات جوهر مهم في رقي المجتمع فالحاجات أكبر من حجم وزارات البلد و أشمل من وجهات نظر افراد. فمالمانع أن يكون للمعلمين نقابة تدافع عن حقوقهم و تطالب بما يعجز عنه الأفراد فالإتحادات قوة، ووسيلة للتواصل الفاعل
. والمجتمع القوي هو المجتمع الفطري المتعدد الآراء والإتجاهات والرؤى بما يقوي الإبداع في المجتمع.لا شك أن فتح باب المؤسسات المدينة فيه خير ونفع عظيم بدل أن نعتمد على تجارب فردية لا مؤسساتية كفيلة بأن يكون التوقف والمرض نهايتها وفشلها، كـ تجربة " جامعة الملك فهد" و مطار الملك فهد ، و مكتبة الملك فهد ، ومستشفى الملك فهد". يجب أن لا ترتبط المشاريع الحيوية بأسماء أشخاص بل تعتمد على أطر وطنية لا شخصانية.أما في مجتمع المؤسسات والخطط فلا مجال للفردانية، بل الجمعية والشمولية والهدف المستمر، ولا شك أن حفظ جناب الشريعة والدين سد و حد لا يعتدى.يجب ألا ينظر إلى المؤسسات المدينة من جانب سلبي فقط، ولكن يؤخذ بها الجوانب الإيجابية.لذى، فلماانعدمت المؤسسات المدنية بصورتها الطبيعية سمعنا عن ظاهرة " زورات السفارات" التي لا مؤسسة مدنية انطلقت منها ولا هدفاً سامياً حققته.
ومن أهم الضوابط لهذه المؤسسات هو العناية بـ زكاء القائمين عليها وأعضائها وتحقيق الأمانة والقوة و التأكد من مرجعيتها وسلامتها من الارتباطات المشبوهة، ولكن هذا الهاجس بحد ذاته لا يعطل الفكرة من أساسها، ولا يكون ذريعة في القعود والنهوض..إن بلداً مثل بلدنا يحوي على قرابة (27) مليون نسمة لا يوجد فيها مؤسسات في المدن الصغيرة والبلدات والمناطق النائية لهو مجتمع ضعيف، ترزح كل الخدمات في زوايا ضيقة بينما تشح عن أبسط الخدمات في عموم البلاد، ولا شك أن هذا عي.إن بلاد الحرمين بلد الشباب، فيجب أن يكون القادة هم الشباب، والمدراء هم الشباب، والرؤساء هم الشباب. أما فلسفة أن الوزراء والأمراء والمولك يبدأ شباب أحدهم إذا بلغ سبعين سنة فهذا عجزوانحسار. إن إنحسار الخدمات والمناصب في أشخاص أو عوائل أو مناطق أو أسما أو أعراق لهو من أجلى دواعي الضمور عن التحدي والصد عن الطموح، الذي هو سر الرقي وأكسيره.
المطلب الثامن: أحتواء كل اللاجئين السياسيين في بلاد الحرمين، فما زالت مكة والمدينة تحوي حلق الذكر لكل من المدارس الفقهية وحتى غيرهم وهم يتحاورون ويختلفونويتناظرون " فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض". إن احتواء أبناء البلد حتى من نصمهم بـ الخوارج ، أو الغلاة أو المتشددين لهو تعبير عن رقي و ذخر وغنا. أما من كان خائف على هدف ضيق أو مصلحة عاجلة ، فهو لا يثق في أقرب قريب. إن العمل على الإصلاح لكل المجتمع أمر مطلوب. إن المجتمع المثالي لا يفرط في أبنائه. فلئن أدعم أبني مع أنه قد يعصاني في بعض الأمر خير لي من أن أطرده من بيتي فيكون وصمة عار طول عمري يلحقني منه الأذى والردى.
المطلب التاسع: لم تحرز الجزيرة سبقها الرائع الرائج في العالم كله والعالم العربي بخاصة إلا أنها انتهجت المهنية العالية. ولم تخسر العبرية واخواتها في العالم كله وفي السعودية بخاصة إلا أنها أنتهجت التحيز المشين، ففقدت ثقة المتلقي والثقة عزيزة إذا كسرت ليس لكسرها جبران. إن إطلاق الحريات في وسائلا الإعلام بالطرق المرعية وانتقال المعلومة و الحرية في تداول الفكرة، سمة قوة، فالقوي في دينة ومعتقده و ثقافته وأصالته لا يخشى من ذي العرش إقلالا ولا تبدلاً، فالفكرة إذا كانت صالحة كانت كالشجرة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ، أما إن كانت فاسدة فلا يؤبه بها، ولكن إذا قمعت شهرت فكل ممنوع مرغوب.
اللهم إن كنت تعلم أن هذه الأسطر قد كتبت أبتغاء مرضاتك فاكتب لها التمكين والبركة، ووالقبول واجعل لها عند الناس لسان صدق ، آمين
08/03/1432
اخوكم : رويكد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق