16 مارس 2013

السعودية: هل كَسَبَ الإصلاح جولة في معركة "حسم"؟


 في ديسمبر 2003 تقدم 116 سعوديا ممن عرّفوا أنفسهم بـ"شركاء في الوطن" بعريضة عرفت باسم "الإصلاح الدستوري أولا"، طالبوا فيها بإجراء إصلاحات سياسية دستورية تسمح بهامش للمشاركة الشعبية في القرار السياسي.

كانت المجموعة تتشكل أساسا من علماء وأساتذة في الجامعة ومثقفين ورجال أعمال مهتمين بالشأن العام، تقدمهم ثلاثة: آكاديميان هما عبدالله الحامد ومتروك الفالح وشاعر هو علي الدميني.

وظن دعاة الإصلاح الثلاثة ومعهم من وقع على العريضة تلك أن رياح تلك المرحلة مؤاتية لمثل دعوتهم، وأن عليهم اغتنامها لأن العائلة الحاكمة سوف تستجيب، بطريقة أو بأخرى.

فقد كانت السعودية والمنطقة العربية برمتها تعيش ما وصف حينئذ بـ"الخضة التاريخية الثانية" والتي تمثلت في دخول القوات الدولية والأميركية العاصمة العراقية بغداد وإسقاطها نظام صدام حسين في 9 إبريل 2003، وبعدها تحول أول حاكم عربي إلى ملاحق ثم قبض عليه وتم عرضه أمام أنظار العالم في هيئة الهارب الخائف المرتبك – صورة الطاغية العربي كُسرت مرة واحدة وربما إلى الأبد يوم القبض على صدام حسين في 13 ديسمبر 2003 – يجب التذكير أن الخضة التاريخية الأولى التي ضربت العالم العربي تمثلت في غزو نابيلون لمصر عام 1798 وما نتج عنه من تحولات عميقة في منظومة العمل والتفكير.

لكن رد الحكم في السعودية على عريضة الإصلاح تلك كان باعتقال وسجن الثلاثة لنحو عامين قبل أن يطلق سراحهم بعفو ملكي بمناسبة تولي الملك عبدالله الحكم عام 2005.

وفي حين ركن الشاعر علي الدميني والآكاديمي متروك الفالح إلى الهدوء متابعين نشاطهما عبر الكتابة والتدوين و عبر الندوات والمنتديات الخاصة، فإن عبدالله الحامد واصل دعواته بذات الزخم والنشاط والصوت العالي، ما أعاده إلى السجن أكثر من مرة بعد الإفراج عنه في 2005 آخرها الحكم بسجنه 11 عاما في 9 مارس/آذار الحالي، فيما عرف بمحاكمة "حسم" مع رفيقه الآكاديمي محمد القحطاني.

"
حسم" هو الإسم المختصر لـ” جمعية الحقوق المدنية والسياسية السعودية" التي أسسها الحامد والقحطاني ومحمد البجادي، والأخير رهن السجن منذ أكثر من عامين ولذات الأسباب "الدعوة إلى التغيير والإصلاح".

فهل ستضعف هذه المحاكمة الأخيرة أصوات ودعوات الإصلاح في السعودية؟

الناشط الحقوقي السعودي وليد أبو الخير الذي حضر جسلة المحاكمة وصف تلقي الحامد والقحطاني النطق بالحكم بأن احتضن وهنأ كلا منهما الآخر.

أما عبدالله الحامد فقال قبل المحكمة إن " النهر يحفر مجراه"، في إشارة واضحة إلى أن دعوات الإصلاح في السعودية عرفت طريقها سُجن هو أم لم يسجن.

ويرى الكاتب السعودي عبدالله العودة أن الإصلاح كسب جولة في محاكمة "حسم"، فهو يعتبر أن هذه المحاكمة والمحاكمات التي سبقتها وانتهت أيضا بسجن ناشط مؤسس لـ"جمعية الحقوق المدنية والسياسية السعودية" محمد البجادي، هذه المحاكمات أخرجت دعوات ومطالب الإصلاح ومحاربة الفساد واحترام الحقوق والحريات في السعودية من دائرة النخب إلى فضاء المجتمع الواسع.

يقول العودة نجحت "حسم" والإصلاحيون الآخرون وكسبوا الجولة حين لم تعد "نخبة" تدير مجلسها الخاص بل قضية عامة.. وحينما ارتبطت مشاغلها بمشاغل الناس ووعيهم الفاعل، ونجحت حين تحدثت لغة الناس في موضوع المعتقلين وتبنت قضيتهم، وقدمت جهداً مهماً في محاولة رصد الانتهاكات الحقوقية والخروقات الإنسانية والنظامية التي تمارسها السلطة التنفيذية عبر سوء استغلال السلطة وممارسة الاعتقال التعسفي وحرمان المعتقلين من حق المحاكمة التي تتحقق فيها شروط العدالة والنزاهة والعلني".

وقد أطلقت ما عرف بـ"محاكمة حسم" موجة انتقاد حادة ضد السعودية ونظامها القضائي المتهم بالانحياز إلى السلطة التنفيذية وخصوصا وزارة الداخلية.

لكن هل تؤثر هذه الانتقادات على الحكومة السعودية وتدفعها إلى تغيير طريقة تعاملها الموصوفة بالأمنية مع دعاة الإصلاح ونشطاء حقوق الإنسان؟

من تابع مسلسل المحاكمات المستمرة ضد العشرات من دعاة التغيير والإصلاح في هذا البلد، بصرف النظر عن مرجعيات تلك الدعوات، ومن تابع مواقف المنظمات الحقوقية الدولية الناقدة والرافضة لتلك المحاكمات يعرف أن السلطات السعودية لا تكترث إلا نادرا.

ووصفت منظمة هيومن رايتش ووتش الحكم ضد الحامد والقحطاني بـ"القاسي"، وطالبت السلطات بإسقاطه والإفراج عنهما، فيما وصفت منظمة العفو الدولية تلك الأحكام بـ"وصمة أخرى تلطخ سجل البلد في مجال التعامل مع حرية التعبير عن الرأي والافتئات عليها"، واعتبرت المنظمة الناشطيْن "من سجناء الرأي".
أما مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، فقد اعتبر ما يحدث في السعودية وثلاث دول خليجية أخرى هي البحرين والإمارات وعُمان، من ملاحقات أمنية ضد نشطاء حقوق الإنسان بـ"الإنتقام بعيدا عن عيون العالم".

وقال المركز في تقرير صدر في 12 مارس/آذار الجاري إن ما يحدث يشكل "ضربًا من أعمال الإرهاب أو الإنتقام الممنهجة ضد الأفراد والجماعات المتعاونين –أو الذين يسعون إلى التعاون– مع الأمم المتحدة وممثليها وآلياتها في مجال حقوق الإنسان، من قبل حكومات الدول الأربع".

ووفقا لعدد من المحللين، فإن ثورات الربيع العربي التي أسقطت أنظمة عربية عديدة وغيرت الخريطة السياسية وخطوط التحالفات، أصابت حكومات الخليج الملكية بالهلع، ما جعلها تسارع إلى إعلان " ثورة مضادة" حسب وصف الكاتب والمحلل السياسي سعد محيو.

فماهو المطلوب إذن لخلق بيئة آمنة لدعاة الإصلاح في السعودية ودول الخليج الأخرى؟
وهل يجب على المجتمع المدني الدولي التدخل لتوفير الحماية لهؤلاء النشطاء الذين يتعرضون للملاحقات الأمنية والقضائية والتضييق الاقتصادي والاجتماعي، وكيف؟

هناك تعليق واحد:

  1. http://manhole1.blogspot.com

    شبكة قنوات المناهل ... صوت الشعوب المظلومة والمضطهدة في شبة الجزيرة العربية المحتلة من قبل عصابه آل سعود

    نضم صوتنا الى صوتك لنكون طوفان يجرف النظام الارهابي السعودي

    ردحذف