وكالة الجزيرة العربية للأنباء -
لا تزال قضية اختفاء المعتقلين في السجون السعودية محل جدل وغموض كبيرين في المملكة التي يقدر عدد الأسرى فيها بحوالي 30 ألف معتقل أو يزيد.
ربما كانت قضية الاعتقال قضية خطيرة جدًا بما تمثله من حجر على حريات الأشخاص لكن بلا شك فإن الأخطر منها هو اختفاء هؤلاء المعتقلين في السجون السعودية بلا محاكمة.
تشير بعض التدوينات وبعض المقاطع على اليوتيوب إلى اختفاء عدد من المعتقلين في غياهب السجون، فالآلاف قد اختفوا في حفرة سوداء من حفر السجون السعودية دون أن توجه لهم تهم أو يعلن عن موعد الإفراج عنهم، طبقًا لما تقوله جماعات حقوقين سعودين ودوليين.
ويأتي هذا في الوقت الذي يزعم فيه الحكومة السعودية بأنها دولة إسلامية تحكم بالشريعة الإسلامية عن طريق شيوخ وعلماء دين يتمتعون بنفوذ كبير في المجتمع، بالإضافة لكونهم ناصحين للعائلة المالكة السعودية.
ويقول الناشطون الحقوقيون أن قوى الأمن يمكنها أن تتصرف بحصانة نتيجة لهذا، وأن المتهمين يتعرضون لتفسيرات القاضي الشخصية للشريعة. بالإضافة إلى أنه- كما حدث في العديد من القضايا- لا يسمح لهم بالتواصل مع محاميهم.
ومع عدم توفر قانون عقوبات واضح، فإنه يوجد التباس وتشوش في فهم المسميات القانونية مثل "موقوفين" و"معتقلين سياسيين".
وغالبًا ما يجد المعتقلين أنفسهم يدورون في حلقة مفرغة من الاعتقال وإطلاق السراح، مما يصعب عملية حصر أعداد المعتقلين.
وفي نظام لا يسمح بوجود أحزاب سياسية أو إجراءات سياسية ديموقراطية، فإنه لا يوجد مفهوم واضح للجريمة السياسية و بالتالي لا يوجد معتقلين سياسيين.
وأحد أهم الأسباب التي دفعت المتظاهرين للخروج للشارع في كل من مصر وتونس هذه السنة كانت مساحة الحرية الكبيرة لقوى الأمن التي تمكنهم من الاعتقال دون رقيب، وهو ما أدى لإسقاط حكامهم وتسببت بهزة حقيقية في المنطقة.
وتقول الحكومة أن هذا لن يحدث في السعودية بسبب نظامها الأسلامي وشعبية الملك عبدالله الذي جاوز الثمانين، بالرغم من عدم وضوح مدى شعبية بقية أفراد الأسرة المالكة لدى الشعب.
كما تؤكد الحكومة السعودية دائمًا بانه لا وجود لمعتقلين سياسيين في المملكة، وهذا ماصرح به سابقًا المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية "منصور التركي"، الذي قال بالحرف الواحد "نكرر أنه لا وجود لمعتقلين سياسيين في المملكة العربية السعودية"
وكانت الوزارة قد صرحت بوجود ٥٩٦٩ سجين في قضايا تشدد، مضيفة أن ٥٠٨٠ منهم قد تمت محاكمتم ضمن مساع الحكومة للنظر في قضايا المعتقلين المتراكمة منذ بداية العام ٢٠٠٣.
وقد بدأت المملكة العربية السعودية معركتها مع مليشيات القاعدة في عام ٢٠٠٣، وذلك باعتقال الاف ممن يشك في وجود علاقات تربطهم بتنظميات إرهابية.
ومع ذلك، فإنه تم إلقاء القبض على العديد من الأشخاص مطلع هذا العام بعد تجمعات ومظاهرات تطالب بالديموقراطية في المنطقة الشرقية.
وتجمع عدد من الأهالي أمام مقر وزارة الداخلية في الرياض للمطالبة بالإفراج عن ذويهم شهر مارس.
يشار أيضًا إلى أن السعودية تتعدد فيها أشكال السلطات الأمنية حيث تعرف المملكة سلطة ليست موجودة في أي بقعة من بقع العالم وهي ما يعرف بـ"الشرطة الدينية" التي تديرها مؤسسة دينية نافذة بالتعاون مع وزارة الداخلية؛ وهذا الأمر الاخير يوسع بلاشك من الحصانة التي تتمتع بها السلطات في السعودية، إذ أنها في هذه الحالة تحكم باسم الدين.
وتقول جماعات الحقوق المستقلة أن عدد المعتقلين في السجون السعودية المخصصة لقضايا أمن الدولة يترواح بين ١٢٠٠٠ حتى ٣٠٠٠٠ الف معتقل.
تقدر منظمة الحقوق السعودية المستقلة “حقوق الإنسان أولا” عدد اعتقالات الأجهزة الأمنية تقريبا ب١٢٠٠٠ حتى ١٥٠٠٠ معتقل.
وحول مصدر هذه المعلومات يؤكد رئيس منظمة الحقوق السعودية المستقلة "ابراهيم المقيطب"، أننا نتابع بكثب تصريحات وزارة الداخلية ولكننا عرفنا عن آلاف المعتقلين عن طريق عائلاتهم.
وتقول الجمعية السعودية للحقوق الاجتماعية والسياسية السعودية أنها تعتقد أن جميع سجون مديرية المباحث العامة و جهاز أمن الدولة ممتلئة بالمعتقلين مما يجعل عددهم يقارب الثلاثين ألف معتقل.
وتقول منظمة العفو الدولية- مقرها المملكة المتحدة – أنها تقدر عدد المعتقلين بالاف، بعضهم اعتقلوا لانتقادهم جهات حكومية والبعض الأخر لأسباب أمنية.
وقالت دينا المامود، باحثة في منظمة العفو: "إن القضايا الأمنية في المملكة العربية السعودية تحاط بمستوى عالى من السرية مما يجعل مهمة تحديد أعداد المعتقلين وتفاصيل قضاياهم بدقة صعبا للغاية على جمعيات حقوق الإنسان"
وأضافت الباحثة قائلةً: "نحن نعلم أن الاف الأشخاص تم اعتقالهم تعسفيًا في المملكة العربية السعودية منذ عام ٢٠٠١.
الجدير بالذكر أن المملكة العربية السعودية الآن بصدد دراسة قانون إرهاب جديد، وقد قامت منظمة العفو الدولية بانتقاد هذا القانون في شهر يوليو لهذا العام بعد حصولها على نسخة من مسودة مشروع قانون العقوبات لجرائم الإرهاب وتمويله. وقامت منظمة العفو بنشر المسودة على موقعها.
وإذا تمت الموافقة على هذا المشروع، فإن القانون الجديد سيعرض المتهمين بتهمة "تهديد الوحدة الوطنية" و"الإسائة لسمعة الدولة" للسجن لمدة غير محددة كمتهمين بالإرهاب بعد موافقة محكمة مختصة. وهذا ما ورد في مسودة القانون.
و ينص القانون أيضا على مدة سجن لا تقل عن ١٠ سنوات لمن يشكك في نزاهة الملك أو ولي عهده.
وتقول الجمعية السعودية للحقوق الاجتماعية والسياسية السعودية أن المحاكمات الخاصة تمثل انتهاكا للحقوق في حد ذاتها.
فقد صرحت الجمعية هذا الشهر قائلةً: "تنتهك هذه المحاكم حقوق المدافعين عن حقوق الإنسان والمساجين، وتوثق الاعترافات القسرية المنتزعة عن طريق التعذيب والإجبار".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق