19 يونيو 2012

الخلافات السعودية تنتظر رحيل عبد اللّه

حصريًا.. نكشف مخطط السعودية في سوريا وتمزيق دول الربيع العربي
أعادت وفاة ولي العهد السعودي، الأمير نايف بن عبد العزيز، بعد أقل من تسعة أشهر فقط من توليه منصبه، فتح ملف الخلافة في السعودية، نظراً إلى المرض الذي ينهك أجساد جميع أبناء الملك عبد العزيز وبدأ يُقعد معظمهم عن الحركة، وفي مقدمتهم الملك عبد الله، الذي يتوقع أن تكون وفاته إيذاناً بمرحلة جديدة في عهد المملكة، لن تبقى فيها الخلافات على العرش خلف الأبواب الموصدة

في تشرين الأول من العام الماضي، ودعت السعودية ولي عهدها الأمير سلطان بن عبد العزيز بعدما أنهكه المرض على مدى أعوام طوال، لتنتقل بعدها ولاية العهد بسلاسة إلى شقيقه، الأمير نايف. لكن الموت لم يمهل الأمير نايف سوى أقل من 9 أشهر في منصبه الجديد، ليشغر كرسي ولاية العهد للمرة الثانية، ما أعاد تسليط الضوء على هرم جيل أبناء الملك عبد العزيز، وحتمية انتقال الحكم إلى جيل الأحفاد خلال السنوات القليلة المقبلة.
أما حالياً، فمن غير المرجح أن تشهد الأوضاع تغييرات جذرية، وخصوصاً أن الفراغ لم يصب العرش. ولم تخب الترجيحات التي كانت تصبّ معظمها في نية الملك السعودي تعيين وزير الدفاع الحالي، الأمير سلمان بن عبد العزيز، ولياً للعهد خلفاً للأمير نايف، لتلقى على عاتقه ابتداءً من الأمس مهمة إدارة البلاد وخصوصاً في ظل التردي المتسارع في صحة عبد الله بن عبد العزيز، الذي ظهر في تشييع الأمير نايف معظم الوقت جالساً على كرسيه غير قادر على الحركة.
والأمير سلمان، صاحب الـ 76 عاماً، يعدّ من أصغر أبناء عبد العزيز المنتمين إلى الجناح السديري، أقوى أجنحة العائلة الحاكمة. ويعرف عنه احتفاظه بعلاقات جيدة مع معظم الأمراء بحكم توليه مجلس العائلة المالكة السعودية، المنوط به مهمة متابعة الشؤون الداخلية لأسرة آل سعود، فضلاً عن احتفاظه بنفوذ قوي داخل هيئة البيعة التي يرأسها الأمير مشعل. واكتسب الأمير سلمان أيضاً نفوذه من خلال شغله على مدى أكثر من 50 عاماً منصب أمير الرياض، ما جعله على تماس مباشر مع أغلب الفاعليات الاقتصادية والاجتماعية في المملكة.
وعلى الرغم من أنه أقل تشدداً من الأمير نايف، إلا أنه يحسب على الجناح المحافظ، وسبق أن أدلى بتصريحات تعبّر عن حذره من الإصلاحات وتفضيله أن تجري بهدوء. وقد حاول خلال توليه وزارة الدفاع في الأشهر الماضية، إظهار قدرته على ملء المنصب. وإلى جانب حرصه على زيارة المواقع الميدانية للقوات السعودية، قام بعدد من الجولات حول العالم، أراد من خلالها توطيد علاقاته بالمسؤولين الأجانب. وقد أشيع في الآونة الأخيرة أنه أصرّ على مغادرة المملكة في إجازة، بالرغم من مرض الملك وسفر نايف للعلاج في محاولة للضغط لتعيينه نائباً ثانياً لرئيس الوزراء، قبل أن يجد نفسه في موقع ولي العهد.
والتعيين السريع، الذي جاء بعد يوم من تشييع الأمير نايف على الرغم من أن العادة جرت أن يحصل بعد انتهاء أيام العزاء الثلاثة، لا يمكن فصله عن رغبة الملك في حسم التساؤلات التي برزت عن قدرة المملكة على تجاوز اختبار تعيين ولي العهد الجديد، وخصوصاً بعدما سرّب البعض أنباءً عن إمكانية استبعاد سلمان، وتعيين أخيه الشقيق أحمد، في منصب ولاية العهد.
هذا الرد السريع، لا يخفي أن المرونة التي جرى خلالها تعيين سلمان، لن تستمر إلى ما لا نهاية، وتحديداً في مرحلة ما بعد الملك الحالي عبد الله بن عبد العزيز. فالملك، الذي يدرك جيداً طموحات الأمراء وأهمية موضوع الخلافة وما يثيره من صراع خلف الأبواب الموصدة للعائلة الحاكمة، بادر بعد توليه العرش خلفاً لشقيقه فهد، إلى إصدار نظام هيئة البيعة.
وعلى الرغم من أن الملك الحالي حرص على أن لا يفعّل نظام هيئة البيعة إلّا بعد وفاته، فقد شكّل النظام وقت صدوره في عام 2006 خروجاً عن القاعدة المألوفة في المملكة، التي تقوم على تعيين الملك ولي عهده من دون الرجوع إلى أحد. ولم يمنع التحول، الذي حمله النظام بسبب تحديده لآليات اختيار ولي العهد وحتى تضمنه مواد تنص على أساب موجبة تتيح إعفاء الملك أو ولي عهده من ممارسة صلاحياتهما، من بروز تشكيك في مدى قدرته على تنظيم الخلافات على الحكم داخل العائلة الحاكمة، وتحقيق انتقال سلس للسطة.
وقد جاءت المواقف التي تلت تعيين الأمير نايف العام الماضي في ولاية العهد عقب وفاة سلطان، لتعطي أولى الإشارات إلى الخلافات المتوقع نشوبها بين أبناء الملك عبد العزيز وأحفاده بمجرد وفاة الملك الحالي. صحيح أنه يومها لم تتأخر هيئة البيعة، ولو شكلياً، في التصديق على اختيار الملك لنايف ولياً للعهد، لكن لم تلبث بعدها أن بدأت ترشح التسريبات عن الامتعاضات. فأعقب وصول نايف إلى منصب ولي العهد، إصدار الملك السعودي قراراً بإعفاء نائب وزير الدفاع السابق، الأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز، من منصبه. والقرار الذي خالف المعتاد لغياب عبارة «بناءً على طلبه»، لم يتم فصله في حينه عن الخلافات حول الحكم، وخصوصاً أن الأمير عبد الرحمن لم يكن يخفي تذمره من استبعاده الدائم عن المناصب الرئيسية، ولا سيما أنه أصغر سناً من نايف وسلطان، قبل أن ينفجر الخلاف مع وصول نايف إلى ولاية العهد واستبعاده عبد الرحمن عن منصب وزير الدفاع.
بدوره، سجل الأمير طلال بن عبد العزيز امتعاضه بأسلوبه الخاص، وأعلن عبر حسابه على موقع «تويتر» استقالته من هيئة البيعة. وعلى الرغم من عدم ذكره الأسباب، كان الاعتراض على اختيار نايف وعدم بروز أي دور حقيقي للهيئة، السببين الوحيدين اللذين من الممكن الركون إليهما لتفسير الخطوة، في دلالة واضحة على أن التذمر داخل العائلة الحاكمة لن يطول قبل أن يخرج بنحو أوسع إلى العلن.
*المصدر: صحيفة الأخبار


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق