وكالة الجزيرة العربية للأنباء -
أوضحت مصادر مطلعة في جمعية حقوق الإنسان السعودية أنه تم الإفراج عن أكاديمية مكة المعنفة أسريا تخوفًا من تناول القضية وطرحها للرأي العام، وهو ما ساهمت به الصحافة مؤخرا في تسليط الضوء على القضايا الحقوقية عامة والمرأة خاصةً، مما جعل منها قوة لا يستهان بها.
وكانت الأكاديمية السعودية قد تعرضت للتوقيف في مكة المكرمة من قبل شرطة العزيزية بعد تقدمها بشكوى عنف أسري ضد أخيها الذي يصغرها بعشرين سنة، ولجأت ببلاغ على خلفية ضربها وطردها من المنزل في منتصف ليل الأربعاء الذي جعل منها ضحية لقضية عقوق تقدمت بها والدتها ضدها مباشرةً.
ولجأت نورة الشهري (47 سنة) إلى شرطة العزيزية في مكة المكرمة لتطلب الحماية من أخيها الأصغر سنا بعدما طردها من المنزل، لكنها فوجئت بموقف ضابط الشرطة الذي رفض تسجيل بلاغها وأمر بتوقيفها، وحضر المركز أخ الضحية ووالدتهم التي تقدمت بدورها بدعوى عقوق على ابنتها نورة، وهو ما سجله الضابط في المحضر متجاهلا دعوى الابنة.
وعلى مدى أيام حاولت "الشهري" الاستغاثة بحقوقيين ناشطين في قضايا المرأة السعودية إلا أنه تم سحب الهاتف النقال منها وإيداعها للسجن حتى يوم السبت، إلا أن تدخل الحقوقيين وجمعية حقوق الإنسان في القضية جعل من الموضوع حديث الساعة في الصحافة والمواقع الاجتماعية وهو ما اضطر الجهات المسؤولة للإفراج عنها سريعا تجنبا لأي تصاعد في الأحداث خارجيًا.
وعلى خلفية الموضوع توجهت الناشطة الحقوقية "سمر بدوي" مع زوجها المحامي "وليد أبو الخير" إلى مكة المكرمة صباح يوم الخميس لمحاولة الإطلاع على مزيد من المعلومات الخاصة بالقضية وتقديم المساعدة، إلا أنهما فوجئوا بانتقال الدكتورة الشهري إلى السجن استكمالا لإجراءات الاحتجاز، والتي تمنع أي شخص من التواصل مع المسجون إلا إذا كان ذا قرابة شديد كأخت أو والدة.
وأشارت "بدوي" إلى سوء تصرف الضابط من خلال تقدمه بالنصح لها قائلاً : "يجب عليكم توعيتها بما تفعله فتصرفها ضد أهلها عيب"، وهو ما دفعها للاستنكار متسائلة : "كيف تأتي امرأة معنفة ومطرودة من منزلها، تلجأ للقضاء والمؤسسات الأمنية، وتتجاهل شكواها وتثبت شكوى والدتها وأخيها ثم تدخل للسجن ؟؟"
وقالت بدوي بأن الإجراءات التعسفية التي اتخذت ضد الشهري غير مقبولة، مضيفة :" نحن هنا في المملكة ما زلنا نشكو من سياسة تصديق الأب والأم في قضايا العقوق دون أدلة حتى ولو كان هناك ظلم واضح".
وأضافت بأن نورة الشهري أكاديمية سعودية تعمل في أحد فئات التعليم متكفلة بمنزل أهلها بكامل المصاريف ومهتمة بوالدها المقعد تعرضت للعنف اكثر من مرة وكان آخرها من اربع اشهر بتقرير طبي مثبت ولم تؤخذ شكواها محمل الجد من قبل بسبب موقف الأم السلبي الذي اسقط الدعوى متهمة الابنة بضرب أخيها والتعدي عليه، ولم تكتفي الأم بذلك فقط بل طلبت من الضابط بتأديب الابنة وإقامة الحد عليها بسبب افتعالها للمشاكل وعقوقها المتكرر.
في حين تساءلت البدوي عن وجود أدلة أو حقائق تثبت عقوق نورة لأنه في موجب الإجراءات القانونية العقوق يعتبر من الكبائر الموجبة للتوقيف في حال إثباتها، وأجابها الضابط المسؤول بأنه لا توجد اثباتات على ذلك وإنما كان الدافع لحجزها هو دعوى والدتها ضدها.
وأكددت الحقوقية سمر بدوي بأنهم حاولوا التواصل مع ذوي نورة الشهري ولكن لم يوفقوا في ذلك نظر لعدم وجود وسيلة تواصل واضحة من قبل شرطة العزيزية، موضحة بأن النية من التواصل هي للصلح والمساعدة فيه.
وتؤكد الناشطة سمر بدوي أن قضية نورة ظهرت للعلن لتذكرنا من جديد بظاهرة العنف الأسري المتفشية بالمجتمع بصورة كبيرة والدولة يجب ان تعي بأن المرأة مازالت تعاني بصمت مؤلم لعدم وجود رادع عن التعرض لها بكافة أنواع العنف، فالفتيات في السعودية بمختلف الفئات العمرية والطبقات ومنها من يرجع انتمائهم إلى القبائل المعروفة يلجان للصمت خوفا من ردة الفعل السلبية الممكن توجيهها لهم، وترجح بدوي بأن السبب هو خلو الأنظمة من وجود إستراتيجية واضحة وصريحة توفر حماية وقائية لضحايا العنف الأسري من الجريمة ووجود عقوبات فعلية.
فقصص العنف الأسري وممارساته المختلفة خلف الأبواب المغلقة في السعودية كثيرة وتدمي القلب، عاكسة هاجساً حقيقياً يحتاج إلى تضافر الجهود من أجل إيجاد حلول حقيقية تنفذ على أرض الواقع، وجهود تشجع الصامتات للتجرؤ على البوح، فلم يعد أحد يستطيع أن ينكر بأن العنف الأسري في السعودية هو ظاهرة حقيقة سكت عنها طويلا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق