لم تمر المملكة السعودية في تاريخها الذي بدا عام 1932 بمرحلة اصعب مما تمر به الان حيث رياح التغيير العاتية التي تهب على ديار العرب والتي وصلت الى تخوم صحارى نجد والحجاز بالاضافة الى ازمة الحكم الذي نخرته الشيخوخة والصراعات بين ابناء عبدالعزيز والتي اشتدت واستفحلت بعد موت الامير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي.
موت سلطان زاد من قتامة الغيوم التي تلبدت في سماء المملكة منذرة باعاصير وسيول لا تبقي ولا تذر في ظل ازمة تعاني منها المملكة بسبب صعوبة تعامل نظامها المتخشب مع التطورات الحالية وطريقة تناوب ابناء عبدالعزيز على المناصب السيادية في المملكة.
ان التاخر الحاصل في الاعلان عن اسم ولي عهد جديد للملك عبدالله يعود الى التناقض الحاصل بين وصية مؤسس المملكة الذي اوصى ان يتولى ابناؤه المناصب السيادية وفقا لاعمارهم وبين رغبة ابنائه في الحصول على هذه المناصب دون مراعاة الوصية.
ووفقا للمصادر السعودية المقربة من العائلة المالكة السعودية فان الامير نايف وزير الداخلية هو الاوفر حظا لتولي منصب ولي العهد رغم انه اصغر سنا من الكثير من اشقائه واخوته وبينهم الامراء عبد الرحمن نائب وزير الدفاع ومشعل رئيس هيئة البيعة وطلال المبعد عن المناصب الحكومية والذي اخذت بعض المواقع الالكترونية الترويج له لتولي منصب ولي العهد.
هذه القضية يمكن ان تتعقد اكثر لو علمنا انه في حال وصول الامير نايف الى منصب ولي العهد والامير عبدالرحمن الى منصب وزير الدفاع عندها سيكون الاخ الاكبر يتلقى الاوامر من الاخ الاصغر وهو ما يتناقض مع تقاليد العائلة ووصية الاب.
مشكلة الامير نايف لا تقتصر على عقبة عبدالرحمن فهو يعتبر من صقور العائلة المالكة ومن المعارضين بشدة لكل تغيير فهو اكثر التصاقا بالمؤسسة الوهابية التقليدية التي ترفض اية تغييرات حتى تلك الاصلاحات الشكلية التي دعا اليها الملك عبدالله.
المشكلة التي تعاني منها السعودية هي في الاساس بسبب العدد الكبير لابناء الملك عبدالعزيز وكذلك للعدد الكبير لاحفاده فالصراع لا يقتصر على ابناء الملك المؤسس فهذا الصراع انتقل الى الاحفاد حيث تشير العديد من المصادر الى وجود تنافس محموم بين ابناء الامير سلطان كالاميرين خالد وبندر من جانب وبين ابناء الملك عبدالله وفي مقدمتهم الامير متعب قائد الحرس الوطني الذي عينه الملك بعد ان اقال ابن شقيقه الامير سلطان.
وفي محاولة من الملك عبدالله للحيلولة دون تصدع اركان الاسرة المالكة امر بتشكيل هيئة للبيعة تتالف من 35 اميرا يراسها شقيقه الاكبر سنا من نايف هو مشعل بن عبدالعزيز مهمتها اختيار ولي العهد الا ان صلاحية الهيئة تبدا بعد وفاة الملك عبدالله.
في المقابل يرى البعض ان هيئة البيعة قد تعلم خلاف راي الملك اذا ما اعطيت الصلاحيات كاملة في المصادقة على مرشح الملك فعلى سبيل المثال ان هناك رفضا كبيرا لتولي الامير نايف ولاية العهد داخل الهيئة للاسباب التي اشرنا اليه سابقا لا سيما موقفه من الاصلاحات وقربه من الوهابية.
ازمة الحكم التي تواجهها الاسرة المالكة تاخذ ابعادا خطيرة جدا في ظل الظروف التي تمر بها العديد من البلدان العربية والتي باتت تعرف بالربيع العربي الذي حول المناخ في مملكة ال سعود الى شتاء قارس البرودة فلم تشعر الاسرة الحاكمة بالدفئ رغم غزو القوات السعودية للبحرين لقمع ثورة الشعب البحريني تحت ذرائع واهية تضحك الثكلى وكذلك لتبنيها للرئيس على عبدالله صالح ولنظامه الى الحد الذي اعتبر البعض ان اليمن قد تحول الى محافظة سعودية وهو ما اثار غضب الشارع اليمني وكذلك تحول الاسرة السعودية الى ملجا للطغاة الهاربين من شعوبهم حيث قامت الاسرة الحاكمة باستقبال زين العابدين بن علي واسرته ومعالجة علي عبدالله صالح بعد ان احرقه شعبه والعمل على الحيلولة دون محاكمة طاغية مصر حسني مبارك وانفاق الاموال الطائلة لحرف الثورات العربية عن مسارها وفي مقدمتها الثورة المصرية.
وعود على بدء فانه رغم ان كل المؤشرات تؤكد ان هناك اتفاقا ضمنيا اميركيا سعوديا على تولي الامير نايف ولاية العهد لما يتمتع به من قسوة في التعامل مع المعارضة في الداخل وموقفه المناهض للثورات العربية في المنطقة الا ان الكثير من المحللين يعتقدون ان المملكة ستدخل في عهده مجال الشد الدائم بين رياح التغيير التي اخذت تداعب امال الشباب السعودي وبين رجل ليس في قاموسه للاصلاح والتغيير معنى.
نبيل لطيف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق