قالت "هيومن
رايتس ووتش"، اليوم، إن على السلطات القضائية في المملكة العربية السعودية
اتخاذ خطوات عاجلة لإنهاء احتجاز رجل سعودي لأجل غير مسمى بسبب عجزه عن توفير
الأموال اللازمة لتعويض الشخص الذي وقع ضحية اعتداء.
وحكم على "علي
الخواهر"،31 عاما، بالسجن ست سنوات عام 2010، كعقوبة على حادثة
وقعت في 14 يناير/كانون الثاني 2004، تمثلت في قيامه بطعن أحد
أصدقاء طفولته في ظهره قرب الحبل الشوكي، ما تسبب له في شلل دائم. كما واجه"الخواهر" حكما
بالقصاص، الذي ينص، وفق الشريعة الإسلامية، على فرض عقوبات بدنية مباشرة عملا
بمبدأ"العين بالعين" أو دفع تعويض مالي للضحية.
وأعلنت
وزارة العدل في 8 أبريل/نيسان 2013، أن المحكمة لن تطبق عقوبة
القصاص بـ"الشلل" في هذه القضية، وهو ما جعل التعويض المالي السبيل
الوحيد لـ"الخواهر" للحصول على حريته.
وقالت "سارة
ليا ويتسن"، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن
رايتس ووتش: “لقد قضى علي الخواهر عقوبته، ويجب أن لا يبقى سجينا لمجرد أنه
وعائلته من الفقر بمكان بما لا يجعلهم قادرين على دفع التعويض. أي نوع من نظم
العدالة هذا الذي يطلق سراح الأثرياء بينما يبقي على الفقراء وراء القضبان إذا لم
يتوفر لهم المال لسداد غرامة؟”.
وقال
مصدر مطلع بشكل مباشر على القضية لـ هيومن رايتس ووتش إن المحكمة الجنائية في
الإحساء أصدرت سنة 2004 حُكمًا جنائيًا بالسجن لمدّة ست سنوات في حق علي
الخواهر الذي كان يبلغ من العمر 21 عامًا. كما أكد المصدر أن
المحكمة منعته من إحضار محام معه إلى المحكمة، كما أنه يعترض على التهم التي وجهت
إليه.
وفي مايو/أيار 2006،
قدم الشخص الذي كان ضحية اعتداء "علي الخواهر" طلبًا إلى
المحكمة العامة في الإحساء، التي لها اختصاص نظر المسائل الخارجة عن اختصاص
المحاكم الجنائية، بتطبيق القصاص، وهو مبدأ في الشريعة الإسلامية يعني “المساواة
في الانتقام”، ويُمكن أن تستخدمه المحاكم لفرض عقوبات مباشرة عملا بمبدأ “العين
بالعين” على أشخاص يُلحقون ضررًا جسديًا بغيرهم ما لم يوافقوا على دفع مبلغ مالي
معين لهم. وقال المصدر إن الضحية طلب في البداية مليوني ريال سعودي (533,000 دولار
أمريكي) لكنه خفض طلبه بعد ذلك إلى مليون ريال (266 ألف دولار
أمريكي)
وينصّ
القرار الصادر عن المحكمة العامة في 17 يوليو/تموز 2007، وقد حصلت
هيومن رايتس ووتش على نسخة منه، على أن “حضر الطرفان وقررا اصطلاحهما بطوعهما
واختيارهما دون إجبار أو إكراه من أحد على الآتي:أولا أن يسلم المدعى عليه علي
الخواهر للمدعى… مبلغاً مقداره مليونا ريال في مدة أقصاها سنة اعتبارا من تاريخ اليوم…
مقابل تنازل المدعى عن المطالبة بالقصاص… ثانيا أن لا يخرج المدعى عليه من السجن
حتى تسليم المتفق عليه…”.
ورغم أنه
يُمكن تعويض أحكام القصاص القائمة على عقوبة بدنية بمبالغ مالية، إلا أن ذلك
يُعتبر نظامًا تمييزيًا على أرض الواقع يُمكّن المجرمين الأثرياء من تسوية الموضوع
بطريق دفع المال، بينما يواجه الفقراء إمكانية التعرض للعقاب البدني بما يعادل
الجريمة المزعومة أو يبقون في السجن لأجل غير مسمى.
وقال
المصدر لـ هيومن رايتس ووتش إن عائلة الخواهر عجزت عن جمع المبلغ المالي، ولذلك
بقي هو في السجن بعد انقضاء الحكم الجنائي الصادر في حقه بأربع سنوات. وقال
محام مطلع على القضية لـ هيومن رايتس ووتش إن القرار نهائي ولا يمكن استئنافه.
وتُطبق
السعودية، التي ليس لديها قانون جنائي، الشريعة الإسلامية في كامل أراضيها، فتترك
للقضاة حرية إصدار أحكام تعتمد على فهمهم للقرآن وتعاليم النبي محمد. وتمنع
المحاكم بشكل روتيني المتهمين من حقوقهم الأساسية في ضمانات المحاكمة العادلة، بما
في ذلك الحق في وجود محام يُمثل المتهم.
قامت
هيومن رايتس ووتش بتوثيق عديد الأحكام القائمة على مبدأ “العين بالعين” في المملكة
العربية السعودية عبر السنين، لكنها لم توثق أية حالات أمرت فيها المحكمة بتنفيذ
عقوبات بدنية. وفي 2010، قضت محكمة في مدينة تبوك في الشمال الغربي بقطع
الحبل الشوكي لأحد الأشخاص المدانين كعقوبة على قيامه بطعن شخص آخر بسكين تقطيع
لحم. لم تتمكن المحكمة من تطبيق تلك العقوبة، ومع هذا، فبعد أن رفض العديد من
الأطباء تنفيذها، عدلت المحكمة عن قرارها في النهاية.
وفي 2005،
أصدرت محكمة في مدينة الدمام شرق السعودية حكمًا في حق بوثان فيتل عبد اللطيف
نوشاد، وهو مواطن هندي، بفقء عينه اليُمنى بسبب مشاركته في مشاجرة في أبريل/نيسان 2003 أصيب
فيها مواطن سعودي بجروح.
تجعل
أعمال الاحتجاز لأجل غير مسمى، النابعة من الإخفاق في دفع التعويضات، المحتجزين في
حالة قانونية غامضة وغير مؤكدة ويجب اعتبارها أعمالا تعسفية. يحظر الميثاق
العربي لحقوق الإنسان الاحتجاز التعسفي بموجب المادة 14.1.
قالت
سارة ليا ويتسن: “قطعا يستحق ضحية الاعتداء الجنائي الحصول على تعويض، لكن ترك
الجاني في غياهب السجن يعد شكلا من أشكال عبودية الدين بأمر المحكمة. وإذا
كان الملك عبد الله يرغب في إظهار التزامه بإصلاح نظام العدالة في المملكة، فليس
أفضل من أن يبدأ بمنع العقوبات القائمة على مبدأ العين بالعين “.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق