الصفحات

2 يوليو 2012

العربية السعودية: ملكية شائخة في عصر التغيير صحف عبرية


ولي عهد السعودي، نايف بن عبد العزيز قضى نحبه في المستشفى في جنيف. وفاة نايف، ابن 79 سنة، لم يأتِ مفاجئا وذلك لانه كان في السنوات الاخيرة مريضا جدا. وقد توج نايف وليا للعهد في شهر تشرين الاول من العام 2011 فقط، بعد وفاة الامير سلطان. الملك عبدالله، في خطوة سريعة ترمي الى منع احتكاكات زائدة في القيادة وبث الاستقرار والتواصل، عين وليا جديدا للعهد للمرة الثانية في غضون تسعة اشهر. 
مع معدل عمر 25، سكان السعودية أكثر شبابا من المتوسط العالمي. ولكن عمر القيادة المالكة لا يدل على ذلك. في رأس الهرم الرسمي للسعودية، تقف قيادة كبيرة السن جدا، ولشيخوخة القيادة كفيلة بان تكون آثار جغرافية ـ سياسية. وبالاخص، العمر المتقدم والصحة الهزيلة للملك عبدالله يجب أن تثير المخاوف بالنسبة لمستقبل استقرار عظمى النفط في وجه ايران والهزات التي تعصف بالعالم العربي. 
العائلة المالكة تجري الاستعدادات لنقل السلطة في المملكة الى وزير الدفاع، الامير سلمان، ابن 77، شقيق نايف. في شهر تشرين الثاني 2011، عُين محافظ الرياض السابق، وزيرا للدفاع، وحل في هذا المنصب محل ولي العهد في حينه، سلطان، في خطوة مثلت بانه الخليفة المرشح. سلمان هو الخليفة الاعلى الممكن الوحيد الذي تسمح حالته الصحية له بالعمل. ولكن حتى صحة الامير سلمان بعيدة عن أن تكون كاملة: فقد اجتاز عملية جراحية في العامود الفقري في الولايات المتحدة (في العام 2010)، اصيب بنوبة قلبية واحدة على الاقل واحدى ذراعيه لا تعمل بشكل كامل (رغم العلاج الطبيعي). وسائل الاعلام السعودية الرسمية منشغلة مؤخرا بتهيئة التربة لصعود سلمان الى الحكم، انطلاقا من الرغبة بتأكيد الاستمرارية السلطوية. وسائل الاعلام السعودية 'تسوق' وزير الدفاع كاداري كفؤ يمكنه أن يكون وسيطا لتسوية الخلافات بين ابناء العائلة ويعالج ايضا السياسة الخارجية. 
نايف اكتسب لنفسه سمعة المحافظ الذي يتبنى خطا متصلبا. وكان يعتبر مقربا اكثر من الكثير من اشقائه من المؤسسة الدينية الوهابية شديدة القوة، التي تمنح شرعية للاسرة المالكة، وعملت احيانا على منح يد حرة اكثر للشرطة الدينية التي تفرض قوانين اجتماعية متصلبة. وقد شغل منصب وزير الداخلية، كان مسؤولا عن قوات الامن الداخلي منذ 1975، وعرف بنشاطه الحازم ضد الاقلية الشيعية في المملكة، وضد منظمة القاعدة بعد هجمات 11 ايلول 2001. في وقت لاحق ادعى بان الصهاينة هم المسؤولون عن هذه اللجنة. 
كقاعدة، انعدام الشفافية بالنسبة للاستمرارية السلطوية في السعودية، حرك جملة شائعات حول هوية خليفة الملك عبدالله ابن الـ 89، الذي لا يعمل على أساس يومي منذ ثلاث سنوات على الاقل، واجتاز ثلاث عمليات جراحية في الظهر في فترة زمنية من سنة. عبدالله يخرج من قصره في حالات نادرة فقط، ولقاءاته القصيرة مع الزوار تستهدف اساسا التقاط الصورة لوسائل الاعلام الرسمية السعودية، المتماثلة مع السلطات. وتخرج الاسرة المالكة عن طورها كي تبث صورة الاعمال كالمعتاد. موضوع الاستمرارية السلطوية لا يخلو من المخاطر، وان كان فقط لان اغلبية الابناء الاحياء لابن سعود يعانون من صحة هزيلة، بينما كل المرشحين الاخرين هم عديمو التجربة في ادارة المملكة. كما أن عملية نقل السلطة تترافق وصراعات شديدة، تجري في الغالب خلف الكواليس وتجعل من الصعب التنبؤ كيف سيكون وجه النظام السعودي في السنوات القريبة القادمة.
قبل اندلاع الربيع العربي، فان شيئا لم يقيد استمرار ولاية الحكام العرب باستثناء مدى عمرهم أنفسهم. في احدى المناطق الاقل استقرارا في العالم، فانهم هم الذين لا يزالون يوفرون صورة استقرار. في المدى القصير، وفاة نايف من غير المتوقع أن تبعث على تغييرات كبرى في السياسة النفطية والخارجية السعودية. ومع ذلك، فان حتى مظهر الاستقرار الخارجي لم يعد مؤكد، اذا أخذنا بالحسبان العمر المتقدم للحكام والخطر في ان يقوض التبديل المرتقب للحراسة السلطوية الحالية هذا الاستقرار. الحالة السعودية هي حالة خاصة فقط في حقيقة ان الاماكن الاسلامية المقدسة توجد في حدودها، وهي علم المعسكر العربي السني، وتملك احتياطات النفط الاكبر في العالم.
حتى الان، الحفاظ على الاستقرار السلطوي كان يرتبط بنقل السلطة من الاخ الى الاخ، وليس بالذات من الاب الى الابن؛ هذا الوضع ضمن انتخاب الخليفة ذي التجربة في ادارة المملكة، ولكنه انشأ ايضا مخزونا شائحا من الخلفاء المحتملين. وكنتيجة لذلك، تقرر منذ العام 1992، في القانون الاساس للحكم بانه سيكون ممكنا انتخاب خليفة من بين احفاد ابن سعود ايضا. 
في المدى البعيد لا يمكن للمملكة أن تتملص من ترجمة القانون عمليا، ولكن نقل السلطة كفيل بان يكون ليس أقل تعقيدا عندما يقفز التاج جيلا آخر، الى أحد احفاد ابن سعود. التوازن بين مصالح أجنحة العائلة المختلفة، ابناء الملوك السابقين والامراء، سيكون مهمة حساسة. من بين الاحفاد البارزين، يمكن ذكر اسماء حاكم مكة، الامير خالد الفيصل، ابن الملك فيصل الراحل، وشقيق وزير الخارجية. ومع الاخرين يندرج حاكم المحافظة الشرقية، الامير محمد بن فهد، رئيس الحرس الوطني الامير متعب بن عبدالله ونائب وزير الداخلية، الامير محمد بن نايف. لمحمد، النجم الصاعد، الذي يعمل وزيرا للداخلية في الوكالة ومسؤول عن مكافحة الارهاب، علاقات عمل طيبة مع نظرائه في الولايات المتحدة. 
كجزء من رغبته في حصر قوة فرع السديري في العائلة، ولكن ايضا لضمان نقل السلطة بسلاسة بالتوافق، اقام الملك عبدالله في العام 2006 'مجلس الامناء' لهذه المجموعة، التي تعد خمسة وثلاثين عضوا، الصلاحية لتعيين الملك عند موت الملك الحاكم، الموت الواحد تلو الاخر لولي العهد وللملك، وأي مرض أو عجز آخر يمنع استمرار أداء الملك لمهامه. 
قدرة السعودية على أن تشكل وزنا ضد صعود ايران، وكسند قوة للسياسة الامريكية في المنطقة، ترتبط ارتباطا وثيقا باستقرار العائلة المالكة، وبالحاجة الى ادارة تبديل الاجيال في الحكم بشكل سلس. حقيقة ان الملك ايضا قد يتوفى في المستقبل القريب يمكن أن تشكل تحديا للمؤسسات الجديدة التي تأتي للحفاظ على الاستمرارية السلطوية. التحديات التي تقف امامها المملكة تفترض نقل التاج الى أمير من الجيل الثالث، يعمل على التوافق لوتيرة واتجاه الاصلاحات السياسية والاجتماعية اللازمة بشكل يجعل التوازن بين التقاليد الاسلامية المحافظة وبين الاحتياجات المتزايد للسكان الشباب. 

يوئيل جوجنسكي
نظرة عليا ـ 1/7/2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق