كتبت صحيفة
"الغارديان" البريطانية عن تحدي مراسلةCNN السابقة في البحرين (آمبر ليون) لتهديدات
مسؤوليها السابقين وتحدثت عن الرقابة الذاتية في الشبكة التلفازية، كاشفة عن رفض
إدارة القناة إذاعة فيلم وثائقي عن البحرين يكشف قمع الانتفاضة بمشاركة الولايات
المتحدة الأمريكية.
وقالت: في أواخر مارس
2011، ومع انتشار المد الثوري العربي، بعثت شبكة CNN أربعة مراسلين إلى البحرين لإنتاج فيلم
وثائقي مدته ساعة واحدة عن استخدام تقنيات الإنترنت ووسائل الإعلام الاجتماعية من
قبل ناشطي الديمقراطية في المنطقة.
مع انضمام المراسلة
الصحفية "آمبر ليون"، قضى فريقCNN ثمانية أيام حافلة بالأحداث في المملكة
الصغيرة (البحرين) التي تدعمها الولايات المتحدة، كما أفادت
"الغارديان".
مع وصول فريق CNN إلى المنامة، كانت أكثر المصادر التي
وافقت على التحدث إلى طاقم المراسلين إما مختفية أو تعرضوا للاختطاف. معارضو
النظام الذين قابلوهم طاردتهم الاتهامات.
وقد اتُهم أحد أبرز
الناشطين في مجال حقوق الإنسان، نبيل رجب، بارتكاب جرائم بعيد التحدث إلى فريق CNN. وكان الطبيب الذي صاحب الطاقم في جولة إلى
قريته ورتب الاجتماعات مع معارضي الحكومة، الدكتور سعيد عياد، قد أُحرق منزله بعد
فترة وجيزة.
وتم اعتقال طاقم CNN نفسه من قبل مخبري النظام أمام منزل
الناشط الحقوقي نبيل رجب، كما كشفوا بعد عودتهم إلى الولايات المتحدة: "قفز
20 رجلا مدججين بالسلاح، وجوههم مغطاة بأقنعة سوداء، من المركبات العسكرية، ثم
صوبوا رشاشاتهم نحو الصحفيين ودفعهم أرضا. وضبطت قوات الأمن الكاميرات وحذف الصور
ولقطات الفيديو، واعتقلتهم بعد ذلك وحققت معهم لست ساعات.
تجربة مراسلة CNN "آمبر ليون" المريرة في البحرين
صدمتها وشجعتها في آن معا. في صباح اليوم التالي من احتجازها، أبرزت بعض الصحف
البحرينية تقارير عن الحادث وأشارت إلى ما وصفته المراسلة "ليون":
"افتراءات صريحة" من الحكومة، ونقل عنها كاتب التقرير في الغارديان خلال
مقابلة هاتفية معها، أن الاعتداد كشف "مدى استعداد النظام في البحرين للكذب
والتضليل"، وكيف أصبح أكثر قسوة وعنفا في محاولته لإخماد حركة الديمقراطية
المزدهرة، مع رفضه لأي تغطية إعلامية سلبية للحكومة.
وأضافت في حديثها مع
محرر صحيفة "الغارديان": "أدركت أن هناك علاقة بين حجم اهتمام
وسائل الإعلام بالناشطين وقدرة النظام على الإضرار بهم، ولذلك شعرت بمسؤولية الكشف
عما يواجهه محدثونا (مصادرنا) الذين خاطروا بحياتهم من أجل التحدث إلينا".
وقد بلغت قيمة
البرنامج الوثائقي عن انتفاضة البحرين 100،000 دولار، وهو مبلغ مرتفع بشكل غير
عادي لبرنامج مدته ساعة واحدة من هذا النوع. والقسم الذي أنتجته "ليون"
وفريقها عن البحرين استغرق 13 دقيقة، وهو الجزء المتاح حاليت على موقع يوتيوب، وهو
مقطع شديد اللهجة وصور النظام بشكل سلبي جدا.
في هذا الجزء، عرضت
فيه "ليون" مقابلات مع ناشطين وصفوا صراحة أساليب تعذيبهم على أيدي القوات
الحكومية، في حين كشف بعض أفراد الأسر عن الاختفاء المفاجئ لأقاربهم. وتحدثت مع
المسؤولين الحكوميين الذين برروا سجن الناشطين. وظهرت لقطات فيديو مروعة عن إطلاق
قوات النظام النار على المتظاهرين العزل، مع الاعتقالات الجماعية للمتظاهرين
السلميين.
وخلاصة القول، كما
كتب محرر "الغارديان"، فإن وثائقي CNN عن البحرين يمكن اعتباره واحدا من أبرز
التقارير التي تكشف القمع الوحشي الذي اعتمده النظام المدعوم من الولايات المتحدة.
في 19 يونيو 2011 على
الساعة 8 مساء، بثت شبكة CNN الداخلية في الولايات المتحدة
"الفيلم الوثائقي عن البحرين للمرة الأولى والوحيدة، وتلقى البرنامج جوائز
الصحافة المرموقة، وتلقت معدة الوثائقي "ليون" رسائل شكر من آلاف
البحرينيين.
وعلى الرغم من هذا
النجاح، وبقطع النظر عن المخاطر الخاصة التي تعرض لها فريق المراسلين ومن تحدثوا
إليهم، فإن شبكة CNN الدولية لم تبث الفيلم الوثائقي مطلقا.
واستمرت الشبكة في
رفض بث البرنامج أو حتى تقديم أي تفسير لهذا القرار. وحتى الآن، لم يبث هذا الفيلم
الوثائقي علىCNNi وحتى
في مواجهة العديد من الاستفسارات والشكاوى من العاملين بها،
وبما أن CNNI الدولية هبي من بين القنوات الناطقة
بالانجليزية الأكثر مشاهدة في المنطقة، فإن رفض المسؤولين بث الوثائقي عن البحرين،
يعني ضمان المديرين التنفيذيين للشبكة أن لا أحد من البحرينيين أو أي شخص آخر في
المنطقة قد شاهد هذا الفيلم.
وكان قرار CNNi بعدم بث "iRevolution" (عن انتفاضة البحرين) غير عادي ومثير
للجدل، حيث إن كلا من شبكتي CNN وCNNiقد فرضت
قيودا صارمة على ميزانيتها خلال السنوات العديدة الماضية. وقد وصف أحد موظفي CNN العاملين فيها منذ فترة طويلة (امتنع
المحرر ذكر اسمه حفاظا على عمله) وثائقي "iRevolution" بأنه "أغلى قصة وثائقية منتجة دوليا
عن الربيع العربي".
رفض شبكة CNNi لبث "iRevolution" (وثائقي عن انتفاضة البحرين) سرعان ما
تحول إلى فضيحة صغيرة بين منتجي الشبكة وصحفييها الذين دفعوا المراسلة الصحفية
"ليون" للتحدث عن هذا القرار.
في يونيو 2011، تساءل
أحد مدراء الأخبار في شبكة CNN في رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى معدة
الوثائقي "ليون" مستنكرا:
"لماذا لا تبث CNNi الفيلم الوثائقي عن الربيع العربي، والتي
يمكن القول إنها أكبر قصة إخبارية في هذا العقد؟ غريب، أليس كذلك؟"
طلبت
"ليون" بدافع من الانشغالات التي أعرب عنها صحفيو شبكة CNN، لقاء مع رئيس CNNi، توني مادوكس، لمناقشة رفض بث الفيلم الوثائقي.
في 24 يونيو 2011، التقت مادوكس، الذي تعهد لها بالبحث عن أسباب قرار المنع، لكنه
لم يفعل إلى الآن.
في الاجتماع الثاني
مع مادوكس، وكانت قد طلبت في ديسمبر الماضي بالرد عليها، لم تتحصل "ليون"
على أي إجابات. وفي ذلك الاجتماع، حذرها مادوكس بشدة، حسبما كشفت عنه
"ليون"، من التحدث علنا عن هذه المسألة، ولكن "ليون" لم تزدها تهديدات شبكة CNN بمنعها مستحقاتها المالية إلا إصرارا على
كشف ملابسات قرار المنع.
وتصر على أنها لم
توقع أي اتفاق سري مع CNN، لكنها لا تأبه بقطع مستحقاتها، وقالت في هذا
الشأن: "في هذا الوقت بالذات، لا أنظر إلى هذه المستحقات إلا كأموال قذرة
لشراء صمتي، وأنا عملت في الصحافة لأفضح لا للمساعدة على إخفاء الحقيقة أو الظلم،
ولست على استعداد للاستمرار في السكوت عن هذا أكثر من ذلك، حتى إذا كان ذلك يعني
أنني سوف أفقد هذه المستحقات".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق