12 سبتمبر 2012

نص بيان جمعية "حسم" حول الجلسة الثالثة لمحاكمة عضويها "الحامد" و"القحطاني"


 أصدرت جمعية الحقوق المدنية والسياسية "حسم" بيان الثالث عن وقائع الجلسة الثالثة للمحاكمة السياسية لعضوي الجمعية الدكتور "عبدالله الحامد" والدكتور "محمد القحطاني" لمطالبتهم بشروط البيعة الشرعية وحقوق الإنسان.
وقال البيان الذي نشر امس الاثنين 23 شوال 1433هـ، الموافق 10 سبتمبر 2012م:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه الذين أقاموا معالم العدل والشورى،
بدأت وقائع الجلسة الثالثة من المحاكمة السياسية للناشطين الحقوقيين (أبو بلال عبدالله الحامد) و (محمد بن فهد القحطاني)، من الأعضاء المؤسسين لجمعية الحقوق المدنية والسياسية (حسم) السعودية، في مكتب القاضي (حماد العمر) بالمحكمة الجزئية بالرياض، في تمام الساعة التاسعة صباح السبت 21 شوال 1433هـ، الموافق 8 سبتمبر (أيلول) 2012م، وتواجد عدد من نشطاء حقوق الإنسان ودعاة الإصلاح السياسي في صالة الإنتظار، ومع بدء الجلسة لم يسمح رجال أمن المحكمة بدخول أحد غير المدعى عليهم ومحاميهم، سوى د. عبدالرحمن الحامد وفوزان الحربي بعد أن أبرزوا وكالات شرعية لشرطة المحكمة.
مع افتتاح الجلسة تحدث المحامي عبدالعزيز الحصان وطلب من القاضي (حماد العمر) أن يسمح بدخول الجمهور لقاعة المحكمة لأن العلنية من حق المتهمين ومن معايير عدالة المحاكمة، إلا أن القاضي صرح أن العلنية حق للقاضي تقييده إذا رأى ذلك، فأصر المدعى عليهم على علنية الجلسة، وقال د. أبو بلال أن هذه محاكمة سياسية وخصمنا الحكومة ونحن أفراد ولا يوجد لدينا ضمانات إلا علنية المحاكمة، وإذا كنت تخشى من تصرفات بعض الجمهور فمن حقك أن تخرج من تظنه يسيء للجلسة دون أن تعاقب المتهمين بحرمانهم من حقهم بعلنية الجلسة وتحرم باقي الجمهور من الحضور والإطلاع على مجريات المحاكمة، وهذا ما هو معمول به في جميع محاكم العالم من يسيء للجلسة يطرد بشخصه وليس جميع الحضور، فأصر القاضي على سرية الجلسة.
ثم قال د. محمد القحطاني إن رئيس هيئة التحقيق والإدعاء العام (محمد بن فهد العبدالله) أحالنا في أصل أمر الإحالة إلى "المحكمة الجزائية المتخصصة" التي تديرها المباحث العامة، وأنهم عندما قلنا لهم في التحقيق أننا لن نعترف بهذه المحكمة التابعة لوزارة الداخلية التي تخل بأبسط معايير العدالة، فكي لا يحرجوا أحالونا للمحكمة الجزئية، فإذا كنت ستحول المحاكمة إلى سرية فما الفرق بين المحكمة الجزئية و "المحكمة الجزائية المتخصصة" التي تديرها المباحث، فرد القاضي أن هذه المحكمة تختلف عن الجزائية المتخصصة ثم إنه حتى تلك يسمح فيها بدخول الصحافة والعلنية، فرد أبو بلال أن هذا الكلام غير صحيح وأن المحكمة المتخصصة انتقائيه وأن لي تجربة معهم فلقد رفضوا دخولي إلى محاكمة إصلاحيي جدة رغم أني أحمل وكالة شرعية من الشيخ موسى القرني، وأردف د. محمد القحطاني أننا أيضا رفضوا دخولنا "للمحكمة المتخصصة" عند محاولتنا حضور محاكمة الناشط الحقوقي محمد البجادي، حضرنا أكثر من مرة ورفضوا دخولنا رغم أن معنا وكالات شرعية منه، ورفض طلبنا حتى أن نحضر كمراقبين للمحاكمة دون تمثيل للبجادي.
فرد القاضي أنه يقرأ في الصحف عن بعض المحاكمات في تلك المحكمة، فكان جواب المدعى عليهم أن تلك المحكمة أشبه بثكنة عسكرية محاطة بأسلاك شائكة وتديرها المباحث العامة ولا تسمح بالحضور إلا لجلسات معينة ولأشخاص وصحفيين معينين موالين لوزارة الداخلية، وتنقل وجهة نظر وتهم الداخلية، بينما المتهمين ودفوعهم لا تشير إليهم إلا النزر اليسير، من باب ذر الرماد في العيون.
فقال القاضي المهم الجلسة هذه سرية والجلسة القادمة نتفاهم عليها في حينها، فطلب المدعى عليهم ومحاميهم الخروج من القاعة للتشاور فوافق القاضي، فتم الإتفاق على أن القاضي إذا لم يعد على الأقل أن تكون الجلسة القادمة علنية فينسحب دعاة حقوق الإنسان من الجلسة، ورجع المدعى عليهم للقاضي وابلغوه بقرارهم فقال القاضي (حماد العمر) هذه ليست مشارطة الجلسة الحالية سرية والقادمة سنرى في حينه، فقال المدعى عليهم إذا ننسحب من الجلسة، فرد القاضي كما تشاؤون سأستمر في الجلسة بدونكم وفي الجلسة القادمة إذا لم تحضروا سآمر بإحضاركم مخفورين، فقال أبو بلال حتى لو حضرنا سنصمت فرد القاضي "بكيفكم" وخرج المدعى عليهم من القاعة.
في صالة الانتظار تحدث د. أبو بلال عبدالله الحامد ود. محمد القحطاني للحضور عن ما جرى في الجلسة ووجهة نظرهم، فلما منع رجال أمن المحكمة الحضور من التصوير، خرج الجميع من مبنى المحكمة وأكمل المدعى عليهم كلمتهم في الساحة الخارجية، وأنصت لهم عدد من الناس وعند بدء تفرق الناس حضر باص "مكافحة الشغب" واعتقل اثنين من من حاول حضور المحاكمة هما:
- سلطان العجمي
- بكر الجوني
واقتادهما الضابط إلى مكتب القاضي (حماد العمر) الذي اكتفى بكتابة تعهد عليهما بعدم حضور المحاكمة والتصوير وتم مسح جميع الصور والفيديوهات بهواتفهم، ثم أطلق سراحهم.
ومن مجريات هذه المحاكمة السياسية تود أن تؤكد جمعية الحقوق المدنية والسياسية على ما يلي:
· أن أصل القضية هي الخلل في النظام السياسي، فالسعودية دولة بلا دستور ولا مؤسسات، وأن دعاة الإصلاح السياسي إنما يطالبون بالإنتقال من عصر الإقطاع إلى عصر الدولة الحديثة، عبر كتابة دستور (عقد اجتماعي) ينص على سلطة الأمة والفصل بين السلطات الثلاث، وينص على الحقوق المدنية والسياسية للشعب الكريم، واستقلال القضاء وبرلمان منتخب بصلاحيات واسعة تشمل المحاسبة والتمثيل وسن الأنظمة والقوانين، والسماح بالأحزاب السياسية وتداول السلطة وحرية الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني واستقلالها عن الحكومة، لتمثل مع البرلمان المنتخب الرقابة الشعبية، بدون هذه الحريات العامة ستستمر انتهاكات حقوق الإنسان، وغياب التوزيع العادل للثروة، فالعدل والشورى وسلطة الأمة هي مقتضيات البيعة الشرعية على الكتاب والسنة، هذا هو أصل القضية، ولكن النظام السعودي يريد أن يدين دعاة الإصلاح السياسي بقضايا جانبية مختلقة، مستغلا المادة 6 من نظام جرائم المعلوماتية الفضفاضة، وغيرها من القوانين التي تصوغها وزارة الداخلية، التي أصبحت أداة طيعة لتجريم دعاة الاصلاح، وصرف النظر عن أصل القضية وهو المطالبة بالانتقال إلى مفهوم دولة المؤسسات والمجتمع المدني، الذي هو طوق النجاة من السقوط في الفوضى والعنف.
· أن د. أبو بلال عبدالله الحامد ود. محمد القحطاني وغيرهم من نشطاء حقوق الإنسان والإصلاح السياسي، لا يحاكمون على جرم اقترفوه وانما لدفاعهم عن حقوق الإنسان ومناهضتهم للاستبداد السياسي وفضحهم لمنتهكي حقوق الإنسان، وما يحاكمون عليه هي حقوق اقرتها الحكومة السعودية بتوقيعها على الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ومن المعيب على القضاء السعودي أن يحاكم الناس على ممارستهم لحقوق وقعت وصادقت عليها الحكومة السعودية.
· إن المحاكمات السرية تؤكد الطبيعة البوليسية للنظام السعودي، ومؤسساته واعتماده على السرية والعمل في الظلام، وغياب الشفافية، يتضح ذلك من تضايق هيئة التحقيق والإدعاء العام من نشر بيانات وخطابات جمعية حسم على شبكة الانترنت، ونشر أبو بلال مجريات التحقيق معه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واعتبارهم ذلك جريمة تستحق العقاب، وكذلك قبول قاضي المحكمة (حماد العمر) لعلنية الجلسات على مضض منذ البداية ومحاولته تفريغ العلنية من مضمونها من خلال:
1- تسجيل اسماء الحضور ورقم هوياتهم لإخافتهم، وكانت في محاكمات سابقة تقوم المباحث العامة بهذه الخطوة.
2- طلب القاضي عدم نشر مداولات الجلسات، وتضايقه أيضا من نشر لوائح الإدعاء ومذكرات الدفوع على شبكة الانترنت.
3- في الجلسة الثانية تضايق من حضور إحدى الصحفيات، وذكر أنها نشرت كل ما جرى في الجلسة، واتخذ اخراج أحد الحضور لهاتفه المحمول كذريعة لرفض العلنية، وإخراج الجمهور جميعا من القاعة، بدلا من إخراج الشخص محل الاشتباه بالمخالفة
4- القاضي يريد أن يحضر عدد محدود من الأشخاص في الجلسة، ولا يعطيهم الحق في الكتابة عن مجريات الجلسة ومشاهداتهم، فيكون الحضور مجرد دمى تعطي انطباع بعلنية الجلسة، دون أن تنقل للرأي العام الواسع مجريات المحاكمة، وتقييمهم لها ولعدالتها.
· إن مطلب سرية جلسات المحاكمة تعكس غياب مفهوم الدولة ومؤسساتها، فلا المدعي العام مدرك لطبيعة النيابة العامة، وأنه نائب عن المجتمع يرعى مصالحه، ويحقق في جرائم الموظفين العموميين، وما يطرح على الساحة من اتهامات لهم بتجاوز القوانين واستغلال المنصب، ففي الدول الأخرى قد يشتكي الناس وزير الداخلية للمدعي العام ويطالبون بالتحقيق معه، لتجاوزه القانون أو تعدي صلاحياته، إلا أن ما يحصل في السعودية أن المدعي العام مجرد موظف عند وزير الداخلية، ولا يرفع دعوى عامة إلا بطلب منه، ويحصر الدولة في شخص وزير الداخلية وكبار المسؤولين من الأسرة الحاكمة، في حين أنه كان يجب عليه- القيام بما يمليه عليه واجبات وظيفته- فتح تحقيق فيما طرح من انتهاكات، وطلب من المدافعين عن حقوق الإنسان تقديم البراهين على الانتهاكات، ثم إذا لم يستطيعوا اثبات ذلك أحالهم للمحاكمة بدعوى كذبهم، لكن ما حدث هو العكس، حيث أحال المدعي العام المبلغين عن انتهاكات حقوق الإنسان إلى المحاكمة، في محاولة للتغطية على منتهكي حقوق الإنسان، والذي اصبح المدعي العام شريكا لهم.
والقاضي أيضاً ما انفك يردد أنه نائب عن ولي الأمر، وولي الأمر في مفهوم القضاء السعودي هم أفراد الأسرة الحاكمة الذي يشغلون مناصب قيادية في الدولة، مع العلم أن خصم الحقوقيين في هذه القضية هو شخص وزير الداخلية السابق، وابنه (محمد بن نايف)، وتواطؤ رئيس هيئة التحقيق والإدعاء العام واخلاله بواجبات وظيفته، فإذا كان القاضي نائبا عنهم فكيف يكون الخصم هو الحكم، وهذا يدل على غياب وانعدام الإستقلالية في القضاء السعودي، وأن القضاة لا يمتلكون أدنى مستوى من الثقافة السياسية، ولا يؤمنون بالحقوق السياسية سوى ما يقرره الحاكم، مما يسهل على النظام تظليلهم.
· النظام السعودي يخشى المحاكمة العلنية، وما تقتضيه من شهادات، لأنها ستفضح تورطه في انتهاكات حقوق الإنسان الممنهجة والبنيوية، مثل التعذيب والاعتقال التعسفي والقتل خارج القضاء، ومصادرة حقوق الإنسان الأساسية، ناهيك عن انتهاك الحقوق المدنية والسياسية للشعب، فخشي من استعداد ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان للشهادة ضد جلاوزة التعذيب، خاصة مع ورود أسماء بعض الضباط والمسؤولين المتورطين في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
· النظام السعودي يخشى العلانية لأنها قد تفتح ملفات الفساد، فالمدعي العام من خلال اتهامه للحقوقيين بتعطيل التنمية، قد اعطى مجالا واسعا لفتح ملفات الفساد، والفاسدين الذين يعطلون التنمية، بدءا من عدم اعلان ميزانية وزارتي الداخلية والدفاع، وميزانية مكافحة الإرهاب الضخمة غير المعلنه، وصفقات الأسلحة المشبوهة التي أظهرت وجود رشاوى ضخمة لمسؤولين كبار، ظهرت اسماؤهم في الصحف العالمية، ويتضح تعطيل التنمية من خلال استيلاء كبار الأمراء وواجهاتهم على ملايين الأمتار المربعة من أراضي الشعب، واحتكارهم لها، مما رفع تكلفة السكن على المواطنين، واصبح أكثر من 70% من المواطنين لا يمتلكون وحدات سكنية، بل إن بعضهم يسكن منازل من الصفيح، وبسبب احتكارهم للاراضي الواسعة صرح أكثر من وزير للصحف يشتكي من شح الأراضي، مما عطل المشاريع لتنموية، ويتضح تعطيل التنمية من خلال احتكار كبار الأمراء لأعمال الإنشاءات في الدولة، عبر تملكهم- مباشرة أو بواسطة واجهات- شركات مقاولات، واحتكارهم تنفيذ شبكات سكك الحديد، وترسية المشاريع عليهم دون تنفيذها بالشكل الملائم أو عدم تنفيذها أصلا، وسيول جدة تشهد بذلك، فرغم محاولة وضع كبش فداء لكارثة جدة، إلا ان المحكمة لم تستطع تجريم أحدا من المتهمين، لأنه فيما يبدوا أن صغار الفاسدين يمتلكون وثائق تدين وتفضح كبار الفاسدين.
· النظام السعودي يخشى العلنية، والتي قد تؤدي إلى فتح ملفات حروب بالوكالة، التي دخلها لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة، خاصة ببعض كبار المسؤولين للحصول على دعم الإدارات الغربية، لكي لا يعرف العالم أجمع أنه أحد أكبر أسباب الإرهاب والعنف العالمي، حيث أنه أرسل أبناء البلد الصغار إلى أفغانستان ليكونوا حطبا ووقودا لصراع قطبي الحرب الباردة، وعندما عادوا استقبلتهم الأجهزة الأمنية بالسجون والتعذيب فكانت شرارة العنف، بالإضافة إلى نشر ثقافة دينية محرفه متطرفة على مستوى العالم الإسلامي، ولا يزال النظام السعودي يستغل الحملة العالمية لمكافحة الإرهاب للتغطية على انتهاكاته حقوق الإنسان الأساسية، وقمع المعارضة السلمية، ويتضح ذلك عندما وضع مواد في "النظام الجزائي لمكافحة الإرهاب وتمويله"، تجرّم العمل والاحتجاج السلمي، فوضع مادة تعتبر أن نقد الملك أو ولي العهد من ضمن أعمال الإرهاب، يعاقب فاعلها بالسجن عشر سنوات على الأقل، وأن المظاهرات من أعمال الإرهاب، ووضع عقوبة ثلاث سنوات لمن ينظم أو يشارك في مظاهرة، ورغم أن نظام الإرهاب لم يقر بسبب تسرب نسخه منه للمنظمات الحقوقية العالمية، إلا إن النظام السعودي يطبق فعلا ما جاء فيه، ولم يصاغ المشروع إلا لتبرير واقع معمول به أصلا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق