الرياض - أثار سجن الروائي والمفكر السعودي تركي الحمد في 24 ديسمبر 2012
ضجة في الأوساط الثقافية الليبرالية السعودية حيث طالب 500 مثقف وناشط، من بينهم
الناشطة منال الشريف، في عريضة مرفوعة إلى ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز،
بإطلاق سراح الحمد.
ويأتي
اعتقال الحمد على خلفية ما كتبه على شبكة التواصل الاجتماعي تويتر، حيث انتقد في
بعض تغريداته السلطة الدينية في بلاده داعيا إلى تحقيق نوع من الإصلاح الديني الذي
يُخلّص الإسلام من دعاة التعصب والتطرف الديني.
وقد أبرز الحمد في بعض هذه التغريدات رفضه للمذهب الإسلامي السائد في المملكة العربية السعودية والذي يعود إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب «1703 - 1791»، وكتب الحمد فيها: «لأنني مسلم على دينِ محمد أرفض الوهّابية».
كما كتب في تغريدة أخرى: «جاء رسولنا الكريم»، يقصد محمداً نبيّ الإسلام، «ليصحح عقيدة إبراهيم الخليل، وجاء زمنٌ نحتاج فيه إلى من يصحح عقيدة محمد بن عبدالله».
وكان الحمد قد هاجم في تغريدة سابقة صعود تيارات الإسلام السياسي في العالم العربي قائلا: «نازية» جديدة تطل بوجهها على عالم العرب اسمها الإسلامويّة. ولكن زمن النازية ولّى وستشرق الشمس من جديد".
ومن الواضح أن هذه الآراء، التي تعدّ جريئة للغاية في المجتمع السعودي شديدِ المحافظة، قد أغضبت جهات نافذة في السلطتين الدينية والسياسية في المملكة العربية السعودية، وهو ما جعل وزير الداخلية السعودي محمد بن نايف بن عبد العزيز يصدر مذكرة توقيف بحق تركي الحمد.
يمثل تركي الحمد، الذي حصل على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة ساوث كارولاينا في الولايات المتحدة، إحدى القامات الثقافية السعودية البارزة في العالم العربي.
وقد عمل في كتاباته الفكرية ومقالاته، وفي رواياته كذلك، خلال السنوات الثلاثين الماضية، على تشريح واقع التخلّف العربي عامة، والسعودي خاصة، بطريقة أثارت ضده قطاعات واسعة من النخب المحافظة في السعودية.
اختار الحمد لهجة حادة هُجوميّة في تناول القضايا السياسية والاجتماعية والفكرية في مقالاته، كما سعى في كتبه الفكرية إلى تشريح الظواهر الثقافية والفكرية والسياسية والاجتماعية والدينية بمبضعٍ حادٍّ.
أما في رواياته فقد جعل شخصياته تنطق بهواجس التحول والتغيير والرغبة في الحرية، واضعاً على ألسنة تلك الشخصيات كلاماً تعتبره تياراتُ المحافظة خروجاً على الأخلاق العامة والدين في مجتمع محافظ كالمجتمع السعودي.
في ثلاثيّته الروائية «أطياف الأزقة المهجورة» تقول إحدى الشخصيات: «الله والشيطان وجهان لعملة واحدة». وقد منعت السلطات السعودية الرواية من التداول بسبب هذه العبارات التي اعتبرت صادمةً وتجديفاً دينيا، خصوصا أن مهاجمي تركي الحمد لم يضعوا في الاعتبار أن الرواية عملٌ تخييليّ، شخصياتُها كائناتٌ ورقيّة لا تعبر عن رأي المؤلف، بل هي معرضٌ لحوار المذاهب والأفكار والهواجس المختلفة التي تعصف بالبشر، في دواخلهم وفي أحاديثهم التي يديرونها مع أنفسهم.
أنجز تركي الحمد «المولود في بلدة المزار الأردنية لأبوين سعوديين عام 1952» عدداً من الكتب الفكرية: «الحركات الثورية المقارنة» و«دراسات أيديولوجية في الحالة العربية»، و«الثقافة العربية أمام تحديات التغيير» و«الثقافة العربية في عصر العولمة»، و«من هنا نبدأ التغيير»، و«السياسة بين الحلال والحرام».
أما في الرواية فقد أنجز ثلاثيته الشهيرة «أطياف الأزقة المهجورة»، و«شرق الوادي»، و«جروح الذاكرة»، و«ميعاد»، و«ريح الجنّة».
ويدلّ توزع اهتماماته على السياسة والفكر والكتابة التخييلية الروائية على رغبة عارمة في تقديم تشخيص للواقع العربي عموما، والسعودي خصوصا، كما يدلّ على الحيوية التي يتمتع بها فكره.
لكن تجرؤ السلطة السياسية على اعتقال كاتبٍ ومفكر بحجم تركي الحمد، معروفٍ في الأوساط الثقافية العربية، وكان واحداً من الكتاب الأساسيين في صحيفة «الشرق الأوسط» السعودية، يشير إلى قدرة قوى المحافظة المعادية للتغيير في السعودية على فرض أجندتها على السلطة السياسية في بلادها، رغم تآكل وضعف التحالف القائم بين سلطة آل سعود السياسية والسلطة الدينية الوهّابية خلال السنوات الأخيرة.
وهذا شيءٌ مستغربٌ في السعودية التي بدأت تشهد بعض الانفتاح السياسي والثقافي مؤخراً، خصوصا خلال السنتين الماضيتين، أي في زمان ما بعد بدء الربيع العربي.
فقد جرى لأول مرة خلال معرض الرياض للكتاب 2012 «وهو واحدٌ من أهم معارض الكتب العربية» اختلاطٌ بين الرجال والنساء. وهو الشيء الذي أغضب رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي هاجمت المعرض ليجري وقتها طرد المهاجمين من قبل الشرطة السعودية.
كما شاركتُ أنا شخصياً خلال السنة الماضية في ندوة عن الربيع العربي في مهرجان الجنادريّة الذي يقيمه الحرس الوطني السعودي بحضور نساء ورجال في القاعة نفسها، وقد قدمتني إلى الجمهور أستاذةٌ جامعية سعودية معروفة بجرأتها وآرائها الليبرالية.
على هذه الخلفية توجّسَتْ الأوساط الثقافية العربية والسعودية من اعتقال تركي الحمد، واعتبرت ذلك دلالة على رضوخ السلطات السعودية لأجندة السلطة الدينية المحافظة شديدة التعصب.
فالمثقف السعودي تركي الحمَد تحدث في تغريداته عن الأديان التي تدعو جميعها إلى الحب، كما هاجم المؤسسات الدينية ولم يهاجم الدين.
تحدث عن وحدة الأديان، ودعا إلى تحرير الإسلام من قبضة المؤسسات الدينية التي تحتكر الدين والإفتاء وتُحوّل الإسلام إلى نوع من الكهنوت الذي ترفضه العقيدة الدينية للمسلمين. وهو كلامٌ يهدد المؤسسة الدينية السعودية ويدلّ على الصعود السريع للقوى الليبرالية.
وقد أبرز الحمد في بعض هذه التغريدات رفضه للمذهب الإسلامي السائد في المملكة العربية السعودية والذي يعود إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب «1703 - 1791»، وكتب الحمد فيها: «لأنني مسلم على دينِ محمد أرفض الوهّابية».
كما كتب في تغريدة أخرى: «جاء رسولنا الكريم»، يقصد محمداً نبيّ الإسلام، «ليصحح عقيدة إبراهيم الخليل، وجاء زمنٌ نحتاج فيه إلى من يصحح عقيدة محمد بن عبدالله».
وكان الحمد قد هاجم في تغريدة سابقة صعود تيارات الإسلام السياسي في العالم العربي قائلا: «نازية» جديدة تطل بوجهها على عالم العرب اسمها الإسلامويّة. ولكن زمن النازية ولّى وستشرق الشمس من جديد".
ومن الواضح أن هذه الآراء، التي تعدّ جريئة للغاية في المجتمع السعودي شديدِ المحافظة، قد أغضبت جهات نافذة في السلطتين الدينية والسياسية في المملكة العربية السعودية، وهو ما جعل وزير الداخلية السعودي محمد بن نايف بن عبد العزيز يصدر مذكرة توقيف بحق تركي الحمد.
يمثل تركي الحمد، الذي حصل على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة ساوث كارولاينا في الولايات المتحدة، إحدى القامات الثقافية السعودية البارزة في العالم العربي.
وقد عمل في كتاباته الفكرية ومقالاته، وفي رواياته كذلك، خلال السنوات الثلاثين الماضية، على تشريح واقع التخلّف العربي عامة، والسعودي خاصة، بطريقة أثارت ضده قطاعات واسعة من النخب المحافظة في السعودية.
اختار الحمد لهجة حادة هُجوميّة في تناول القضايا السياسية والاجتماعية والفكرية في مقالاته، كما سعى في كتبه الفكرية إلى تشريح الظواهر الثقافية والفكرية والسياسية والاجتماعية والدينية بمبضعٍ حادٍّ.
أما في رواياته فقد جعل شخصياته تنطق بهواجس التحول والتغيير والرغبة في الحرية، واضعاً على ألسنة تلك الشخصيات كلاماً تعتبره تياراتُ المحافظة خروجاً على الأخلاق العامة والدين في مجتمع محافظ كالمجتمع السعودي.
في ثلاثيّته الروائية «أطياف الأزقة المهجورة» تقول إحدى الشخصيات: «الله والشيطان وجهان لعملة واحدة». وقد منعت السلطات السعودية الرواية من التداول بسبب هذه العبارات التي اعتبرت صادمةً وتجديفاً دينيا، خصوصا أن مهاجمي تركي الحمد لم يضعوا في الاعتبار أن الرواية عملٌ تخييليّ، شخصياتُها كائناتٌ ورقيّة لا تعبر عن رأي المؤلف، بل هي معرضٌ لحوار المذاهب والأفكار والهواجس المختلفة التي تعصف بالبشر، في دواخلهم وفي أحاديثهم التي يديرونها مع أنفسهم.
أنجز تركي الحمد «المولود في بلدة المزار الأردنية لأبوين سعوديين عام 1952» عدداً من الكتب الفكرية: «الحركات الثورية المقارنة» و«دراسات أيديولوجية في الحالة العربية»، و«الثقافة العربية أمام تحديات التغيير» و«الثقافة العربية في عصر العولمة»، و«من هنا نبدأ التغيير»، و«السياسة بين الحلال والحرام».
أما في الرواية فقد أنجز ثلاثيته الشهيرة «أطياف الأزقة المهجورة»، و«شرق الوادي»، و«جروح الذاكرة»، و«ميعاد»، و«ريح الجنّة».
ويدلّ توزع اهتماماته على السياسة والفكر والكتابة التخييلية الروائية على رغبة عارمة في تقديم تشخيص للواقع العربي عموما، والسعودي خصوصا، كما يدلّ على الحيوية التي يتمتع بها فكره.
لكن تجرؤ السلطة السياسية على اعتقال كاتبٍ ومفكر بحجم تركي الحمد، معروفٍ في الأوساط الثقافية العربية، وكان واحداً من الكتاب الأساسيين في صحيفة «الشرق الأوسط» السعودية، يشير إلى قدرة قوى المحافظة المعادية للتغيير في السعودية على فرض أجندتها على السلطة السياسية في بلادها، رغم تآكل وضعف التحالف القائم بين سلطة آل سعود السياسية والسلطة الدينية الوهّابية خلال السنوات الأخيرة.
وهذا شيءٌ مستغربٌ في السعودية التي بدأت تشهد بعض الانفتاح السياسي والثقافي مؤخراً، خصوصا خلال السنتين الماضيتين، أي في زمان ما بعد بدء الربيع العربي.
فقد جرى لأول مرة خلال معرض الرياض للكتاب 2012 «وهو واحدٌ من أهم معارض الكتب العربية» اختلاطٌ بين الرجال والنساء. وهو الشيء الذي أغضب رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي هاجمت المعرض ليجري وقتها طرد المهاجمين من قبل الشرطة السعودية.
كما شاركتُ أنا شخصياً خلال السنة الماضية في ندوة عن الربيع العربي في مهرجان الجنادريّة الذي يقيمه الحرس الوطني السعودي بحضور نساء ورجال في القاعة نفسها، وقد قدمتني إلى الجمهور أستاذةٌ جامعية سعودية معروفة بجرأتها وآرائها الليبرالية.
على هذه الخلفية توجّسَتْ الأوساط الثقافية العربية والسعودية من اعتقال تركي الحمد، واعتبرت ذلك دلالة على رضوخ السلطات السعودية لأجندة السلطة الدينية المحافظة شديدة التعصب.
فالمثقف السعودي تركي الحمَد تحدث في تغريداته عن الأديان التي تدعو جميعها إلى الحب، كما هاجم المؤسسات الدينية ولم يهاجم الدين.
تحدث عن وحدة الأديان، ودعا إلى تحرير الإسلام من قبضة المؤسسات الدينية التي تحتكر الدين والإفتاء وتُحوّل الإسلام إلى نوع من الكهنوت الذي ترفضه العقيدة الدينية للمسلمين. وهو كلامٌ يهدد المؤسسة الدينية السعودية ويدلّ على الصعود السريع للقوى الليبرالية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق