الصفحات

11 يوليو 2013

مصير السعودية في عصر الثورات

 تجتاح عالمناالعربي انتفاضة شعبية عارمة بسبب غياب الديمقراطية وسياسة تكميم الأفواه، وبشأن السعودية فإنها لا تملك أية هيئة برلمانية منتخبة، ولا توجد في السعودية أحزاب سياسية أو برلمان، وأعضاء مجلس الشورى يعينهم الملك.


ورغم ان قراراته غير ملزمة إلا انه أصبح منتدى للحوار ومجلس الشورى لا يملك صلاحيات تشريعية او رقابية، وأمر العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز بإنشاء هيئة لمكافحة الفساد، وقد سعت الحكومة الى منح مواطنيها مرتبات اضافية وتوظيف بعضهم وتقديم بعض المساعدات الاجتماعية التي وصفها البعض بأنها مجرد اعادة توزيع للفائض بهدف شراء الولاء السياسي للمستفيدين منها.

والملاحظ أن المملكة لم تساند علنا الأحداث في البلاد العربية بل استقبلت الرئيس زين العابدين بن علي كما انها ابدت ترحيبها باستقبال الرئيس مبارك ولم تساند الانتفاضة في ليبيا ولم تعترف بالنظام الجديد بها إلا متأخرة، وعلماؤها يجرّمون الخروج على وليّ الامر بل وجوب اسداء النصح والتوجيه؟

لا شك أن الاحتجاجات شبه اليومية التي يقودها الشيعة في مملكة البحرين تشكل قلقا خاصا للرياض من ازدياد جرأة النشاط السياسي الشيعي في البحرين التي تعتبر الخاصرة الشرقية للسعودية، وهي متضايقة من تنامي النفوذ الإيراني في البحرين والخليج العربي عامة، وتخشى الاسرة الحاكمة أن تستخدم إيران نفوذها على الشيعة في البحرين فتعمل من أجل قلب ميزان القوى في منطقة الخليج العربي، وهو ما يعد تهديدا مباشرا للسعودية التي يشكل الشيعة 15 ‘ من مجموع سكانها.

المناطق الشرقية من المملكة تشهد مسيرات عارمة مطالبة بالإصلاح وإطلاق حرية الصحافة فاتهمت بالعمالة لإيران ومحاولة خلق فتنه بالبلد وجوبهت بعنف مطلق من جانب الحكومة ادى الى سقوط قتلى وجرحى. وتقول الحكومة السعودية ان ما يحدث في محافظة القطيف الشيعية في شرق المملكة ‘ارهاب جديد’ ستتصدى له السلطات مثلما تصدت لغيره من قبل وان خطب الجمعة ‘مسيسة’. ويتهم ابناء الطائفة الشيعية السلطات السعودية بممارسة التهميش بحقهم في الوظائف الادارية والعسكرية وخصوصا في المراتب العليا للدولة.

والسؤال الذي يتبادر الى الاذهان لماذا تساعد المملكة الشعب السوري ليمارس حريته بكل ديمقراطية؟ لا شك ان هناك عدة حسابات منها : توجيه ضربة الى التحالف الرئيس الذي يضم سورية، إيران وحكومة المالكي في العراق وحزب الله وضرب مواقع الشيعة في الشرق الاوسط، وكذلك تأجيل حدوث انفجار موجة السخط والتذمر التي نضجت بذورها في داخل البلاد نفسها وخاصة في المنطقة الشرقية.

وكتبت صحيفة ‘ الغارديان’ البريطانية تقول ان كافة الممهدات لزحف ‘الربيع العربي’ في المملكة العربية السعودية تبدو جلية للعيان، وتتمثل في أعمال القمع الواسعة النطاق التي تنفذها السلطات وتفشي الفساد والاعتقالات الجماعية للمواطنين وازدياد عدد السجناء السياسيين. وتخشى الاسرة الحاكمة البقاء وحيدة في مواجهة المعارضة لدى حرمانها من دعم واشنطن. ولهذا فإنها تعمل في خدمة مصالح الولايات المتحدة دون ان تدرك بأن هذا بالذات يقربها من النهاية المحتومة.

ان موقف واشنطن المتحفظ الحالي من المملكة العربية السعودية له دلالة بالغة جدا. والولايات المتحدة لن تدافع عن الرياض في حالة اندلاع حركات احتجاج جماعية فيها لأن فكرة ‘دمقرطة’ الشرق الاوسط قد ترسخت بثبات في رؤوس الاستراتيجيين الامريكيين. وفي الفترة الاخيرة كثر الحديث عن الخرائط الامريكية لإعادة ترسيم الحدود في الشرق الاوسط. وإذا ما وجدت خلافات في الرأي بهذا الصدد فأن جميع ‘صانعي الخرائط’ الاوروبيين يتفقون فيما يخص المملكة بأنه يجب ألا تبقى المملكة موحدة.

واقترح الامريكيان مايكل ديفي ورالف بيترس تقسيم المملكة العربية السعودية الى عدة دويلات. وبرأي ديفي فإن هذا يتيح ‘القضاء على الوهابية والتطرف الإسلامي وان تقسيم المملكة سيحطم احتكارها لتصدير النفط’ – ويركز مايكل ديفي الانتباه على هذا بالذات. ولا بد من الاصغاء الى ملاحظاته.

وتقول المصادر ان التغطية الاعلامية لتوجيه الامريكيين ضربتهم الى المملكة العربية السعودية جاهزة عمليا. فقد أعلن اثنان من اعضاء مجلس الشيوخ الامريكي في مارس عام 2012 عن احتمال تورط سلطات المملكة العربية السعودية في العمليات الارهابية في 11سبتمبرعام 2001 . وترتبط إفادات عضوي مجلس الشيوخ الامريكي السابقين بالدعوى التي أقامتها عوائل ضحايا العمليات الارهابية المذكورة منذ عام 2002 . وقد اقيمت الدعوى ضد حكومة المملكة العربية السعودية.

وينبغي الآن متابعة تطورات الوضع السياسي في المملكة العربية السعودية بإهتمام بالغ. وثمة إحساس بان أحداث الفصل القادم من دراما ‘ الشرق الاوسط الكبير’، التي يجب ان يتم فيها تغيير خارطة العالم لصالح الاوروبيين، يمكن ان تجري في القطيف. ان سياسة المملكة العربية السعودية التي لا تتسم بالحذر تقود الى تقريب هذه النهاية.

وحيث أن التغيير في سورية لم يتم حتى الآن رغم إمداد المعارضة بكافة أنواع الأسلحة فالأمر متوقف على الحكومة الإيرانية الجديدة التي إن رمت بثقلها وساعدت الشيعة في المنطقة التي هي على مرمى حجر من السعودية وتتحول إلى دويلات شيعية بامتياز.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق