23 مايو 2013

السعودية لن تكون بمنأى عن التغييرات المقبلة


تستنفر الحكومة السعودية اليوم قواها السياسية والاقتصادية وعلى اكثر من صعيد لتجنب او تأخير عملية سقوطها كونها تمثل اسوأ حليف لاميركا من حيث التخلف في ادارة البلد ، والابتعاد عن روح العصر ، وتجنب الاقتراب من المظاهر العصرية في تجميل واجهات الحكم بممارسا ت ديمقراطية ولو شكلية ، والذي يشكل نقطة ضعف كبيرة في المشروع الاميركي الذي يتبجل بنشر الديمقراطية في العالم العربي ، ولكنه يواصل حتى الان في البقاء على ال سعود في ازدواجية رهيبة لاتخفى على ابسط الاذهان في الشارع العربي.
النظام السعودي الذي كان يتميز خلال السنوات الماضية بنوع من الترهل والانكفاء الى التهدئة  وتجنب تصدر المشاريع والتحركات السياسية ، اخذ منذ اندلاع وتعاظم ثورات وانتفاضات الربيع العربي يبدي تحركات محمومة وتدخلات سافرة في الكثير من القضايا ، ففي الحدث السوري يبدي نظام ال سعود موقفا متشددا اكثر من الغرب في الدعوة الى الاطاحة بالنظام السوري ، واستخدم كل اوراق الضغط على الجامعة العربية من اجل ادخالها كطرف في الازمة السورية ، وتتحرك السعودية من  جهة اخرى للتأثير على الحكومات التي تشكلت في اعقاب الربيع العربي من  اجل جرها نحو السياسات  التي ترتأيها لهذه الحكومات بالاعتماد على قوتها  المالية ، وحاجة  الحكومات العربية الجديدة الى الدعم المالي والاقتصادي الامر الذي يفسح المجال لخنق هذه الحكومات وجرها الى  المهبط التبعي للسياسات التي كانت من قبل ، والتي من شأنها ادخال اليأس في نفوس الشارع العربي بعد امالها العريضة التي بنتها في ضوء الربيع العربي .
السعودية والموقف من ايران
وعلى صعيد العلاقة مع  ايران تعجل السعودية من خطاها باتجاه اسناد مختلف المشاريع الغربية والامير كية تحديدا بل وحتى الاسرائيلية  الرامية الى الضغط على ايران ، ودفعها الى اتخاذ خيار المواجهة واشعال فتيل الحرب غير ابهة بنتائجها ومخاطرها على الاوضاع السعودية ، وتعمل من جهة اخرى الى تطمين اسواق النفط العالمية بعدم الخوف من اثار تصاعد الازمة مع ايران عبر زيادة  انتاجها من النفط الى اقصى قدراتها الانتاجية لتبلغ 9 مليون برميل يوميا .
وفي الدول المجاورة للسعودية يتنافس آل سعود مع ال ثاني في قطر في اخذ زمام المبادرات واعمال السمسرة السياسية التي برع الشيخ حمد بتبنيها منذ اقصاء والده عن الحكم ، كما وتدخلت السعودية تحت يافطة درع الجزيرة عسكريا في البحرين من اجل خنق ثورة الشعب البحريني وابقائه في ظل حكم ال خليفة التابع لاوامر ال سعود جملة وتفصيلا ، وفي اليمن نجحت الخطة السعودية وللاسف باستبدال علي عبد الله صالح بحاكم جديد برز في ضوء مايسمى بالمبادرة الخليجية ، وعلى الصعيد العراقي لاتزال السعودية ممتعضة من خروج هذا البلد من المعادلة السابقة للتوازن الاقليمي ، وتعتبر ماحدث في العراق بمثابة فجوة جيوستراتيجية  في المنطقة لابد من ردمها او تقليص تبعاتها واثارها  ، وتعمل جهد امكانها على تعطيل وافشال العملية السياسية عبر اساليب مختلفة سواء عبر التحكم باعمال الارهاب من خلال طرق خفية او عن طريق الاجندة السياسية المستقوية بالمال السعودي والغطاء السياسي التي توفرها لها .
آل سعود وتحديات الداخل
وعلى صعيد الجبهة الداخلية فالحكم السعودي بات يواجه تحديات علنية من جانب فئات عديدة لاتقتصر على الشيعة في المنطقة الشرقية التي خرجت عن صمتها واعربت علانية عن رفضها للحيف الذي يلحق بكل ارجاء البلد من وراء السياسات المتخلفة التي يتبناه النظام الحاكم في الرياض ، ولم يعد ال سعود ينفعهم اخافة الشيعة بمجئ الوهابية ، ذلك لان تجارب السنين الماضية اثبتت ان الوهابية هي التي تحكم في هذا البلد بواجهة ال سعود التي تناور مرة بالتشدد في التعامل مع هذه الحركة المتطرفة وبدعمها ماليا ولوجستيا متى مااقتضت الضرورة لذلك ، وان اعضاء في الكونغرس الاميركي ادانوا علنا سياسات ال سعود في دعم الارهاب قاطعين المبلغ الرمزي الذي كانت تقدمها اميركا لانشطة مكافحة الارهاب ، بعد ان تبين وظهر علنا ولم يخف حقيقة على الادارة الاميركية ان ال سعود يتعاملون سرا مع الارهاب والارهابيين وفق السيناريوهات المرسومة لهم اميركيا .
هذه الخطوات والسياسات التي يتبعها النظام السعودي وهناك شواهد ودلائل كثيرة اخرى حولها هي التي تكفل له البقاء ولو لفترة من الزمن وتأخير الاطاحة بهذا النظام الذي يعيش في الوقت الضائع ، ويعلم انه سيكون خارج الحلبة مهما كانت نتائج الصراع التي يخوضها اليوم .
نظام هرم .. حكاما وسياسات
النظام السعودي لم يعد مقبولا بصيغته الراهنة سواء في كهولة المتصدين للحكم ، او في السياسات المتبناة ، الامر الذي يجعل الدوائر الاميركية والغربية عموما والتي تربطها مصالح اساسية مع السعودية الدولة المنتجة الاولى للنفط ان تضع الحلول لهذه  الظاهرة، وان تعمل على ايجاد البدائل المطلوبة  لهذه الحالة ، فالنظام السعودي من اخمل انظمة الحكم في العالم واكثرها تخلفا، واذا أضيف اليه قادة في نهايات عقدهم السابع تكون كارثة بالنسبة لاميركا التي بحاجة الى انظمة موالية لها وفي الوقت نفسه فعالة وذات مشاريع تكسب ود الدول الكبرى وخاصة اميركا التي تمر بظروف صعبة في العالم العربي، حيث ثورات الربيع العربي لاتزال لم تنته، والعالم العربي بشكل عام يمر بظروف الغربلة والتمحيص الشديدين وان كل عناصر القوة والفاعلية تلعب دورها في الساحة، وان اميركا التي ليست في وضع تحسد عليه، لهي بأمس الحاجة الى الحفاظ على حدائقها الخلفية، خصوصا تلك التي تنعم بخيرات النفط، وان تكون هذه الحدائق حدائق بمعنى الكلمة، وليست صحارى الروح والعقل والواقع.
وفي هذا المجال تقول الیانور غیلیسبی الخبیرة فی شؤون منطقة الخلیج الفارسي ان "عددا قلیلا من الجیل الاول لدیه خبرة حکومیة ناهیك عن الصفات الضروریة لیتولوا سدة الملك، بعضهم یتمتعون بالکفاءة کحکام او وزراء لکن لیس کملوک".
وتضیف الخبيرة ان "الوقت حان للانتقال الى الجیل الثاني من القادة وهذا من اهم الامور فهناك مجموعة من المرشحین الشبان یعملون على تهیئة انفسهم. ان تعیین ولي للعهد للمرة الثانیة في اقل من سنة یبرز مصاعب الجیل الاول".
الا انها تستدرك قائلة "لکن من المهم ملاحظة ان ملکا من جیل الاحفاد قد لا یکون بالضرورة اصلاحیا اکثر من اسلافه".
المهم ان ماتسعى اليه اميركا في الدول العربية بما فيها السعودية ان تؤجج فيها نوعا من الحراك السياسي والمجتمعي والاقتصادي، ولايتأتى ايجاد هذا الحراك الا من خلال تحديث البنى التحتية وتمتينها، وتوكيل المهام لجيل الشباب ليكونوا هم الواجهة وليس حكام ال سعود الذين باتوا في عداد الموتى وان لم يموتوا.
وان تجاهل هذا الامر بالنسبة للسعودية من شأنه فتح المجال لكثير من الشباب لكسر حالة الجمود في المسرح السياسي، واخذ زمام المبادرة لكيلا تأتي النماذج القديمة والمستهلكة وتقوم بدورها الكلاسيكي انطلاقا من طبيعتها، وعدم استعدادها لمسايرة متطلبات العصر، وتوغل البداوة فيها الى درجة لاتستطيع الخروج منها، حيث ان النموذج السياسي الحاكم في السعودية ليس قديما برجاله فحسب بل وحتى بممارسته السياسة، وصيغة الحكم التي أكل عليها الدهر وشرب، ولم يعد هناك نموذج مماثل من حيث التخلف المشوب بالاستبداد.
مراكز الابحاث الاميركية قدمت مؤخرا رؤى وتصورات قاتمة عن الوضع السعودي، حيث البطالة وتململ الشباب من الوضع الموجود لديهم وكبر سن قادة النظام السعودي.
ان عدم وجود عقلية مرنة تتقبل الاصلاحات الموجهة في السعودية سيعرض هذا البلد الى ازمات وربما الى مخاطر التحرك الشعبي حيث جيل الشباب العربي الذي يعود له الفضل في انجاز الثورات لهو امر يعزز الثقة لدى الشباب السعودي ايضا، وعن هذا الموضوع جاء في دراسة اميركية انه (قد يكون تأثير ثورات الشباب في مصر وتونس، فضلا عن الاضطرابات في اليمن وليبيا والبحرين على المملكة غير مؤكد، لكنه يشدد على الوضع الحالي الحرج ).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق