11 أكتوبر 2013

ما هو أسوا كابوس بالنسبة للحكومة السعودية بالشرق الاوسط؟!

عندما ألغى وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل خطاب المملكة السنوي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي لأول مرة على الإطلاق كانت رسالته غير المعلنة بالغة الوضوح.

واعتبرت رويترز انه لا يمثل رفض إلقاء كلمة مقررة بالنسبة لأغلب الدول أكثر من مجرد احتجاج دبلوماسي بسيط لكن بالنسبة للسعودية التي تفضل العمل السياسي وراء الكواليس على العمل العلني كان ذلك تحركا صريحا بشكل غير معهود.
ويخوض حكام السعودية ما يعتبرونه صراع حياة أو موت على مستقبل الشرق الأوسط مع إيران وهم غاضبون لعدم تحرك المنظمة الدولية بشأن سوريا، حيث تدعم المعارضة التي تسعى للإطاحة بالحكومة .
وخلافا للسنوات الماضية، لا يقتصر غضب السعوديين على الصين وروسيا العضوين الدائمين بمجلس الأمن الدولي، بل يشمل أيضا الولايات المتحدة التي يعتقدون أنها "خذلت أصدقاءها العرب مرارا" بإتباع سياسات يرونها ضعيفة وساذجة.
ومثل "إسرائيل" الحليف الرئيسي الآخر للولايات المتحدة في الشرق الأوسط يخشى السعوديون أن يسمح الرئيس الأميركي باراك أوباما بهذه السياسات للأعداء المشتركين بامتلاك اليد العليا.
ولا يوشك التحالف بين الولايات المتحدة والسعودية على الانهيار، لكن السعودية مستعدة -مثلما حدث قبل نحو 40 عاما عندما فرضت منظمة البلدان المصدرة للبترول (اوبك) حظرا نفطيا بسبب دعم الولايات المتحدة ل"اسرائيل" في حرب عام 1973- لتحدي واشنطن دفاعا عن مصالحها الإقليمية ولو دون المساس بإمدادات الطاقة.
وقد اختلفت معها بشأن مصر منذ الثورات العربية ويتزايد الخلاف بينهما أيضا حول سوريا حيث يمكن أن تزيد السعودية الآن جهودها لتسليح المعارضين السنة.
وكان حكام السعودية يشعرون بالفعل بالقلق من تردد الولايات المتحدة في دعم المعارضين الساعين للإطاحة بالحكومة السورية . لكن القلق اشتد وهم يرون واشنطن تتواصل مع الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني الشهر الماضي.
وقال الدبلوماسي السابق روبرت جوردان الذي كان سفيرا لواشنطن في الرياض من 2001 حتى 2003: "أسوا كابوس للسعوديين هو أن تعقد الإدارة صفقة كبيرة مع إيران".
وقد اتصل اوباما هاتفيا بروحاني أثناء اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ويخشى السعوديون الآن أن ينجذب أوباما إلى تحسين العلاقات مع طهران من خلال إبرام صفقة تسمح بتوسيع تفتيش مواقعها النووية مقابل السماح لحلفائها بالمضي قدما في الهيمنة على دول عربية مثل لبنان وسوريا والعراق. ورغم أن مثل هذه الصفقة لم تطرح علنا قط من داخل إدارة أوباما، لكنَ هذا لم يمنع السعوديين من إبداء مخاوفهم.
وليس للولايات المتحدة مصلحة في استعداء السعوديين لكن مع قيامها بإعادة ترتيب أولوياتها قد يكون بعض الخلاف حتميا. لكن مثل هذا الخلاف لا يقلق واشنطن بقدر ما كان يقلقها سابقا نظرا لارتفاع انتاج النفط في الولايات المتحدة وهو ما يقلص اعتمادها على الرياض، ومع ذلك تفضل إدارة اوباما التشديد على التعاون في العلاقات بين البلدين.
وفي ظهور نادر للملك عبد الله عرض التلفزيون الرسمي يوم الاثنين لقطات لاستقباله الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور.
وتضمنت كلماته التي أبرزتها وسائل الإعلام السعودية يوم الثلاثاء تنديدا شديدا "بإرهاب" و"ضلال" جماعة الإخوان المسلمين التي أطاح بها جيش الانقلاب المصري بقيادة السيسي وبدعم ومؤمراه كامله من حكام السعودية وحكام الامارات  في يوليو تموز .وبدء التايد العلني للنقلاب وبدعم مادي كبير من النظام السعودي وتسهيل البوق الاعلامي والديني المضلل لهدا الانقلاب وماكان من امام الحرم المكي (الشيخ )السديس في خطبة الجمعة تبرير قتل الاخوان المسلمين في مصر واعتبرهم من الخوارج وهذا تضليل وتخبط في الخطاب الديني من علماء السلطان
وتنم تلك التعليقات بوضوح عن احتكاك بين السعودية والولايات المتحدة يكشف عن مدى اتساع نطاق الخلافات بين الحليفين حاليا حول قضايا في مختلف أنحاء الشرق الأوسط.
وكان قرار اوباما عدم دعم الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك في مواجهة الاحتجاجات الشعبية الحاشدة في أوائل 2011 هو أول ما أغضب حكام المملكة وجعلهم يشعرون بالخيانة وهم يرون واشنطن تتخلى عن صديق مشترك.
وزاد استعداد الرئيس الأميركي للعمل مع قيادي جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي الذي انتخب رئيسا لمصر العام الماضي غضب السعوديين الذين يعتبرون الجماعة تهديدا مباشرا للحكم الملكي بالسعودية.
واتسم موقف السعودية بالانتقاد لدعم الولايات المتحدة لحكم الإخوان المسلمين والازدراء بعيدا عن التصريحات العلنية لاعتراض واشنطن على عزل مرسي.
وعندما اقترح ساسة أميركيون قطع المساعدات عن مصر بعد عزل مرسي عرضت الرياض تعويض أي نقص في التمويل في تقويض للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط وإشارة إلى استعدادها للتحرك المنفرد.
وقد تقطع المساعدات الأميركية لكن السعودية قدمت لمصر منذ يوليو تموز خمسة مليارات دولار تعادل نحو ثلاثة أمثال المساعدات الأميركية السنوية لمصر.
وقال مصطفى العاني وهو محلل  في مركز الخليج للأبحاث في جدة وله علاقة وثيقة بالمؤسسة الأمنية السعودية، إن السعوديين لا يتخذون عادة أي قرار يتعارض مع مشورة الولايات المتحدة أو مصلحتها لكنه يعتقد أنهم تجاوزوا هذه المرحلة ويرون الآن أنه ما لم يكن الأمر في مصلحتهم فلا ضرورة للاستجابة لرغبات الأميركيين.
ولكن على غرار كثير من الشخصيات السعودية البارزة كان أكثر ما يقلقه هو أسلوب اوباما في معالجة الأزمة السورية وهي صراع ينظر إليه في السعودية على أنه معركة فاصلة في السيادة على الشرق الأوسط بين الزعماء الموالين للغرب وإيران.
وعلى مدى أكثر من عام ناشد المسؤولون السعوديون واشنطن الدخول في الصراع إما بشكل مباشر من خلال توجيه ضربات جوية وإما بفرض منطقة حظر جوي وإما عن طريق تقديم دعم عسكري كبير للمعارضة السورية .
وبعد الهجوم الكيمياوي على الغوطة في أغسطس اقتنع السعوديون بأن ذلك سيجبر الولايات المتحدة أخيرا على القيام بتحرك قوي لكن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بعد ذلك بوساطة روسيا لتفكيك ترسانة الأسد الكيماوية السورية وبالتالي تجنب الهجمات الجوية مثل ضربة قاسية للرياض التي كانت إستراتيجيتها الأساسية في سوريا تقوم على إقناع حليفها الأميركي بدخول الحرب.
وتوضح تلك الخلفية المضطربة قلق كبار المسؤولين السعوديين إزاء حديث اوباما مع روحاني في نيويورك الشهر الماضي.
وتابع السعوديون بقلق على مدى السنوات العشر الأخيرة تنامي قوة حلفاء إيران من العرب حتى باتوا يهيمنون على الساحة السياسة في لبنان والعراق وينظمون احتجاجات واسعة في البحرين وتمردا في اليمن في تحرك يطوق السعودية على ما يبدو.
وترى الرياض بالفعل أن قبول أوباما لاتفاق الأسلحة الكيماوية مع دمشق دليل على أن الولايات المتحدة تبنت نهجا لينا بالفعل.
وقال العاني إن المسألة ليست تفاوض إيران مع الولايات المتحدة، فالسعوديون يعلمون أن هذا سيحدث عاجلا أو آجلا وإنما لأنه جاء في وقت غير مناسب، مضيفا أن الإيرانيين والروس اختبروا الرئيس الأميركي بالفعل وثبت أنه لا يمكنه التمسك بمبادئه أو حماية مصالح السعودية.
وعندما كانت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون تستعد لزيارة الرياض للمرة الأولى في فبراير شباط 2009 أعد سفير واشنطن فورد فريكر مذكرة تشرح قوة العلاقات. ونشر موقع ويكيليكس المذكرة في وقت لاحق.
ووصف فريكر الأسرة السعودية الحاكمة بأنها أسرة "أسست في الذاكرة الحية دولة جديدة وأطلقت عليها اسمها"، وعدد نقاط الاتفاق المشتركة التي تربط الرياض وواشنطن من سياسة الطاقة إلى محاربة تنظيم القاعدة. وخلص إلى أن "مصالحهم تتفق مع مصالحنا بدرجة مدهشة".
غير أن مثال اختلاف السعودية مع النهج الأميركي بخصوص مصر يشير إلى أن المملكة ربما تميل حاليا لمخالفة السياسة الأميركية في مناطق أخرى لاسيما في سوريا.
ويوافق الأربعاء القادم الذكرى الأربعين لحظر النفط العربي عندما أوقفت دول الخليج  المصدرة للخام المبيعات ردا على دعم الولايات المتحدة لإسرائيل ضد العرب في حرب عام 1973.
وتتفق واشنطن والرياض بشكل كامل حاليا على أهمية استقرار إمدادات النفط، لكن السعودية ربما تكون مستعدة للسعي وراء مصالحها بطرق أخرى.
وقال عديد من المحللين والدبلوماسيين في الخليج  إن الولايات المتحدة طالبت الرياض بعدم تزويد المعارضة السورية بأسلحة تغير مسار الحرب، مثل الصواريخ ارض جو خشية وقوعها في أيدي المتشددين.
وقال العاني إن هذا أحد المجالات التي قد يدرس السعوديون المضي فيها في طريقهم الخاص، سيما مع انحسار انقسامات بسيطة داخل الأسرة بشأن مدى إمكان الوثوق بأوباما. واضاف إنه لم يعد هناك بين كبار الأمراء من يتعاطف معه وإنهم يعتقدون أنه فقد صوابه.
وليس واضحا إلى أي مدى يمكن أن تغير مثل هذه الخطوة ميزان الصراع في سوريا. لكن السفير الأميركي السابق جوردان قال إنها قد تؤدي إلى إعادة صياغة العلاقات الأميركية السعودية. وقد يصبح كل من الجانبين أقل استعدادا لمراعاة مخاوف الآخر في قضايا أخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق