4 يونيو 2014

هكذا فضحت بنات الملك السعودي "والدهن"!

وصل حد طغيان الملك السعودي إلىممارسة أشد أنواع البطش بحق بناته من لحمه ودمه وإخضاعهن للإقامة الجبرية منذ أكثر من 10 سنوات، وحرمانهن من أمهم.


وقد فجرت أربع أميرات من بنات الملك مفاجأة بتوجيه فيديو الى محطة بريطانية عبر برنامج "سكايب" يحكين من خلالها معاناتهنّ وأنهن يخضعن للإقامة الجبرية بالسعودية منذ 10 سنوات.

ووفقا للتقرير الذي بثته قناة "4NEWS" البريطانية، وصفت الأميرات السعوديات بنات الملك حالهنّ بالمزري، فيما قامت إحداهن بتصوير لقطات فيديو للباب المغلق من الخارج لمكان لمكان احتجازهن ، وقالت الأميرات إنّهن لم يرين أحداً منذ سنوات.

وكانت الأميرة العنود "الزوجة السابقة للملك السعوديّ عبد الله بن عبد العزيز، والمقيمة في لندن منذ فترة كلاجئة سياسية"، ناشدت الجمعة، الرئيس الأميركيّ باراك أوباما بالتدخّل لإطلاق سراح بناتها الأربع، المحتجزات منذ ما يقارب عشر سنوات من قبل والدهنّ، الملك عبدالله، مع حرمانهنّ من الحصول على الهوية حتى الآن، مشيرة إلى أنّ بناتها يتناولن وجبة غذائيّة واحدة باليوم!

وطالبت زوجة الملك السابقة ، المجتمع الدولي مرات عديدة للتأثير على الوضع ولكن توسلاتها لم تلاق اذانا صاغية. في المقابل، تقول الحكومة أن الأميرات يعشن بحرية تامة ويستطعن الخروج في أي وقت يردن ولكن برفقة الحرس.

وأكّدت الأميرة العنود إنّ بناتها الأربع سحر، ومهى، وهلا، وجواهر محتجزات بالقوّة، قائلة إنّهنّ "يحتجن إلى المساعدة ولإطلاق سراحهن فوراً وعلى أوباما أن يلقي الضوء على هذه القضيّة، للوقوف على هذه التجاوزات ضدّ بناتي" -- على حدّ تعبيرها.
وكانت العنود قد أطلقت حملة تحت شعار #FreeThe4 لتحقيق هذه الغاية؛ فيما رأى مراقبون ان الإحتجاج امام السفارة السعودية ومن قبل زوجة الملك السابقة، يحرج العائلة المالكة، والملك عبدالله شخصياً، الذي يحب ان ينظر اليه في الغرب كنصير للمرأة ومدافعاً عن حقوقها؛ كما يكشف الإحتجاج عن خروج الصراعات الداخلية الى السطح بسبب تعنّت الأمراء واستهتارهم بحقوق المواطنين، حتى وصل الأمر الى العائلة المالكة نفسها.

ورداً علی سؤال حول المسؤول عن حالهن تؤکد إحدى الأميرات أن أبوهن الملك عبدالله بالتأكيد هو المسؤول عن ذلك.

وفي جانب آخر، من اللقاء أشرن الى أنهن يعانين من الحرمان حتى في المشرب والمأكل؛ وتم منعهن من مقابلة أي شخص ، معتبرات أنفسهن ضمن عداد النساء اللواتي يتعرضن للحرمان في السعودية؛ وتساءلن إن كان الملك يفعل ببناته هكذا فما حال الآخرين؟.

ولم تحصل بنات الملك السعودي على الغذاء والماء طوال شهرين من بقائهن تحت الاقامة الجبرية بأمر من الملك نفسه بسبب دفاعهن عن حقوق المرأة في البلاد.

وعادت وتحدثت الشقيقتان سحر وجواهر لقناة روسيا اليوم "RT" انهن أربع أميرات سعوديات يحتجزهن والدهن، الملك عبدالله بن عبدالعزيز ضد ارادتهن كما أن الأميرتين أكدتا أن شقيقتيهما هالة، 39 عاماً، ومها، 41 عاماً، محتجزتان كذلك لكن في قصرين منفصلين، وأكدتا أن هالة تعاني من مشاكل عقلية خطيرة بسبب الجوع وعدم التعرض لأشعة الشمس.

وضعت الأخوات تحت الإقامة الجبرية عام 2002. وقد استطعن لاحقا تسريب معلومات للصحافة الأجنبية بأن والدهن الملك اخذ منهن جوازات السفر وبايعاز منه كانوا يضعون لهن المواد المخدرة في الطعام والماء لاضعاف ارادتهن.

الملك عبد الله ـ باعتباره أعلى سلطة في المملكة وولي أمر زوجاته وبناته غير المتزوجات ـ بحاجة إلى اتخاذ خطوات جدية، عليه أن يضع نهاية للوصاية الذكورية على النساء وأي شيء دون ذلك سيكون مجرد مسكنات في أحسن الأحوال، أو في الأسوأ: محاولة لإخفاء حقيقة أن السعودية لا تزال تمارس التمييز المنهجي في سياستها وطغيانها، فإذا كانت سلطة العائلة المالكة تعامل أفراد من العائلة بهكذا قسوة، فكيف ستكون طريقة تعاملها مع باقي المواطنين؟

30 مايو 2014

تقويض العصبة السديرية.. تعبيد المُلك لمتعب

بدت تتضح تدريجاًمعالم اللعبة التي كان يديرها الملك عبدالله من خلال نقل المواقع وتوزيعها وإزاحتها، تارة بجهد فردي وطوراً بالتعاون مع ملك الموت الذي غيّب الخصوم الكبار، بدءاً من الملك فهد وتالياً سلطان وأخيراً نايف.
في 7 تموز/ يوليو 2011، صدر أمر ملكي بتعيين سلمان بن سلطان مساعداً لأمين عام مجلس الأمن الوطني للشؤون الأمنية والاستخبارية بالمرتبة الممتازة. وفي 7 آب 2013، صدر أمر ملكي بتعيين سلمان بن سلطان نائباً لوزير الدفاع خلفاً للأمير فهد بن عبدالله بن محمد بن عبدالرحمن آل سعود. وقد أعفي سلمان بن سلطان من منصبه كمساعد للأمين العام لمجلس الأمن الوطني. وعمل سلمان بن سلطان في السفارة السعودية في واشنطن، وهذا ما جعله مقرّباً من بندر بن سلطان الذي خصّه بالاهتمام والتفاوض بخصوص المناصب الممنوحة لآل سلطان.
وثمة من يرى في تعيين سلمان بن سلطان في هذا المنصب بمثابة ترضية لأخواله العجمان المتحالفين مع جناح الملك عبدالله. ونشير هنا أيضاً الى الدور الذي لعبه سلمان بن سلطان في إدارة الملف السوري، حيث كان يتولى الى جانب أخيه غير الشقيق بندر بن سلطان، رئيس الاستخبارات العامة السابق، تسيير شؤون النزاع المسلّح الدائر في سوريا وتقديم كل أشكال الدعم للجماعات المسلّحة.
وفي 22 تموز 2011، صدر أمر ملكي بتعيين عبدالعزيز بن عبدالله، ابن الملك، نائباً لوزير الخارجية بمرتبة وزير، ويعدّ ذلك قراراً جريئاً سوف يمهد لوصول ابن الملك الى وزارة سيادية أخرى الى جانب الحرس الوطني.
وبعد غياب طويل نسبياً عن المشهد السياسي، ظهر بندر بن سلطان بصحبة مدير وكالة الاستخبارات المركزية سي آي إيه ديفيد بترايوس، وكانا في لقاء مع الملك عبدالله في جدة، حيث صدر بعد يومين من اللقاء قرار في 20 تموز 2012 بإعفاء مقرن بن عبدالعزيز رئيس الاستخبارات العامة، وتعيين بندر بديلاً منه إضافة الى منصبه أميناً عاماً لمجلس الأمن الوطني بمرتبة وزير، وتعيين مقرن مستشاراً ومبعوثاً خاصاً للملك، بمرتبة وزير.
وفي حدث مفاجئ، لم يكن أي من أجنحة العائلة المالكة يتوقعه، توفي نايف في جنيف، خلال رحلة الاستجمام السنوية التي كان يقوم بها ويتخللها كشف طبي روتيني. وبحسب مقطع فيديو قبل أيام من وفاته، كان يتناول إبرة نووية للكشف عن أي عوارض صحية غير مرئية في الفحوصات الروتينية الاعتيادية. وكان يظهر في الصورة وهو في حال صحية جيدة، حتى إن مصدراً رسمياً أعلن قبل أيام من وفاته أن نايف استقبل في جنيف عدداً من المسؤولين السعوديين من بينهم وزير العمل عادل فقيه، ولكنّ انتكاسة مفاجئة تعرّض لها أدّت الى وفاته.
وفي 16 حزيران 2012، أعلن الديوان الملكي وفاته (في الخارج)، وفي 18 منه، أي بعد يومين من وفاة نايف، صدر أمر ملكي بتعيين سلمان بن عبدالعزيز ولياً للعهد، وأحمد بن عبد العزيز وزيراً للداخلية.
وفي اليوم نفسه، صدر أمر ملكي بتغيير اسم وزارة الدفاع والطيران والمفتشية العامة ليصبح وزارة الدفاع فقط، وعيّن فهد بن عبدالله رئيساً للهيئة العامة للطيران المدني والدكتور الصقير نائباً. ويأتي هذا القرار في سياق نقل مهمات ومسؤوليات الطيران المدني من وزارة الدفاع الى الهيئة العامة للطيران المدني، وأعيد تشكيل مجلس إدارة الهيئة العامة للطيران المدني تبعاً لهذا التغيير، وينقل تبعاً لذلك الموظفون العاملون في هذا المجال والممتلكات والوثائق والمخصصات والاعتمادات المالية المتعلقة بذلك. وتقرر تشكيل لجنة من وزارة الخدمة المدنية ووزارة المالية، بالاشتراك مع وزارة الدفاع والهيئة العامة للطيران المدني، لوضع خطة تنفيذية لتحقيق عملية الانتقال في مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر.
وفي واقع الأمر، إن القرار ينطوي على نيّة تقليص سلطة وزير الدفاع، من الجناح السديري، في قطاع حيوي لطالما جرى التحّكم فيه والاستفادة منه الى حدّ التحكم في حركة الطيران المدني بكل تفاصيلها. ما يجدر ذكره أن الأمر الملكي نصّ على أن المؤسسة العامة للخطوط العربية السعودية ترتبط تنظيمياً برئيس مجلس الوزراء، أي بالملك، وهذا يعني انتزاع الأخير جزءاً من صلاحيات خصومه، ومن وزارة الدفاع المنافس النوعي للحرس الوطني.
وفي اليوم نفسه صدر أمر ملكي بتعيين فهد بن عبدالله بن محمد آل سعود رئيساً للهيئة العامة للطيران المدني بمرتبة وزير وتعيين الدكتور فيصل بن حمد الصقير نائباً لرئيس الهيئة العامة للطيران المدني بالمرتبة الممتازة. ومن اللافت أن فهد ليس من أبناء ولا أحفاد عبدالعزيز. وفي اليوم نفسه أيضاً أعفي سلمان بن عبد العزيز من منصبه أميراً على الرياض، وعيّن بدلاً منه سطام بن عبدالعزيز ومحمد بن سعد بن عبدالعزيز نائباً له بمرتبة وزير، وهذا يعتبر أول خروج للجناح السديري من إمارة الرياض.
ومن بين الأوامر الملكية التي أعلن عنها في اليوم نفسه، إعفاء عبد العزيز بن فهد من منصب رئيس ديوان مجلس الوزراء وضم ديوان رئاسة مجلس الوزراء الى الديوان الملكي برئاسة مستشار الملك الشيخ خالد التويجري.
وفي 5 تشرين الثاني 2012، صدر أمر ملكي بإعفاء أحمد بن عبدالعزيز من منصبه "بناءً على طلبه" وتعيين محمد بن نايف بدلاً منه. وجاء في الأمر الملكي"بناءً على ما رفعه لنا سموّ وزير الداخلية بكتابه المؤرخ في 20/12/1433هـ بطلب إعفائه من منصبه" أمر الملك بأن:
أولاً: يُعفى صاحب السمو الملكي أحمد بن عبدالعزيز وزير الداخلية من منصبه بناءً على طلبه.
ثانياً: يُعيّن صاحب السموّ الملكي محمد بن نايف بن عبدالعزيز وزيراً للداخلية.
ولفتت مصادر مقرّبة من أحمد إلى أن سوء فهم وراء قرار الإعفاء. ونقلت صحيفة "القدس العربي" في 14 تشرين الثاني 2012 عن أحد المقربين من أحمد بن عبدالعزيز وزير الداخلية السعودي السابق أنه لم يطلب مطلقاً الإعفاء، وأن سوء فهم أدى الى إقدام الملك عبدالله على اتخاذ قراره بعزله. وروى المصدر أن مسؤولاً في الديوان الملكي طلب من أحمد أن يعيد هيكلة وزارة الداخلية وإقامة ثلاثة هياكل هي الأمنية والمالية وشؤون القبائل وشؤون الحج، فردّ بأنه مستعد ولكن بعد انتهاء موسم الحج واستقرار الأوضاع، ولكن مسؤول الديوان قال له إن الامر مستعجل ولا بد من التنفيذ، فردّ أحمد بأنه يريد إعفاءه من مسؤولية اتخاذ القرار، قاصداً أنه يريد أن يأتي الأمر من الملك، ولكن قيل للملك إن أحمد يريد إعفاءه من وزارة الداخلية برمتها، الأمر الذي دفع بالملك الى أن يعفيه تلبية لرغبته. وعبّر أحمد عن اعتراضه على قرار الإعفاء بالاعتكاف في منزله في الرياض.
مهما تكن خلفية قرار الإعفاء، إلا أن ذلك لا يغيّر من حقيقة كون الملك عبدالله يميل الى تحجيم سلطة الجناح السديري، وأن إعفاء أحمد سواء فهم بصورة صحيحة أو خاطئة فإنه يلتقى مع الهدف الذي عمل الملك على تحقيقه منذ اعتلائه العرش.
في سياق خطة تشتيت الجناح السديري، كان الملك يتحيّن الفرصة المناسبة لإعفاء أو إقالة أعضاء هذا الجناح واستبدالهم بآخرين من خارجه أو ضمن صفقة ما مع أحد من أمراء هذا الجناح.
وفي 21 نيسان 2013 صدر أمر ملكي بإعفاء خالد بن سلطان بن عبدالعزيز نائب وزير الدفاع من منصبه، وتعيين فهد بن عبدالله بن محمد بن عبدالرحمن آل سعود نائباً لوزير الدفاع بمرتبة وزير. والأخير كان يتولى رئاسة الهيئة العامة للطيران المدني. ويأتي قرار إعفاء خالد بن سلطان بعد نحو سنة ونصف على تعيينه في هذا المنصب.
وقد لفت الأمر الملكي الى عبارة "وبناءً على ما عرضه علينا وليّ العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع كتابة" في إشارة فهم منها أن ثمة خلافات بين سلمان وابن أخيه خالد بن سلطان في العلاقة التراتبية داخل وزارة الدفاع، ما رجّح احتمال أن يكون الإعفاء بطلب من سلمان. وقد شعر خالد بن سلطان بأن ثمة استهدافاً له شخصياً بعد تعيين أبناء عمومته في مناصب عليا، مثل تعيين محمد بن نايف وزيراً للداخلية، ومتعب بن عبدالله وزيراً للحرس الوطني، ومنصور بن متعب بن عبد العزي في منصب وزير الشؤون البلدية والقروية.
وفي 22 كانون أول 2013، صدر أمر ملكي بإعفاء خالد الفيصل، أمير منطقة مكة، من منصبه وتعيينه وزيراً للتربية والتعليم خلفاً لفيصل بن عبدالله بن محمد آل سعود، الذي أعفي من منصبه "بناءً على طلبه"، وصدر أمر ملكي بإعفاء مشعل بن عبدالله بن عبد العزيز من منصبه كأمير لمنطقة نجران، وتعيينه أميراً لمنطقة مكة بمرتبة وزير، وبذلك يكون الملك قد وضع يده على العاصمة الدينية للمملكة.
وفي 14 كانون الثاني 2013، صدر أمران ملكيان، الأول يقضي بإعفاء محمد بن فهد أمير المنطقة الشرقية من منصبه "بناءً على طلبه" وتعيين سعود بن نايف بديلاً منه، وصدر أمر ملكي آخر بإعفاء عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز، أمير منطقة المدينة المنورة من منصبه "بناءً على طلبه" وتعيين فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز بديلاً منه.
وهنا يبدأ فصل جديد في تقاسم السلطة بين الملك والجناح السديري، حيث جرت صفقة بينه وبين أخيه سلمان. وكانت أهم لعبة خاضها الملك في صراعه مع الجناح السديري هي في تعبيد الطريق لنجله الأكبر متعب كي يصل الى العرش من خلال تحويل مؤسسة الحرس الوطني الى وزارة.
وداع بندر
في ضربة مباغتة، أصدر الملك عبدالله أمراً ملكياً في 15 نيسان 2014 بإعفاء بندر بن سلطان من رئاسة الاستخبارات العامة "بناءً على طلبه"، وتكليف الفريق أول ركن يوسف بن علي الإدريسي نائب رئيس الاستخبارات العامة بمهمات رئاسة الاستخبارات العامة.
وفي 25 نيسان 2014، صدر أمر ملكي بتعيين محمد بن سلمان وزير دولة وعضواً في مجلس الوزراء، وإعفاء عبدالعزيز بن فهد بن عبدالعزيز وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء من منصبه "بناءً على طلبه". وبقرار الإعفاء هذا، يكون آل فهد بالكامل خارج معادلة السلطة.
وتمثّلت أهم خطوة معبّرة قام بها الملك عبدالله، في إعلان الديوان الملكي "مبايعة مقرن ولياً لولي العهد أو ملكاً في حال خلوّ منصبي الملك وولي العهد في وقت واحد". وأضاف: "ولا يجوز بأي حال من الأحوال تعديله، أو تبديله، بأي صورة كانت من أي شخص كائناً من كان، أو تسبيب، أو تأويل، لما جاء في الوثيقة الموقّعة منا ومن أخينا سموّ ولي العهد رقم 19155 وتاريخ 19/ 5/ 1435هـ وما جاء في محضر هيئة البيعة رقم 1/ هـ ب وتاريخ 26/ 5/ 1435هـ المؤيد لاختيارنا واختيار سموّ وليّ العهد لصاحب السموّ الملكي مقرن بن عبدالعزيز بأغلبية كبيرة تجاوزت ثلاثة أرباع عدد أعضاء هيئة البيعة."
وبخلاف الأعراف المعمول بها في المملكة في تعيين النائب الثاني، استحدث البيان عنواناً جديداً وهو "وليّ وليّ العهد" مبقياً على منصب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، ما يشي بخلاف داخل العائلة المالكة حول منصب ولي العهد بعد تولّي سلمان العرش، رغم أن هذا المنصب من اختصاص هيئة البيعة التي أنشأها الملك في عام 2005 لتفادي استحقاق منصب النائب الثاني.
ما يلفت في البيان أن "منصب وليّ وليّ العهد" ليس مفتوحاً ولا يأخذ مسمى القانون أو المرسوم الملكي الثابت، ولكنه يقتصر على الحالتين المشار إليهما في البيان. وينطوي الأمر الملكي على لفتتين على درجة خطيرة من الأهمية: الأولى، أن الأمر الملكي يمنع الملك القادم من أي تغيير، بما يجعل مقرن بن عبد العزيز ولي العهد القادم بصورة ملزمة في حال موت الملك، والثانية، أن صلاحية الأمر الملكي تقتصر على عهد الملك عبدالله فحسب، ولا تمنح الملك القادم سلطة مماثلة. بيد أن النظام الأساسي يمنح الملك سلطة مطلقة في تعيين وإعفاء من يشاء من الأمراء مع مراعاة الأعراف المعمول بها في العائلة في عدم المساس بمنصب وليّ العهد.
وفي 14 أيار الجاري، استكمل الملك عبدالله خطة تقويض جناح سلطان بعد إعفاء نائب وزير الدفاع سلمان بن سلطان من منصبه "بناءً على طلبه"، وبذلك يكون آل فهد وآل سلطان خارج معادلة السلطة بصورة نهائية. نشير الى أن إعفاء سلمان بن سلطان كان متوقعاً بعد إعفاء أخيه بندر بن سلطان، رئيس الاستخبارات العامة السابق، وكلاهما اضطلعا بإدارة الملف السوري، وبعد صدور الأمر الملكي في 3 شباط الماضي بتجريم المقاتلين السعوديين المدنيين والعسكريين في الخارج، بات من الضروري استبعاد الشخصيات المعنيّة بإدارة المرحلة السابقة. ما لم يكن متوقعاً هو تعيين خالد بن بندر بن عبدالعزيز، أمير الرياض السابق، الذي أعفي من منصبه لمصلحة نجل الملك، تركي بن عبدالله. ومن الواضح أن تعيين خالد بن بندر في منصب نائب وزير الدفاع ينطوي على رسالة موجّهة الى سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد ووزير الدفاع، والذي لو قدّر له أن يختار بديلاً فلن يكون سوى أحد أبنائه، وليكون محمد بن سلمان، الذي عيّن وزير دولة بدلاً من عبدالعزيز بن فهد. ثم إنه بتعيين تركي بن عبدالله أميراً على الرياض، يكون الملك قد هيمن على العاصمة السياسية للمملكة.
ونلحظ في ضوء الأوامر الملكية منذ اعتلاء الملك عبدالله العرش في صيف 2005 حتى اليوم أن عملية تفتيت منظمة لقوة الجناح السديري توّجت بتعيين مقرن وليّاً لوليّ العهد، ما يمهّد لوصول ابن الملك، أي متعب، الى العرش، وبالتالي سوف تكون للسديريين فرصة وحيدة لاعتلاء العرش، وهي من نصيب سلمان، في حال بقائه على قيد الحياة، ثم تكون في الاجنحة الأخرى التي قد تقوّض في المرحلة المقبلة احتمالات وصول السديريين الى العرش.

الحرس الملكي وزارة
بدأت قصة تعبيد طريق الملك لمتعب بتقديم نائب رئيس الحرس الوطني بدر بن عبدالعزيز طلب إعفاء من منصبه. وكتب في 17 تشرين الثاني 2010 خطاباً الى الملك جاء فيه: أخي وشقيقي وسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.. سيدي: تعلمون ــ حفظكم الله ــ بأنني أفنيت عمري طاعة لله ثم لكم، خدمة لديني ثم مليكي ووطني. وإنني تشرفت بأن أكون ساعدك الأيمن في رئاسة الحرس الوطني، وهو شرف اعتز وأفخر به، فبالله ثم بكم وبمكارم أخلاقكم وقيادتكم الحكيمة ــ يا سيدي ــ سرت على نهجكم طوال فترة عملي كنائب لكم في الحرس الوطني، وأرجو الله أن أكون قد أدّيتُ عملي بما يرضي الله ثم مقامكم الكريم، فإن أصبتُ فمن الله ــ جل جلاله ــ وإن أخطأت فمن نفسي. واليوم يا سيدي ــ حفظكم الله ــ وبكل الحب الذي يجمعنا، استعطف مقامكم الكريم إعفائي من منصبي لظروفي الصحية التي تعلمونها. ولتعلم يا سيدي وشقيقي ومليكي بأنني خادمك بالأمس وخادمك اليوم ما حييت.
وفي اليوم نفسه صدر أمر ملكي ينص على:
أولاً: يعفى بدر بن عبدالعزيز آل سعود نائب رئيس الحرس الوطني من منصبه "بناءً على طلب سموّه." ثانياً: يعيّن متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وزير دولة وعضواً في مجلس الوزراء ورئيساً للحرس الوطني.
كانت تلك الخطوة التمهيدية الأولى، التي أعقبتها الخطوة الكبرى في 27 أيار/ مايو 2013 حين أصدر الملك أمراً ملكياً بتحويل رئاسة الحرس الوطني الى وزارة باسم "وزارة الحرس الوطني"، وأن رئيس الحرس الوطني، أي متعب بن عبدالله، يصبح وزير الحرس الوطني

7 فبراير 2014

حسم تطالب النظام السعودي بتحمل مسؤولياته تجاه الشعب والوطن وتغليب المصلحة العامة

بسم الله الرحمن الرحيم
حسم تطالب النظام السعودي بتحمل مسؤولياته تجاه الشعب والوطن وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الضيقة للأسرة الحاكمة
الرياض, المملكة العربية السعودية
الاثنين 26 ربيع الأول 1435هـ , 27 يناير 2014م
طالعتنا قبل أيام إحدى القنوات التي أنشئت بأموال الشعب لتضليله محاولة تبرئة النظام السعودي من خروج الشباب السعودي للقتال في الخارج محملة المجتمع وحده المسئولية وزجت بأسماء رجال دين عرف عن بعضهم عدم تأييده لخروج الشباب للقتال في الخارج منذ حرب أفغانستان حين كان النظام يزج بشبابنا علناً وبشكل منظم في حروب الوكالة, وبعضهم عرف عنه قربه من النظام وبعض الأمراء.
والحقيقة أن النظام السعودي هو الذي يتحمل المسئولية الكبرى, فنحن تحت سلطة مطلقة تتحكم في كل شيء في البلد, وهي التي صاغت التعليم وثقافة المجتمع وفرضت عليه آيدلوجيتها المتطرفة والاقصائية وبالتالي حتى الأشخاص الذين تتهمهم السلطة بالتشدد هم نتاج مدرستها, وخلافها معهم ليس لتشددهم ولكن لأنهم وجهوا تشددهم تجاه السلطة وليس تجاه المجتمع فقط كما أراد النظام, إن الخلل ليس في المجتمع وإنما في النظام السياسي المستبد, وإذا أراد صناع القرار في النظام السعودي أن يعرفوا من هو المسئول المباشر عن جميع مشاكل الدولة والمجتمع فعليهم الوقوف أمام المرآة ليعرفوا, فالنظام في بلادنا ليس لديه مشروع ومشروعه الوحيد هو الاستئثار بالسلطة والثروة من دون الشعب وتبعيته للأجنبي واعتماده على حمايته بدلا من أن يكون النظام مستمدا شرعيته وبقاءه نابعا من إرادة شعبية.


ونتيجة لذلك ارتبطت سياسات النظام الداخلية والخارجية بالسياسات والمصالح الغربية و رهن ثروة البلاد ومقدراتها لتلك المصالح وبالتالي عدو الغرب هو عدونا, فمرة القومية العربية ومرة الشيوعية ومرة الإيرانيون ومرة الإخوان المسلمون, وكل حقبة زمنية يفرض النظام السعودي على المجتمع آيدلوجية معينة, ففي الستينيات فرض النظام على المجتمع أدبيات الإخوان المسلمين ووصفهم بأنهم مجاهدون, لصد المد الناصري (القومية/ اشتراكية عربية) وحينما اعتنق شريحة من المجتمع هذا الفكر يأتي الأمير نايف ليقول: "إن مشكلاتنا وإفرازاتنا كلها وسمّها كما شئت جاءت من الإخوان المسلمين", وفي الثمانينيات في ذروة الحرب الباردة فرض النظام على الشعب خطابا دينيا متشددا يحارب التسامح والتعددية ويعتمد العنف ويعادي معطيات العصر, ولم يكتف بفرض هذا الخطاب في الداخل بل دفع أموالاً هائلة لتصديره للعالم الإسلامي, واليوم نرى نتاج هذا الخطاب المدمر في جنوب آسيا وأثره التدميري في إعاقة تقدم الثورات العربية نحو أهدافها, ولم يكتف النظام بأدلجة المجتمع في الثمانينيات بل قام بإرسال شبابنا للمشاركة في حروب بالوكالة أثناء الحرب الباردة وعندما عادوا استقبلهم بالسجون والتعذيب, فكانت المعتقلات والقمع السياسي بيئة خصبة لولادة التطرف والعنف, وبعد الحادي عشر من سبتمبر حاول النظام فرض لبرالية ممسوخة على المجتمع لكنه بعد الربيع العربي عاد إلى أصوله المتطرفة.
وهكذا في كل فترة زمنية يفرض النظام آيدلوجية معينة على المجتمع حتى يعتنقها شريحة كبيرة ثم إذا نفذت مصالحه واستنفذ الغرض منها انقلب على تلك الشريحة وقدم نفسه للمجتمع مخلصاً منها وطلب من الذين نجو من أدلجته مساعدته في القضاء على الشريحة التي صنعها, فلم يترك النظام المجتمع لينمو نمواً طبيعياً في جو حر تولد فيه الأفكار والتيارات وتتحاور وتتدافع سلمياً وضمن تكافؤ الفرص.
وفي العقد الأخير اعتمد النظام سياسة مزدوجة ظاهرة وسرية, فظاهرا يعلن أنه ضد خروج الشباب للقتال في الخارج ويعتقل جزءاً ممن أراد الخروج وبعض من أفتاهم, ليظهر للغرب أنه يحارب الإرهاب, وسرا يتساهل ويتغاضى عن خروج جزء منهم لمواطن القتال للخلاص منهم ولاستخدامهم سياسياً ضد بعض دول الجوار, وليربكوا المقاومة والثوار فيها وقد شارك في ذلك علماء دين رسميون, حيث تسرب تسجيل صوتي لأحد المشائخ الرسميين يحث فيه الشباب للخروج للقتال في العراق والتبرع بالمال وهذا الشيخ الرسمي ارتبط بالنظام منذ أكثر من أربعة عقود ولا يمكن أن يتصرف دون ضوء أخضر من النظام, وقد نشر ذلك التسريب في أحد القنوات الأمريكية.
وأيضا سهل خروج بعض الشباب الذين كانوا يتظاهرون للمطالبة بمحاكمة ذويهم المعتقلين إلى سوريا للخلاص منهم ووقف المظاهرات, فقد كان بعضهم صغير السن ومراقبة هواتفهم وأماكن إقامتهم ومع ذلك خرجوا بسهولة, وقال أحد المحققون لوالدة ذلك الشاب "إذا كنت تحبين الجهاد لماذا لا تخرجين ابنك للجهاد" كما روت. كما أن أحد القضاة حرض تسعة عشر شاباً من المتظاهرين عندما أحضروا أمامه للمحاكمة وبالفعل خرج بعضهم بسهولة وقتل بعض من خرج منهم في سوريا.
إن التطرف والعنف بضاعة النظام القمعي السعودي ردت إليه, فهو استخدم الدين في معاركه السياسية, ولا يتوانى عن التكفير بالجملة, ففي الثمانينيات دعم نظام البعث العراقي ماديا ومعنويا وفي التسعينيات كفره, ويحاكم دعاة حقوق الإنسان والإصلاح السياسي السلمي ويطعن في دينهم ويعتبرهم خوارج, وخطابه الديني الرسمي المفروض على المجتمع إقصائي يرفض التسامح والتعددية ويحرم معطيات العصر كالدستور والمواطنة والمشاركة الشعبية والمجتمع المدني والبرلمان, وأوجد بيئة خصبة للتطرف والغلو والعنف والتكفير, ولم يكتف بذلك بل صدره للعالم الإسلامي, متناسياً أن الغلو والتطرف والعنف وفّي لمنهجه وليس لمن أنتجه وأنك مهما صدرته لتمزيق نسيج مجتمعات متسامحة أو إفشال الثورات فإن العنف والتطرف يعود لمنابعه أكثر غلواً وتعصباًكما ينقل الصحفي سيمور هيرش في تقرير له عن بندر بن سلطان قوله للبيت الأبيض: "نحن من صنعنا هذه الحركات، ونحن من يمكنه السيطرة عليها, إن المسألة لا تتعلق بأننا لا نريد من الأصوليين أن يقذفوا القنابل وإنما تتعلق بمن نريد إصابتهم بتلك القنابل".
إن الخطاب الديني الرسمي للنظام وسياساته القمعية ودخوله في حروب الوكالة وزجه بشبابنا في المحرقة هو أساس المشكلة فعلى النظام أن يتحمل المسئولية ويعترف بخطئه وكوارثه ويعتذر للشعب, لأن الاعتراف بالخطأ هو بداية الحل للمشكلة, لتبدأ رحلة البحث عن حل بمشاركة شعبية.
واستمرت إخفاقات النظام السعودي في كافة المجالات على الرغم من الوفرة النقدية التي تدفقت على البلاد نتيجة ارتفاع أسعار النفط , فالخدمات التعليمية والصحية وغيرها متدهورة وكل يوم نرى في المواقع الإلكترونية مواطنين يطلبون الحصول على سرير لمرضاهم خصوصاً في المناطق النائية, ووصل الأمر بإحدى المواطنات للطلب في أحد الفضائيات من أمير خليجي مساعدتها في العلاج, والبنية التحتية متهالكة تغرق المدن أثناء المطر, وأزمة الإسكان الحادة التي تشهدها البلاد وهي ناشئة من احتكار كبار الأمراء والمتنفذين لمئات الملايين من الأمتار في مدن مختلفة من البلاد, والبطالة المرتفعة بين الذكور والإناث خاصة فئة الشباب, وفضائح الفساد التي يتورط فيها الأمراء وتنقلها وسائل الإعلام العالمية كتورط أحد كبار الأمراء وأبنه في غسيل الأموال, حيث قال الابن لشريكه في محادثة هاتفية: "أنت عليك التنفيذ نحن نتعامل مع من نريد التعامل معه، سواء كان ذلك حزب الله أو المافيا أو حتى اليهود", ويعيث بعض رجال الأعمال الفاسدين بالاقتصاد الوطني ويعرضونه للمخاطر ويتم التغاضي عنهمفي جلسة استماع عن غسيل الأموال في الكونجرس الأمريكي نقلت إعلاميا، تحدث مسئول أمريكي عن تورط رجل أعمال سعودي في قضية غسيل أموال منذ الحادي عشر من سبتمبر بلغ مجموعها تريليون دولار.
وسيطرة الأمراء على مفاصل الاقتصاد الوطني واحتكار المناقصات الحكومية, ورغم مرور أكثر من ثمانون عاماً على التأسيس لا تزال بلادنا بدون دستور وبدون مؤسسات فلا مجلس نواب ولا مجتمع مدني ولا قضاء مستقل وقوي, وتدار البلاد من خلال أشخاص معدودين مرهونة البلد بمزاجيتهم, دون أن يكون لهم مشروع واستراتيجية واضحة, فهل يستطيع أحد صناع القرار أن يخرج على التلفزيون الرسمي ويتحدث للشعب عن مشروع السلطة في المدى المنظور والاستراتيجي وما هي رؤيته لحاضر ومستقبل البلاد؟.
وتركت البلاد دون حماية فلا يوجد مؤسسة جيش قوي, وإنما قطاعات عسكرية استخدمت كضرورة لتوازن القوى في الداخل, وعلى الرغم من أنه رصد للجيش ميزانيات ضخمة وصفقات تسليح كبيرة يعلن عنها كل فترة إلا أن ذلك لم ينتج جيشاً قوياً, واتضح أن تلك الميزانيات استخدمت لشراء ولاء الغرب بصفقات السلاح, ولإثراء بعض الأمراء, وفضيحة صفقة اليمامة خير شاهد, وطبيعي أن نظاماً يعتمد بالحماية على الأجنبي ووالغ في الفساد أن لا يؤسس جيشاً وطنياً قوياً.
من المؤسف أنه بعد كل تلك العقود من تأسيس البلاد أننا لم نتحول من إقطاعية إلى دولة, وتحول النظام إلى نظام فصل عنصري يستأثر فيه أبناء الأسرة المالكة وحاشيتهم بالثروة والقرار السياسي والامتيازات من دون الشعب, إن كل هذه الإخفاقات من علامات الدولة الفاشلة إن اعتبرنا أنفسنا في دولة مجازاً.
وفوق كل ذلك ازداد القمع وتكميم الأفواه نتيجة للرعب الذي أصاب النظام بعد الربيع العربي, واستخدم القضاء كأداة للقمع فسقط وفقدت الثقة بعدالته, وامتد القمع حتى داخل الأسرة الحاكمة تجاه بعض أفرادها, وأصاب الحكم الترهل والجمود ويرفض التغيير حت ى من داخل الأسرة الحاكمة, فالمناصب السيادية يسيطر عليها الأمراء ولا يزيحهم عنها إلا الموت, وهو ما أدى إلى مزيد من التدهور في أداء الحكم.
واستخدمت الثروة الوطنية لتجهيل الشعب والإضرار بشعوب المنطقة, وتقوية الدكتاتوريات العربية وتمويل الثورة المضادة في دول الربيع العربي, ونحن نسأل السلطة: هذه الأموال التي تذهب للخارج هل هي أموال عامة أم أموال خاصة؟ وإذا كانت أموال خاصة فمن أين لكم هذا؟! وإن كانت أموال عامة, فهل لديكم تفويض شعبي لإرسالها خارج الحدود؟ وما هي الضمانة أن لا تستخدم هذه الأموال في قمع الشعوب العربية أو تنتهي في حسابات المسئولين الفاسدين هناك, فلم نر لها أثر على تحسين وضع تلك الشعوب.
ويبدوا أن النظام غير مدرك للتحول في المجتمع والتحول الإقليمي في المنطقة, فالتحالفات بدأت تتغير حتى دول الخليج بدأت تنفض عن النظام السعودي, وهناك خشية من أن تكون المنطقة أمام سايس بيكو جديد والحكم في أضعف حالاته, والشعب مكبل بالقيود.
لذلك على النظام في هذه اللحظة الحرجة أن يبادر إلى الاعتراف أن هناك شعب هو صاحب الأرض والثروة, وهو من يجب أن يكون مصدر السلطة والشرعية, ويجب أن يكون ولاء السلطة له, وهذا يقتضي التخلص من ذهنية الغنيمة التي تسيطر على الأمراء والكف عن النظر للبلد ككعكة يجب تقاسمها بينهم, وإعادة صياغة العلاقة بين الشعب و الأسرة الحاكمة لتكون علاقة تعاقدية, يضعها الطرفان في عقد اجتماعي مكتوب (دستور), ويبدأ ممثلين عن الطرفين لصياغة خارطة طريق للتحول من الملكية المطلقة إلى الملكية الدستورية, من الإقطاع إلى دولة المؤسسات والمجتمع المدني, ويبدأ بناء مؤسسات الدولة وسلطاتها, وتحدد الفترة الانتقالية اللازمة لذلك في زمن محدد متفق عليه, يكون بنهايتها أنشئ مجلس نواب منتخب بصلاحيات كاملة في المراقبة والمحاسبة وسن الأنظمة, وكتابة الدستور والتصويت عليه من قبل الشعب, والفصل بين السلطات الثلاث, وإصلاح القضاء وضمان استقلاله, وتنشأ محكمة دستورية, ويسن نظام فعال لمؤسسات المجتمع المدني يضمن استقلالها عن الحكومة, ويكون الإعلام حراً, وحرية التعبير مكفولة للجميع, وترشد ثروات البلاد وتوزع بشكل عادل ويفرض عليها مجلس النواب رقابه.
وبناء مؤسسة عسكرية على أسس وطنية بحيث لا تتدخل في السياسة وتكون مهمتها حماية البلاد من أي عدوان خارجي, وبناء هذه المؤسسة ليس لشن الحروب وإنما من أجل السلام في المنطقة فتوازن القوى هو الذي يضمن السلام ويضمن استقلال قرارنا السياسي ويجبر القوى الإقليمية على تقاسم المصالح مع بلادنا بدل محاولتها الهيمنة علينا نتيجة ضعفنا وفشل ساستنا.
هذه هي وصفة الخلاص للدولة والمجتمع، والعقلاء في الأسرة الحاكمة يعلمون ذلك وعليهم أن لا يركنوا للمثقفين ورجال الدين الذين يزينون لهم سوء إدارتهم وفشلهم, فهؤلاء يؤمنون بشرعية المتغلب أي شريعة الغاب وهم مع من غلب ولا يخفون ذلك بصكوك أحكامهم ومحاضراتهم وكتبهم, أي أنه إذا حصل انقلاب عسكري على الأسرة الحاكمة أو استولت مجموعة مسلحة على السلطة سينفضوا عن الأسرة الحاكمة ويتبعوا المتغلب.
نخشى أن يكون حال جمعية حسم مع النظام السعودي كحال إحسان نراغي مع شاه إيران كما شرح في كتابه "من بلاط الشاه إلى سجون الثورة" عندما كان ينصح الشاه بأن يصلح شأن أسرته ونظامه الذي انتشر فيه الفساد والامتعاض الشعبي منه, وأن لا يركن لتقارير مخابراته التي تكتب تقارير مرضية له كي لا تثير غضبه ولا تشخص الواقع, ولكن الشاه لم يستمع له وغره الاستقرار الظاهر والهش إلى أن أطاحت به الثورة فانتهى منفياً منبوذاً خارج إيران, فليبادر النظام للإصلاح قبل فوات الأوان فنحن في سباق مع الزمن, وما هو مقبول اليوم قد يكون مرفوضا غداً, وسقف المطالبة بملكية دستورية اليوم قد يرتفع في الغد, والقوى الأجنبية التي طالما استقوي بها على الشعب قد تنفض عنه غداً إلى حلفاء جدد وتتركه يواجه أزماته الداخلية والخارجية وحيداً إن لم تساهم في أضعافه.

والله ولي التوفيق
جمعية الحقوق المدنية والسياسية

حسم

رسالة سعودية لشبابها المجاهدين في سورية: قاتلوا حتى الموت.. واذا عدتم احياء فالسجن في انتظاركم



توقف الكثيرون عند فتوى الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي المملكة العربية السعودية التي عارض فيها بقوة ذهاب الشباب السعودي الى الجهاد في سورية، وتأييده للمرسوم الذي اصدره العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز في هذا الخصوص، ونص على معاقبة كل من يقاتل خارج ارض المملكة بالسجن لفترة تتراوح بين خمس وعشرين سنة.
فالافت ان هذه الفتوى اقتصرت فقط على الشباب السعودي فقط الذي تعرض للتغرير به والبيع “في سوق النخاسة”، مما قد يفسر على ان الدعوة للجهاد مباحة لغير السعوديين، اي من باقي الجنسيات الاخرى، وبما يصب في مصلحة الدعم المالي والتسليحي السعودي لجبهات اسلامية تقاتل في سورية لاسقاط النظام.
هذه الفتاوي الخاصة بالسعوديين تذكر باعلانات الوظائف التي تنشرها شركات في صحف سعودية وتضع للسعوديين فقط.
ويسجل للشيخ عبد العزيز آل الشيخ انه كان منذ البداية ضد الدعوات التي تحث الشباب السعودي على الجهاد في سورية في وقت كانت هذه الدعوات على اشدها في القنوات الاسلامية المدعومة من امراء او رجال اعمال سعوديين، وكان يستند في ذلك الى القاعدة الشرعية التي تقول ان النفير الى الجهاد لا يتم لا بدعوة من ولي الامر.
ولكن ولي الامر السعودي كان غير معارض لهذه الدعوات، وتغير موقفه عندما بلغ الشباب السعوديين المقاتلين في سورية حوالي عشرة آلاف شاب، سقط منهم حوالي 1500 شخص قتلى حسب بعض التقارير غير الرسمية.
نقطة التحول بدأت عندما باتت السلطات السعودية تتلقى تقارير مفصلة عن عمليات التأطير الايديولوجي الذي يتعرض له هؤلاء في سورية على ايدي جبهات ودعاة يتبنون فكر تنظيم القاعدة، واكتساب هؤلاء خبرة قتالية عملياتية عالية الامر الذي سيشكل عليها خطرا اكبر من خطر نظرائهم الذين ذهبوا للجهاد في افغانستان بسبب تقدم نوعية التدريب على الاسلحة وفعالية الشحن الايديولوجي وعمق تاثيره.
القيادة السعودية تخشى ايضا ان ينطلق الشباب السعوديين من سورية في المستقبل القريب لشن هجمات في دول اخرى وتتعرض للمقاضاة امام محاكم دولية بتهم دعم الارهاب، وقد خسرت السلطات السعودية عشرات المليارات من الدولارات ان لم يكن اكثر بسبب مشاركة 17 من شبابها في تفجيرات الحادي عشر من ايلول (سبتمبر).
من الواضح ان كل هذه الفتاوى والمراسيم وقوانين مكافحة الارهاب تشير الى شعور القيادة السعودية بالتورط اكثر من اللازم في الازمة السورية، وانها تبحث لها عن مخرج آمن منها وتقليص الخسائر بالتالي.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: سيذهب هؤلاء الشباب السعوديون في حال ما قرروا التوقف عن الجهاد في سورية؟ هل يعودون الى السجون والمعتقلات في بلادهم، ثم ان هؤلاء ذهبوا الى الجهاد بعد ان “غرر” بهم من قبل علماء سعوديين وغير سعوديين، حسب وصف المفتي، وقبل صدور قوانين الارهاب وفتوى المفتي هذه فهل تطبق هذه الفتاوي والمراسيم بأثر رجعي؟
الاجابة واضحة، ليس بالنسبة الى الشباب السعوديين الذين ذهبوا الى الجهاد في سورية فقط، وانما الى الكثيرين غيرهم، وهو قاتلوا حتى “الشهادة” ولكن لا تعودوا الينا احياء، وان عدتم فمكانكم المعتقلات حتى تموتون فيها ايضا!http://www.raialyoum.com/?p=50404