بغياب الملك عبد الله في زيارة خاصة الى المغرب تسلم ولي العهد سلمان مهمة ادارة البلاد فعليا وربما لا تطول فترة انتظاره لتسلم زمام بشكل رسمي وتتويجه ملكا قادما كما هو متوقع. ورغم ان الانتقال الى كرسي الحكم سيكون عملية روتينية تخلو من المفاجآت الا ان امام ولي العهد الحالي ملفات شائكة وعالقة محليا وخارجيا تراكمت خلال فترة حكم عبد الله منذ عام 2005.
على الصعيد الداخلي سيواجه سلمان وضعا مختلفا تماما لم يشهده ملوك السعودية في السابق يرتبط بتغيرات اجتماعية على الساحة السعودية اهمها الحراك الحاصل حول قضايا متشابكة تراكمت خلال فترة طويلة دون ان تحل بشكل يضمن انتهاء الحراك. يبدو ان السعوديين قد تعلموا من جيرانهم العرب معنى الحراك السلمي المتمثل بالاعتصامات والمظاهرات والتجمهر امام مؤسسات الدولة والساحات العامة والمراكز التجارية ورغم ان الحشد لم يصل بعد الى مرحلة متقدمة الا انه ينذر بتطور قدرات الشباب والناشطين على تنظيم صفوفهم وجمع الآخرين حول قضايا مثل قضايا المساجين السياسيين والبطالة والتهجير من القرى النائية ومصادرة الاراضي والفساد الاداري وغيره من القضايا التي يعاني منها المواطن العادي. ورغم ان هذا الحراك الذي لم تعتد عليه القيادة السعودية سابقا حيث فضلت تجزئة هموم المواطنين وتغذية الانفرادية في المطالبة بالحقوق ومنع العمل الجماعي وتجريمه بسلسلة من القوانين الصارمة. اثبت النشطاء في كل المناطق السعودية قدرتهم على تجاوز القيود المفروضة على التنظيم السياسي والخروج بافواج صغيرة تواجه دوما بمزيد من الاعتقالات. فالنظام السعودي لا يزال يؤمن باسلوب التقدم بخطابات المطالب للمسؤولين فرديا ويقمع كل محاولة لا تكون ضمن خارطة الاستجداء المعهودة والممارسة منذ نشوء الدولة السعودية فالتجمهر غير مقبول الا اذا كان صفوفا مرصوصة تأتي على عتبات المجالس في المناطق الادارية او في العاصمة الرياض تحت امرة شخصية تضمن ولاء البقية المقدمة خطابها المرصع بالاطراء والتبجيل ثم تنصرف بعد ذلك حاملة وعود المتلقي للخطاب بالنظر في قضيتهم وتحويلها للجهات المحلية المعنية بتدبير امور منطقة ما والنظر في مساءلهم العالقة.
جاء التحول الاجتماعي الذي سيواجهه الملك القادم لينسف الاسلوب التقليدي المتبع في السعودية والذي التزم به جيل قديم افتقد للآلية والقدرة على تغيير نمط المطالبة بالحقوق او انتزاعها من اجهزة الدولة. وربما اقتنع بعض الناشطين ان اسلوب الخطابات المدبجة بتراتيل الولاء والسمع والطاعة لا تنفع مع نظام اعتمد اسلوب الغلبة والسيطرة بالقوة ولا تنفع خطابات المطالب الا في زيادة غطرسته واستعلائه على المجتمع واعادة تذكير المجتمع بانه الوهاب لكافة الحقوق والثروات وحده فقط يحل جميع المشاكل عن طريق علاقات مشخصنة مع اعمدة النظام وليس من خلال مؤسسات دولة دائمة وقادرة على التصرف وتدبير شؤون المواطنين. الانتقال من العمل الفردي المستجدي للحقوق الى مرحلة استقلالية الحراك عن القنوات التقليدية وتهميش الوسطاء بين الامراء وافراد المجتمع ادى بالضرورة الى تغيير في سياسة المطالبة بالحقوق وبروز نمط جديد ينخرط به اشخاص عاديين يتجاوزون القنوات التقليدية التي نصبها النظام كوسيط يضمن ولاء المجموعات المحلية مقابل اتوات من خزينة الدولة. ورغم ان النظام نفسه سحب البساط من تحت اقدام وسطائه في المناطق والقرى الا ان التغيير الاجتماعي وارتفاع نسبة الهجرة الى المدن الكبرى والانفتاح الاعلامي للتواصل الجماعي قد ساهم في تجاوز الزعامات التقليدية من شيخ قبيلة او امام مسجد او عمدة قرية نائية.
في ظل هذه التغييرات المتزايدة سيواجه ملك السعودية المقبل وضعا اجتماعيا يختلف عن الماضي حيث كان من السهل ضبط المجتمع خاصة في المناطق النائية والبعيدة عن المركز السياسي والاداري ومنها المناطق الجنوبية القريبة من اليمن والمناطق الشمالية حيث برز نشاط سياسي يرفض التهميش والاقصائية ولن يستطيع ان يفض اي عمل احتجاجي بمجرد استدعاء وجهاء المناطق التقليديين وانتزاع خطابات الولاء والوعود بضبط الجماعات المتحركة تماما كما يحصل في المنطقة الشرقية بعد الاحتجاجات الصاخبة والتي لم تستطع الزعامات التقليدية الشيعية من قضاة ومثقفين ووجهاء معروفين السيطرة على الوضع والتعهد خاصة وان مثل هذه الشرائح قد فشلت في تحقيق مطالب الشباب رغم تقربها من السلطة ولعب دور الوسيط بين مجموعتها واعمدة النظام السعودي فقدت شرعيتها من منظور جيل جديد من النشطاء لا يعرف سوى الخروج الى الشارع للمطالبة بحقوقه رغم العواقب الوخيمة المترتبة على هذه الاعمال الجريئة. وليس هذا التحول فريدا وخاصا بالمنطقة الشرقية بل اصبح سمة ملازمة للتحول الاجتماعي وعلاقة المناطق السعودية والمجتمع ككل بالقيادات التقليدية الفاشلة ومن هنا تكمن حالة الامتحان الصعب التي سيواجهها الملك السعودي القادم حيث لن يجد اي شرعية للوسطاء المعتمدين سابقا في تهدئة اي حراك قادر على تجاوز قنوات تقليدية عفا عليها الزمن وفقدت اي مصداقية بعد ان استقطبها النظام وحولها الى اداة للسيطرة على الشارع المحلي.
وقد يلجأ الملك القادم الى الحل الامني كملاذ اخير لفقدان السيطرة المباشرة على الشارع السعودي وتهميش قنوات التهدئة القديمة التي استغلتها الدولة سابقا لدرجة انها فقدت مصداقيتها وبغياب مؤسسات حديثة تضمن خطوط التواصل بين الشباب المتحرك واجهزة النظام سيجد هذا الاخير نفسه غير قادر على ضبط الامور وسيتشتت فكره وجهده امام القيادات الجديدة غير المعروفة التي تفرزها الساحة السعودية يوميا والتي تخرج من رحم كل مجتمع ولو بسيط او قليل العدد. فالحراك حتى المحدود لديه قابلية افراز شخصيات تأتي من الهامش وتكون غير معروفة لتبرز على الساحة وستكون الوجوه جديدة كل مرة مما يصعب على النظام رصدها رغم كل محاولاته الامنية والاستخباراتية لاقتناص الشخصيات الشابة ومراقبة حراكها خاصة على شبكات التواصل الاجتماعي.
وحتى هذه اللحظة لم يبد ولي العهد اي رغبة في التعاطي مع ملف الاصلاح السياسي طالما ظل الحراك الشعبي محصورا في قضايا مجزأة ومتشتتة وسيأتي اليوم الذي تجتمع فيه هذه المطالب في سلة واحدة حينما يقنع المجتمع ان الوصول الى حل القضايا العالقة كقضايا المعتقلين وعدم استقلالية القضاء والمشاكل الاقتصادية من بطالة الى انعدام المساكن الشعبية وحالات التهجير من القرى والتي تنعدم فيها الخدمات لن يتم الا بتغيير جوهري لنظام الحكم ونقلة نوعية الى دولة مؤسسات منتخبة اهمها مجلس امة يأتي اعضاؤه بالانتخاب وحكومة منبثقة من هذا المجلس. ورغم ان ولي العهد السعودي قد حرص على بناء صرح اعلامي يروج له كملك قادم حضاري يتبنى الثقافة والمثقفين الا انه لم يبد يوما ما اي رغبة او حتى تعليق على القضايا الاصلاحية السياسية ويظل حتى هذه اللحظة ملتزما الصمت حيالها وكأن الامر لا يعنيه او يهمه. ورغم مساهمته في تطوير مؤهلات ابنائه في الفضاء وعلى الارض الا انه يعتبر كبقية اخوته السابقين على العرش السعودي غير قادر على تجاوز ثقافته التقليدية 'السعودية' الملتزمة بمعادلة بسيطة وهي معادلة الراعي والرعية التي يترتب عليها اداء السمع والطاعة فمفهوم الدولة الثابت هو دولة يستأثر بالمناصب فيها ذرية المؤسس وليس على المجتمع سوى تقديم الولاء عند كل مرحلة. فلا ثقافة ولي العهد ولا خبرته السياسية داخليا وعلى الساحة العالمية والاقليمية تجعلنا نتوقع نقلة نوعية قادمة تنتشل السعودية من ممارسات السياسية التقليدية ولن يضطر ولي العهد ان يغير المعادلات السابقة طالما ظل الحراك الشعبي محصورا ومقيدا ومشتتا. فقط عندما تجتمع المطالب الحياتية تحت شعار التغيير السياسي سيجد نفسه مضطرا ان يواجه مجتمعا متغيرا ومتحركا في نفس الوقت. وان كان هناك امل في التغيير فيجب على ولي العهد ان يباشر فور وصوله الى الحكم بشكل مباشر الى تبني وتطبيق مبادرة اصلاحية سريعة تطال الوزارة الاكثر قمعا وتسلطا وجبروتا وهي وزارة الداخلية حيث يجب عليه تقسيمها وتحجيم سطوتها حيث يتم فصل القضاء عنها مباشرة بالاضافة الى تقليص تسلطها على المناطق اداريا حيث تظل هذه الوزارة محط جدل خلال تاريخها القديم تحت سيطرة نايف وابنه خلال فترة مكافحة الارهاب وقد نمت هذه الوزارة لتصبح دولة داخل دولة دون اي محاسبة او رقابة من قبل مؤسسات اخرى. وستكون هذه الوزارة بالذات مسؤولة عن تدهور الوضع الداخلي السعودي رغم انها اليوم تعتبر المسؤولة عن ما يسمى الامن والامان الداخلي المرتبط باساليب قمع معروفة ومفضوحة. فهل يستطيع ولي العهد ان يقوم بمثل هذه المبادرة في الشهور القادمة؟ وهذا ما ستكشفه لنا الايام.
' كاتبة واكاديمية من الجزيرة العربية
على الصعيد الداخلي سيواجه سلمان وضعا مختلفا تماما لم يشهده ملوك السعودية في السابق يرتبط بتغيرات اجتماعية على الساحة السعودية اهمها الحراك الحاصل حول قضايا متشابكة تراكمت خلال فترة طويلة دون ان تحل بشكل يضمن انتهاء الحراك. يبدو ان السعوديين قد تعلموا من جيرانهم العرب معنى الحراك السلمي المتمثل بالاعتصامات والمظاهرات والتجمهر امام مؤسسات الدولة والساحات العامة والمراكز التجارية ورغم ان الحشد لم يصل بعد الى مرحلة متقدمة الا انه ينذر بتطور قدرات الشباب والناشطين على تنظيم صفوفهم وجمع الآخرين حول قضايا مثل قضايا المساجين السياسيين والبطالة والتهجير من القرى النائية ومصادرة الاراضي والفساد الاداري وغيره من القضايا التي يعاني منها المواطن العادي. ورغم ان هذا الحراك الذي لم تعتد عليه القيادة السعودية سابقا حيث فضلت تجزئة هموم المواطنين وتغذية الانفرادية في المطالبة بالحقوق ومنع العمل الجماعي وتجريمه بسلسلة من القوانين الصارمة. اثبت النشطاء في كل المناطق السعودية قدرتهم على تجاوز القيود المفروضة على التنظيم السياسي والخروج بافواج صغيرة تواجه دوما بمزيد من الاعتقالات. فالنظام السعودي لا يزال يؤمن باسلوب التقدم بخطابات المطالب للمسؤولين فرديا ويقمع كل محاولة لا تكون ضمن خارطة الاستجداء المعهودة والممارسة منذ نشوء الدولة السعودية فالتجمهر غير مقبول الا اذا كان صفوفا مرصوصة تأتي على عتبات المجالس في المناطق الادارية او في العاصمة الرياض تحت امرة شخصية تضمن ولاء البقية المقدمة خطابها المرصع بالاطراء والتبجيل ثم تنصرف بعد ذلك حاملة وعود المتلقي للخطاب بالنظر في قضيتهم وتحويلها للجهات المحلية المعنية بتدبير امور منطقة ما والنظر في مساءلهم العالقة.
جاء التحول الاجتماعي الذي سيواجهه الملك القادم لينسف الاسلوب التقليدي المتبع في السعودية والذي التزم به جيل قديم افتقد للآلية والقدرة على تغيير نمط المطالبة بالحقوق او انتزاعها من اجهزة الدولة. وربما اقتنع بعض الناشطين ان اسلوب الخطابات المدبجة بتراتيل الولاء والسمع والطاعة لا تنفع مع نظام اعتمد اسلوب الغلبة والسيطرة بالقوة ولا تنفع خطابات المطالب الا في زيادة غطرسته واستعلائه على المجتمع واعادة تذكير المجتمع بانه الوهاب لكافة الحقوق والثروات وحده فقط يحل جميع المشاكل عن طريق علاقات مشخصنة مع اعمدة النظام وليس من خلال مؤسسات دولة دائمة وقادرة على التصرف وتدبير شؤون المواطنين. الانتقال من العمل الفردي المستجدي للحقوق الى مرحلة استقلالية الحراك عن القنوات التقليدية وتهميش الوسطاء بين الامراء وافراد المجتمع ادى بالضرورة الى تغيير في سياسة المطالبة بالحقوق وبروز نمط جديد ينخرط به اشخاص عاديين يتجاوزون القنوات التقليدية التي نصبها النظام كوسيط يضمن ولاء المجموعات المحلية مقابل اتوات من خزينة الدولة. ورغم ان النظام نفسه سحب البساط من تحت اقدام وسطائه في المناطق والقرى الا ان التغيير الاجتماعي وارتفاع نسبة الهجرة الى المدن الكبرى والانفتاح الاعلامي للتواصل الجماعي قد ساهم في تجاوز الزعامات التقليدية من شيخ قبيلة او امام مسجد او عمدة قرية نائية.
في ظل هذه التغييرات المتزايدة سيواجه ملك السعودية المقبل وضعا اجتماعيا يختلف عن الماضي حيث كان من السهل ضبط المجتمع خاصة في المناطق النائية والبعيدة عن المركز السياسي والاداري ومنها المناطق الجنوبية القريبة من اليمن والمناطق الشمالية حيث برز نشاط سياسي يرفض التهميش والاقصائية ولن يستطيع ان يفض اي عمل احتجاجي بمجرد استدعاء وجهاء المناطق التقليديين وانتزاع خطابات الولاء والوعود بضبط الجماعات المتحركة تماما كما يحصل في المنطقة الشرقية بعد الاحتجاجات الصاخبة والتي لم تستطع الزعامات التقليدية الشيعية من قضاة ومثقفين ووجهاء معروفين السيطرة على الوضع والتعهد خاصة وان مثل هذه الشرائح قد فشلت في تحقيق مطالب الشباب رغم تقربها من السلطة ولعب دور الوسيط بين مجموعتها واعمدة النظام السعودي فقدت شرعيتها من منظور جيل جديد من النشطاء لا يعرف سوى الخروج الى الشارع للمطالبة بحقوقه رغم العواقب الوخيمة المترتبة على هذه الاعمال الجريئة. وليس هذا التحول فريدا وخاصا بالمنطقة الشرقية بل اصبح سمة ملازمة للتحول الاجتماعي وعلاقة المناطق السعودية والمجتمع ككل بالقيادات التقليدية الفاشلة ومن هنا تكمن حالة الامتحان الصعب التي سيواجهها الملك السعودي القادم حيث لن يجد اي شرعية للوسطاء المعتمدين سابقا في تهدئة اي حراك قادر على تجاوز قنوات تقليدية عفا عليها الزمن وفقدت اي مصداقية بعد ان استقطبها النظام وحولها الى اداة للسيطرة على الشارع المحلي.
وقد يلجأ الملك القادم الى الحل الامني كملاذ اخير لفقدان السيطرة المباشرة على الشارع السعودي وتهميش قنوات التهدئة القديمة التي استغلتها الدولة سابقا لدرجة انها فقدت مصداقيتها وبغياب مؤسسات حديثة تضمن خطوط التواصل بين الشباب المتحرك واجهزة النظام سيجد هذا الاخير نفسه غير قادر على ضبط الامور وسيتشتت فكره وجهده امام القيادات الجديدة غير المعروفة التي تفرزها الساحة السعودية يوميا والتي تخرج من رحم كل مجتمع ولو بسيط او قليل العدد. فالحراك حتى المحدود لديه قابلية افراز شخصيات تأتي من الهامش وتكون غير معروفة لتبرز على الساحة وستكون الوجوه جديدة كل مرة مما يصعب على النظام رصدها رغم كل محاولاته الامنية والاستخباراتية لاقتناص الشخصيات الشابة ومراقبة حراكها خاصة على شبكات التواصل الاجتماعي.
وحتى هذه اللحظة لم يبد ولي العهد اي رغبة في التعاطي مع ملف الاصلاح السياسي طالما ظل الحراك الشعبي محصورا في قضايا مجزأة ومتشتتة وسيأتي اليوم الذي تجتمع فيه هذه المطالب في سلة واحدة حينما يقنع المجتمع ان الوصول الى حل القضايا العالقة كقضايا المعتقلين وعدم استقلالية القضاء والمشاكل الاقتصادية من بطالة الى انعدام المساكن الشعبية وحالات التهجير من القرى والتي تنعدم فيها الخدمات لن يتم الا بتغيير جوهري لنظام الحكم ونقلة نوعية الى دولة مؤسسات منتخبة اهمها مجلس امة يأتي اعضاؤه بالانتخاب وحكومة منبثقة من هذا المجلس. ورغم ان ولي العهد السعودي قد حرص على بناء صرح اعلامي يروج له كملك قادم حضاري يتبنى الثقافة والمثقفين الا انه لم يبد يوما ما اي رغبة او حتى تعليق على القضايا الاصلاحية السياسية ويظل حتى هذه اللحظة ملتزما الصمت حيالها وكأن الامر لا يعنيه او يهمه. ورغم مساهمته في تطوير مؤهلات ابنائه في الفضاء وعلى الارض الا انه يعتبر كبقية اخوته السابقين على العرش السعودي غير قادر على تجاوز ثقافته التقليدية 'السعودية' الملتزمة بمعادلة بسيطة وهي معادلة الراعي والرعية التي يترتب عليها اداء السمع والطاعة فمفهوم الدولة الثابت هو دولة يستأثر بالمناصب فيها ذرية المؤسس وليس على المجتمع سوى تقديم الولاء عند كل مرحلة. فلا ثقافة ولي العهد ولا خبرته السياسية داخليا وعلى الساحة العالمية والاقليمية تجعلنا نتوقع نقلة نوعية قادمة تنتشل السعودية من ممارسات السياسية التقليدية ولن يضطر ولي العهد ان يغير المعادلات السابقة طالما ظل الحراك الشعبي محصورا ومقيدا ومشتتا. فقط عندما تجتمع المطالب الحياتية تحت شعار التغيير السياسي سيجد نفسه مضطرا ان يواجه مجتمعا متغيرا ومتحركا في نفس الوقت. وان كان هناك امل في التغيير فيجب على ولي العهد ان يباشر فور وصوله الى الحكم بشكل مباشر الى تبني وتطبيق مبادرة اصلاحية سريعة تطال الوزارة الاكثر قمعا وتسلطا وجبروتا وهي وزارة الداخلية حيث يجب عليه تقسيمها وتحجيم سطوتها حيث يتم فصل القضاء عنها مباشرة بالاضافة الى تقليص تسلطها على المناطق اداريا حيث تظل هذه الوزارة محط جدل خلال تاريخها القديم تحت سيطرة نايف وابنه خلال فترة مكافحة الارهاب وقد نمت هذه الوزارة لتصبح دولة داخل دولة دون اي محاسبة او رقابة من قبل مؤسسات اخرى. وستكون هذه الوزارة بالذات مسؤولة عن تدهور الوضع الداخلي السعودي رغم انها اليوم تعتبر المسؤولة عن ما يسمى الامن والامان الداخلي المرتبط باساليب قمع معروفة ومفضوحة. فهل يستطيع ولي العهد ان يقوم بمثل هذه المبادرة في الشهور القادمة؟ وهذا ما ستكشفه لنا الايام.
' كاتبة واكاديمية من الجزيرة العربية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق