اصبح من المعروف ان
الدول التي تعاني من مأزق اقتصادي او سياسي تتجه انظمتها الى التركيز على اليد
العاملة الوافدة المنتظمة وغير المنتظمة فتتحول هذه الكتلة البشرية التي تحرك
اقتصاد الدول الى محور تستغله الانظمة لتمرير صرف النظر عن المعضلة الحقيقية
وجذورها. فكما الاحزاب الغربية في الدول الديمقراطية التي تعلن في حملاتها
الانتخابية عن برامج تطارد اليد العاملة الوافدة نجد ان النظام السعودي يحاول ان
يستجدي شرعية جديدة تحت شعار توطين العمل او سعودته، وهو شعار قديم يطرح عند كل
خطة خمسية تقررها الوزارات المعنية التي تطمح الى تقليص عدد الوافدين العاملين
وتقنين الاعتماد عليهم خاصة في القطاع الخاص الذي حتى هذه اللحظة لا يزال يعتمد
على الاجانب بنسبة قد تزيد عن 85 بالمئة.
وفي عملية تراكمية وصل تعداد المقيمين في السعودية الى ما يقارب ثلث السكان، يصل الى عشرة ملايين نسمة من الجنسيات العربية والغربية والاسيوية والافريقية.
ومنذ بداية عصر النفط انتقلت السعودية من دولة تصدر المهاجرين الى دولة تستقبلهم. ففي السابق هاجر ابناء الجزيرة العربية ليعملوا في حفريات قناة السويس في القرن التاسع عشر وانتقلوا الى مناطق في العراق ووصلوا الى الهند طلبا للعمل والتجارة، ولكن حولت الثروة النفطية السعودية منذ الثلاثينيات من القرن المنصرم المنطقة الى مساحة تستقبل اليد العاملة، كان اولها شحنات العمال التي جلبتها شركة ارامكو الى حقول النفط، ومنها المساجين الايطاليين الذين اعتقلوا في القرن الافريقي ونقلتهم الطائرات الامريكية الى الظهران من اجل حفر آبار النفط، ومن ثم فتح الباب على مصراعيه ليد عاملة عربية اولا ثم اسيوية حتى لحظة استقدام اليد العاملة المحلية من مناطق مختلفة في الاطراف والمناطق المترامية وسط المملكة وعلى حدودها.
وبعد توسع اقتصاد النفط والخدمات لم تستطع السعودية وحتى هذه اللحظة ان تقنن اعتمادها على اليد العاملة الوافدة تحت ذرائع مختلفة ومتناقضة، كان أولها: عدم جاهزية المجتمع وانعدام الخبرات ثم عدم رغبة المواطنين بالانخراط في الاعمال اليدوية والمهنية ثم مقاومة القطاع الخاص الذي لا يزال يفضل العمالة الاجنبية على المحلية لاسباب تعزى الى تعقيدات ثقافية واجتماعية، فبينما يظهر النظام بمظهر الحريص على توفير فرص العمل للكتلة الشبابية الناشئة، تصور الآلة الاعلامية السعودية الخلل في ثقافة المجتمع او ممانعة اصحاب العمل فتبدو غير مسؤولة عن آلاف رخص استيراد اليد العاملة الاجنبية التي تصدرها الوزارات. ومؤخرا ظهر خطاب جديد يحاول تحميل اليد العاملة غير المنتظمة مسؤولية بيع الخمور وعمليات السطو وتفشي الدعارة وغيره من الآفات التي تعصف بالمجتمع فتتم عمليات ملاحقة اليد العاملة وترحيلها بين الحين والحين ويبرز النظام وكأنه يطهر الاراضي السعودية من العنصر الخارجي الدخيل على المجتمع والذي يفتك به اقتصاديا عن طريق اعاقة توظيف اليد العاملة المحلية واجتماعيا عن طريق نشر الرذيلة في طيات المجتمع المحافظ الورع.
وتنس هذه السرديات العنصرية غير المؤصلة ان النظام وحده المسؤول عن استقدام اليد العاملة المنتظمة وتقصيره عن تحصين حدوده ضد الهجرة غير المرخصة، وبذلك يتملص النظام من المسؤولية الادارية والسياسية والامنية ويسلط الضوء على العمالة الوافدة ككبش فداء يتقرب به الى مشاعر التأجج الناتجة عن تفشي البطالة وانعدام فرص العمل في اكبر اقتصاد نفطي عربي وعالمي.
ويمهد النظام بسردية خطر العمالة الوافدة الى تفكك السلم والامن الاجتماعيين عندما يبادر المواطن باتخاذ زمام المبادرة ويعتدي على المهاجر الشرعي وغير الشرعي، تماما كما حدث في بعض مناطق المملكة عندما تصدى المواطنون لمجموعات اثيوبية يعتقد انها تروج للخمور وغيره من المحرمات تحت ذريعة تطهير المنطقة من شرور العصابات. وينسى النظام ان عدالة الشارع قد لا تكون في مصلحته حيث ان مفهوم الدولة يعتمد اولا واخيرا على توفير الامن من قبل جهات مسؤولة وليس اشخاصا يبادرون بمبادرات شخصية.
ونعزي استمرارية اعتماد السعودية على اليد العاملة الوافدة حتى هذه اللحظة الى اسباب سياسية بحتة منها اولا: تثبيت حالة تخلق يدا عاملة خارجية تكون معتمدة كليا على عقود عمل محدودة تحت رخص تمنح للشركات والاشخاص كمنح تمكنهم من استمرارية العمل وتوفر اليد العاملة الرخيصة، وكمكافأة تجعل تجارتهم رابحة وغير معتمدة على يد عاملة محلية قد يكون لها مطالب مشروعة.
الاعتماد على يد عاملة خارجية آنية منعزلة عن المجتمع ولا تتمتع بحقوق ثابتة قد ترحل عند اي حالة تململ تجعل الشركات في موقف مستقل عن المجتمع يوفر الخدمات والتجارة الرابحة من دون ان يربط العمال والموظفين بشـروط لها تبعيات على المجتمع وشرائحه.
ثانيا: حول النظام السعودي استقدام اليد العاملة الخارجية الى تجارة رابحة وسياسة توزيع للاتاوات حيث تباع رخص استقدام العمال وتشترى في سوق كبير لا تستفيد منه شركات استيراد اليد العاملة فقط، بل شخصيات محددة لها حق هذا الاستيراد فينتقع اقتصاد الخدمات كما تنتفع الشخصيات المرتبطة بالنظام والتي تمنع انفتاح السوق وتتمركز كقوة محتكرة لليد العاملة التي تحرك الاقتصاد المحلي وتسير اموره.
ثالثا: تخلق اليد العاملة المستوردة وخاصة تلك التي تمارس المهن الوضيعة حالة نفسية عند المواطن الذي رغم حرمانه من كثير من الحقوق يشعر انه شخصية ليست الاكثر دونية، حيث سيجد دوما من هو اكثر منه ترديا في السلم الاجتماعي الطبقي.
فازدواجية المواطن ـ الاجنبي قانونيا واجتماعيا تجعل الاول يعتقد انه ارفع شأنا من ذلك العامل المستورد الذي يظل ذلك الآخر المنبوذ او الشر الذي لا بد منه ويعيش المواطن على وهم التخلص من ذلك العامل في المستقبل بينما هو يمارس ضده ابشع انواع العنصرية والاقصاء من اجل راحة نفسية آنية فيفرج عن كربته بينما يظل العامل المستورد حبيس الازدواجية السعودية التي جعلته ينحدر الى مركز العامل المهان الذي قد يستغنى عنه او يستبدل في اي لحظة وحسب الاهواء. وتجسد حالات هروب العمال او انتحار عاملات المنزل او الاعتداء على اصحاب المحال التي تمتلئ بها صفحات الجرائد السعودية مظهرا من مظاهر الخلل في شروط العمل والبيئة الثقافية والاجتماعية التي يأتي اليها العامل.
وهنا لا نبرئ العامل من مسؤولية الجريمة ان ارتكبها بل نوضح كيف ان البيئة السعودية التي تنعدم فيها ابسط حقوق العمل والعامل تبقى مسؤولة عن مثل هذه الحالات الشاذة، فمعظم اليد العاملة الوافدة مدفوعة برغبة العمل الشريف لاعالة اسر في دول ذات اقتصاد ضعيف يعتمد كليا على حوالات يرسلها هؤلاء الى بلدهم وتعتاش عليها آلاف المجتمعات في اسيا والعالم العربي وافريقيا. وبين الحين والحين تستعرض الصحافة السعودية احصاءات الاموال المصدرة الى الخارج من قبل هؤلاء العمال الوافدين كأرقام تستنزف الاقتصاد المحلي وتحرمه من المردود الناتج عن توظيف يد عاملة خارجية متناسية بذلك ان هذه الارقام تكاد تكون جزءا بسيطا من تصدير المردود النفطي والفائض المالي الى البنوك الخارجية تحت حسابات سرية وصناديق استثمار تبقى مجهولة وغير مقررة على جداول الميزانيات السعودية. وعندما لا يسمح للعامل البسيط استقدام اسرته الى السعودية فهو مجبور على تحويل جزء كبير من مدخوله لاعاشة اسرته في موطنه بينما تهرب الاموال الكبيرة خارج السعودية طلبا لمردود اكبر بكثير من مردودها داخليا وهربا من عدم الثقة باستمرارية الوضع الاقتصادي والسياسي الداخلي.
يعلم النظام السعودي جيدا ان استهداف اليد العاملة الوافدة بين الحين والحين سياسة هدفها تحميل المسؤولية لمن ليس له القدرة على تحملها، حيث يسلط الضوء على الآخر الغريب المحتاج بينما يظل المسؤول الاول والاخير عن هذه المعضلة القديمة المتجددة محصنا، فيضمن بذلك تجييش مشاعر وطنية زائفة ضد هذا الآخر بدل ان يحل ازمة البطالة بطرق مشروعة تعكس استراتيجية بعيدة المدى ونظرة اقتصادية بحتة غير مضللة باهداف سياسية تنتقي جنسيات محددة وافدة لكسب شرعية تدغدغ مشاعر المواطنين تماما كما حدث عندما تم ترحيل اكثر من مليون يمني في التسعينات لاسباب سياسية صرفة وكما هو الحال الآن عندما يتم ملاحقة اليمنيين وغيرهم وترحيلهم بالجملة كوسيلة ضغط على حكومات بلادهم وقد يؤدي الى انهيارات اقتصادية تكون تداعياتها كبيرة وخطيرة على السعودية بالذات، خاصة ان حدودها الجنوبية تتعانق مع حدود دولة تعتبر من اكثر الدول فقرا في العالم العربي. ومهما طال الجدار العازل مع اليمن وارتفع الا ان المعضلة ان كانت امنية او اقتصادية لا تحل باستهداف اليد العاملة الوافدة بل بسياسة تستثمر العوز الاقتصادي اليمني تحت شروط انسانية وعمالية تليق بالمركز المحوري السعودي وتتفق مع شروط العمل العالمية لتنهض باقتصاد البلدين. فالدول الغنية التي تحترم نفسها لا يمكن لها ان تستمر في استغلال اليد العاملة الوافدة ككبش فداء تضحي به عند كل معضلة سياسية تواجهها.
‘ كاتبة واكاديمية من الجزيرة العربية
وفي عملية تراكمية وصل تعداد المقيمين في السعودية الى ما يقارب ثلث السكان، يصل الى عشرة ملايين نسمة من الجنسيات العربية والغربية والاسيوية والافريقية.
ومنذ بداية عصر النفط انتقلت السعودية من دولة تصدر المهاجرين الى دولة تستقبلهم. ففي السابق هاجر ابناء الجزيرة العربية ليعملوا في حفريات قناة السويس في القرن التاسع عشر وانتقلوا الى مناطق في العراق ووصلوا الى الهند طلبا للعمل والتجارة، ولكن حولت الثروة النفطية السعودية منذ الثلاثينيات من القرن المنصرم المنطقة الى مساحة تستقبل اليد العاملة، كان اولها شحنات العمال التي جلبتها شركة ارامكو الى حقول النفط، ومنها المساجين الايطاليين الذين اعتقلوا في القرن الافريقي ونقلتهم الطائرات الامريكية الى الظهران من اجل حفر آبار النفط، ومن ثم فتح الباب على مصراعيه ليد عاملة عربية اولا ثم اسيوية حتى لحظة استقدام اليد العاملة المحلية من مناطق مختلفة في الاطراف والمناطق المترامية وسط المملكة وعلى حدودها.
وبعد توسع اقتصاد النفط والخدمات لم تستطع السعودية وحتى هذه اللحظة ان تقنن اعتمادها على اليد العاملة الوافدة تحت ذرائع مختلفة ومتناقضة، كان أولها: عدم جاهزية المجتمع وانعدام الخبرات ثم عدم رغبة المواطنين بالانخراط في الاعمال اليدوية والمهنية ثم مقاومة القطاع الخاص الذي لا يزال يفضل العمالة الاجنبية على المحلية لاسباب تعزى الى تعقيدات ثقافية واجتماعية، فبينما يظهر النظام بمظهر الحريص على توفير فرص العمل للكتلة الشبابية الناشئة، تصور الآلة الاعلامية السعودية الخلل في ثقافة المجتمع او ممانعة اصحاب العمل فتبدو غير مسؤولة عن آلاف رخص استيراد اليد العاملة الاجنبية التي تصدرها الوزارات. ومؤخرا ظهر خطاب جديد يحاول تحميل اليد العاملة غير المنتظمة مسؤولية بيع الخمور وعمليات السطو وتفشي الدعارة وغيره من الآفات التي تعصف بالمجتمع فتتم عمليات ملاحقة اليد العاملة وترحيلها بين الحين والحين ويبرز النظام وكأنه يطهر الاراضي السعودية من العنصر الخارجي الدخيل على المجتمع والذي يفتك به اقتصاديا عن طريق اعاقة توظيف اليد العاملة المحلية واجتماعيا عن طريق نشر الرذيلة في طيات المجتمع المحافظ الورع.
وتنس هذه السرديات العنصرية غير المؤصلة ان النظام وحده المسؤول عن استقدام اليد العاملة المنتظمة وتقصيره عن تحصين حدوده ضد الهجرة غير المرخصة، وبذلك يتملص النظام من المسؤولية الادارية والسياسية والامنية ويسلط الضوء على العمالة الوافدة ككبش فداء يتقرب به الى مشاعر التأجج الناتجة عن تفشي البطالة وانعدام فرص العمل في اكبر اقتصاد نفطي عربي وعالمي.
ويمهد النظام بسردية خطر العمالة الوافدة الى تفكك السلم والامن الاجتماعيين عندما يبادر المواطن باتخاذ زمام المبادرة ويعتدي على المهاجر الشرعي وغير الشرعي، تماما كما حدث في بعض مناطق المملكة عندما تصدى المواطنون لمجموعات اثيوبية يعتقد انها تروج للخمور وغيره من المحرمات تحت ذريعة تطهير المنطقة من شرور العصابات. وينسى النظام ان عدالة الشارع قد لا تكون في مصلحته حيث ان مفهوم الدولة يعتمد اولا واخيرا على توفير الامن من قبل جهات مسؤولة وليس اشخاصا يبادرون بمبادرات شخصية.
ونعزي استمرارية اعتماد السعودية على اليد العاملة الوافدة حتى هذه اللحظة الى اسباب سياسية بحتة منها اولا: تثبيت حالة تخلق يدا عاملة خارجية تكون معتمدة كليا على عقود عمل محدودة تحت رخص تمنح للشركات والاشخاص كمنح تمكنهم من استمرارية العمل وتوفر اليد العاملة الرخيصة، وكمكافأة تجعل تجارتهم رابحة وغير معتمدة على يد عاملة محلية قد يكون لها مطالب مشروعة.
الاعتماد على يد عاملة خارجية آنية منعزلة عن المجتمع ولا تتمتع بحقوق ثابتة قد ترحل عند اي حالة تململ تجعل الشركات في موقف مستقل عن المجتمع يوفر الخدمات والتجارة الرابحة من دون ان يربط العمال والموظفين بشـروط لها تبعيات على المجتمع وشرائحه.
ثانيا: حول النظام السعودي استقدام اليد العاملة الخارجية الى تجارة رابحة وسياسة توزيع للاتاوات حيث تباع رخص استقدام العمال وتشترى في سوق كبير لا تستفيد منه شركات استيراد اليد العاملة فقط، بل شخصيات محددة لها حق هذا الاستيراد فينتقع اقتصاد الخدمات كما تنتفع الشخصيات المرتبطة بالنظام والتي تمنع انفتاح السوق وتتمركز كقوة محتكرة لليد العاملة التي تحرك الاقتصاد المحلي وتسير اموره.
ثالثا: تخلق اليد العاملة المستوردة وخاصة تلك التي تمارس المهن الوضيعة حالة نفسية عند المواطن الذي رغم حرمانه من كثير من الحقوق يشعر انه شخصية ليست الاكثر دونية، حيث سيجد دوما من هو اكثر منه ترديا في السلم الاجتماعي الطبقي.
فازدواجية المواطن ـ الاجنبي قانونيا واجتماعيا تجعل الاول يعتقد انه ارفع شأنا من ذلك العامل المستورد الذي يظل ذلك الآخر المنبوذ او الشر الذي لا بد منه ويعيش المواطن على وهم التخلص من ذلك العامل في المستقبل بينما هو يمارس ضده ابشع انواع العنصرية والاقصاء من اجل راحة نفسية آنية فيفرج عن كربته بينما يظل العامل المستورد حبيس الازدواجية السعودية التي جعلته ينحدر الى مركز العامل المهان الذي قد يستغنى عنه او يستبدل في اي لحظة وحسب الاهواء. وتجسد حالات هروب العمال او انتحار عاملات المنزل او الاعتداء على اصحاب المحال التي تمتلئ بها صفحات الجرائد السعودية مظهرا من مظاهر الخلل في شروط العمل والبيئة الثقافية والاجتماعية التي يأتي اليها العامل.
وهنا لا نبرئ العامل من مسؤولية الجريمة ان ارتكبها بل نوضح كيف ان البيئة السعودية التي تنعدم فيها ابسط حقوق العمل والعامل تبقى مسؤولة عن مثل هذه الحالات الشاذة، فمعظم اليد العاملة الوافدة مدفوعة برغبة العمل الشريف لاعالة اسر في دول ذات اقتصاد ضعيف يعتمد كليا على حوالات يرسلها هؤلاء الى بلدهم وتعتاش عليها آلاف المجتمعات في اسيا والعالم العربي وافريقيا. وبين الحين والحين تستعرض الصحافة السعودية احصاءات الاموال المصدرة الى الخارج من قبل هؤلاء العمال الوافدين كأرقام تستنزف الاقتصاد المحلي وتحرمه من المردود الناتج عن توظيف يد عاملة خارجية متناسية بذلك ان هذه الارقام تكاد تكون جزءا بسيطا من تصدير المردود النفطي والفائض المالي الى البنوك الخارجية تحت حسابات سرية وصناديق استثمار تبقى مجهولة وغير مقررة على جداول الميزانيات السعودية. وعندما لا يسمح للعامل البسيط استقدام اسرته الى السعودية فهو مجبور على تحويل جزء كبير من مدخوله لاعاشة اسرته في موطنه بينما تهرب الاموال الكبيرة خارج السعودية طلبا لمردود اكبر بكثير من مردودها داخليا وهربا من عدم الثقة باستمرارية الوضع الاقتصادي والسياسي الداخلي.
يعلم النظام السعودي جيدا ان استهداف اليد العاملة الوافدة بين الحين والحين سياسة هدفها تحميل المسؤولية لمن ليس له القدرة على تحملها، حيث يسلط الضوء على الآخر الغريب المحتاج بينما يظل المسؤول الاول والاخير عن هذه المعضلة القديمة المتجددة محصنا، فيضمن بذلك تجييش مشاعر وطنية زائفة ضد هذا الآخر بدل ان يحل ازمة البطالة بطرق مشروعة تعكس استراتيجية بعيدة المدى ونظرة اقتصادية بحتة غير مضللة باهداف سياسية تنتقي جنسيات محددة وافدة لكسب شرعية تدغدغ مشاعر المواطنين تماما كما حدث عندما تم ترحيل اكثر من مليون يمني في التسعينات لاسباب سياسية صرفة وكما هو الحال الآن عندما يتم ملاحقة اليمنيين وغيرهم وترحيلهم بالجملة كوسيلة ضغط على حكومات بلادهم وقد يؤدي الى انهيارات اقتصادية تكون تداعياتها كبيرة وخطيرة على السعودية بالذات، خاصة ان حدودها الجنوبية تتعانق مع حدود دولة تعتبر من اكثر الدول فقرا في العالم العربي. ومهما طال الجدار العازل مع اليمن وارتفع الا ان المعضلة ان كانت امنية او اقتصادية لا تحل باستهداف اليد العاملة الوافدة بل بسياسة تستثمر العوز الاقتصادي اليمني تحت شروط انسانية وعمالية تليق بالمركز المحوري السعودي وتتفق مع شروط العمل العالمية لتنهض باقتصاد البلدين. فالدول الغنية التي تحترم نفسها لا يمكن لها ان تستمر في استغلال اليد العاملة الوافدة ككبش فداء تضحي به عند كل معضلة سياسية تواجهها.
‘ كاتبة واكاديمية من الجزيرة العربية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق