الصفحات

21 يونيو 2012

دراسة إسرائيلية: السعودية مملكة الشيخوخة في عصر التغييرات غير قادرة على مواجهة إيران والمحافظة على المصالح الأمريكية بالمنطقة والتقدم في سن العائلة المالكة آفة خطيرة


الناصرة ـ 'القدس العربي': رأت دراسة أعدها الباحث الإسرائيلي يوئيل غوجانسكي، من معهد أبحاث الأمن القومي، التابع لجامعة تل أبيب، أن شيخوخة العائلة الحاكمة في المملكة العربية السعودية تحمل في طياتها أبعادا جيو - سياسية، ذلك أن جيل الملك، عبد الله، المتقدم جدًا، ووضعه الصحي المتدهور، يجب أنْ يضيء الضوء الأحمر في ما يتعلق بمستقبل استقرار أكبر دولة منتجة ومصدرة للنفط مقابل الجمهورية الإسلامية في إيران ورغبتها في الانتقام، وأنْ تأخذ بعين الاعتبار الهزات السياسية التي تعصف في العالم العربي.
وزاد الخبير الإسرائيلي في الشأن السعودي أن تعيين الأمير سلمان وليًا للعهد، هو تعيين في مكانه، لأنه قادر على العمل، ومع ذلك، أضافت الدراسة، فإن صحة ولي العهد الجديد معتلة، فقد أجرى عملية جراحية في العام 2010 في الولايات المتحدة في العمود الفقري، كما أنه تعرض لجلطة دماغية، التي أفقدته العمل في إحدى يديه، على الرغم من العلاج المكثف، ولفتت الدراسة إلى أن الإعلام السعودي يعمل الآن على تثبيت الأمير سلمان في منصبه الجديد، من منطلق مواصلة الاستمرار في الحكم بالمملكة، حيث يقول الإعلام عينه إن ولي العهد الجديد هو قائد ممتاز، والذي بمقدوره أنْ يكون وسيطًا في حل النزاعات الداخلية في العائلة المالكة، ومضافًا إلى ذلك، فإنه، بحسب الإعلام السعودي، يتمتع بالخبرة لإدارة السياسة الخارجية للعربية السعودية.
ولفتت الدراسة إلى أن الأمير نايف، الذي توفي قبل أسبوع اشتهر بتبنيه الخط السياسي المتصلب، وكان مقربًا أكثر من جميع إخوته إلى المؤسسة الوهابية، التي تؤثر جدًا على منظومة الحكم في المملكة، وفي مرات عديدة أطلق العنان لشرطة النهي عن المنكر والأمر بالمعروف لاستعمال جميع الوسائل من أجل فرض القوانين الاجتماعية الصارمة.
علاوة على ذلك، ذكرت الدراسة أن انعدام الشفافية في اختيار ولي العهد أثارت موجة من الشائعات حول ولي العهد للملك السعودي، عبد الله، الذي وصل إلى 89 عامًا، والذي لا يعمل بشكل يومي منذ ثلاث سنوات ونيف، كما أنه خلال فترة زمنية لا تتعدى السنة أجرى ثلاثة عمليات جراحية في ظهره، كما أنه لا يخرج من قصره إلا لمامًا، أيْ بشكل نادر، واجتماعاته مع الضيوف من خارج البلاد هدفها فقط التقاط الصور التذكارية لنشرها في الإعلام السعودي، الذي يخرج عن طوره من أجل الإثبات بأن الأمور تسير على ما يرام، وهي ليست كذلك، بحسب الدراسة الإسرائيلية.
بالإضافة إلى ما ذُكر أنفًا، تطرقت الدراسة إلى قضية الوراثة، مؤكدة على أنها تحمل في طياتها الكثير من المخاطر، وليس فقط لأن جميع أفراد العائلة المالكة يعانون من أوضاع صحية صعبة، بل أيضًا لأن الورثة تنقصهم الخبرة والحكمة والتجربة في إدارة المملكة، كما أن الباحث غوجانسكي، يشير في دراسته، إلى أن عملية التوريث في المملكة تكون مصحوبة دائمًا باقتتال داخلي من وراء الكواليس، وبالتالي من الصعب، إنْ لم يكن مستحيلاً، يُضيف الباحث، التنبؤ حول كيفية النظام السعودي في السنوات القريب، لافتًا إلى أنه قبل تفجر الربيع العربي، كان الحاكم العربي يبقى في منصبه طوال حياته، وأشار إلى أنه في المستقبل القريب، فإن وفاة الأمير نايف، لن تؤدي إلى تغييرات كبيرة في سياسة النفط السعودية والسياسة الخارجية للمملكة، ولكن مع ذلك، زاد الباحث غوجانسكي، حتى الحديث عن إظهار ثبات واستقرار في الحكم أصبح صعبًا للغاية، إذا أخذنا بعين الاعتبار الجيل المتقدم جدا لأفراد العائلة المالكة، وبأن التغييرات المتوقعة في المناصب ستؤدي إلى زعزعة كبيرة في استقرار المملكة، ذلك أن السعودية تُسيطر على الأماكن المقدسة للمسلمين، ورافعة لواء السنة العرب، كما أن المملكة تملك أكبر احتياطي في النفط عالميًا.
وساقت الدراسة قائلةً إنه حتى الآن، المحافظة على الاستقرار السلطوي في المملكة اعتمد على نقل الصلاحيات من الأخ إلى الأخ، وليس من الوالد للابن، وهذا الوضع سمح للعائلة المالكة انتخاب وليًا للعهد يتمتع بقدرة وخبرة على إدارة دفة الحكم، ولكن بالمقابل، هذا الإجراء أوجد مجموعة من الأمراء أصحاب الجيل المتقدم جدًا، ونتيجة لذلك، فقد تقرر في العام 1992، في قانون أساس للمملكة، أنه بالإمكان انتخاب ولي للعهد من أحفاد بن سعيد، وزادت الدراسة قائلةً إنه على المدى البعيد فإن العائلة الحاكمة ليست قادرة على عدم تطبيق هذا القانون، وبالتالي فإن نقل الصلاحيات ستكون معقدة ومركبة ومحفوفة بالمخاطر عندما سينتقل الحكم إلى واحد من أحفاد بن سعيد، ذلك أن إيجاد التوازن بين أقطاب العائلة الحاكمة، وأولاد الملوك السابقين والأمراء ستكون مهمة صعبة جدًا، ويذكر الباحث أن من بين الأسماء المطروحة من الأحفاد هو الأمير خالد الفيصل، نجل الملك المرحوم فيصل وحاكم منطقة مكة، وشقيق وزير الخارجية، سعود الفيصل.
وخلصت الدراسة الإسرائيلية إلى القول إن قدرة المملكة العربية السعودية على أنْ تكون ندة للجمهورية الإسلامية في إيران، وداعمة للولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، مرتبطة ارتباطًا كليًا باستقرار العائلة المالكة، وبالحاجة إلى نقل السلطة من الحكام الحاليين إلى الأحفاد بصورة سلسلة، ولكن حقيقة مرض الملك وعدم استبعاد وفاته في الأمد القريب، من شأنهما أنْ تخلق التحديات الجسام للمحافظة على استمرارية الحكم في السعودية، وعليه، يؤكد الكاتب، على أن الحفاظ على السعودية ككلب الحراسة للمصالح الأمريكية في المنطقة، يُحتم نقل السلطة إلى أمير من الجيل الثالث، لكي يعمل على التكيف للأحداث والتغييرات التي تعصف بالعالم العربي، كما أن مهمته الأساسية، برأي الباحث الإسرائيلي، ستكون إيجاد التوازن بين التقاليد الإسلامية المحافظة جدًا وبين الاحتياجات الأخذة بالتوسع لسكان المملكة الشباب، على حد قوله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق