6 أكتوبر 2011

حينما يغرد الطائر خارج السرب.. الشيخ عبد العزيز الوهيبي نموذجًا

التاريخ:6/10/2011 - الوقت: 5:39ص


وكالة الجزيرة العربية للأنباء -

قد نتفهم أن يخرج شخص معارض في مصر يجاهر بانتقاد الحكومة ويقف ضد النظام، وقد نتصور أن يتكرر هذا السيناريو في تونس أو اليمن أو البحرين أو في أي بلد عربي ممن تسمح حكومته بـ"المعارضة الشكلية"، لكن أن يوجد هذا السيناريو في السعودية التي لا تسمح بوجود أي معارضة إطلاقًا فهذا هو ما يحققه المثل القائل "طائر يغرد خارج السرب".

الطائر هنا هو الشيخ المجاهد "عبد العزيز الوهيبي"، الذي رضى أن يعمل في ظروف بالغة السوء، فلا المناخ في المملكة مهيأ للعمل السياسي ولا النظام السعودي يرضى ان يخرج عليه أحد برأي مخالف، فكيف بمن يسعى لمعارضته من خلال تأسيس أول حزب سياسي؟

يعد الشيخ "الوهيبي" واحدًا من الرجال القلائل الذين ضربوا أروع المثل في الثبات على الموقف في زمن المحن والفتن التي يبيع فيها كثيرون دينهم بعرض من الدنيا قليل، فقد كانت البداية منذ أن شارك الشيخ في مذكرة النصيحة قبل نحو عشرين سنة، حيث تم اعتقاله آنذاك، وحرم من وظيفته، وتم التضييق عليه، وصبر على كل ذلك، وبقي منذ تلك الحادثة وهو هو، لم يتراجع عن مبادئه وقيمه وإيمانه بضرورة الإصلاح.

واستمر الشيخ في التغريد خارج السرب، حينما تم تدارس فكرة الإعلان عن أول حزب سياسي في المملكة وهو حزب "الأمة الإسلامي" فكان الشيخ الوهيبي من أول من بادروا إلى تأسيسه والدعوة إليه، إيمانًا منه بأنه لا يمكن تحقيق الإصلاح دون تنظيم العمل السياسي بشكل سلمي، ليعبر عن مكونات المجتمع وفق آليات تتوافق مع تطور العصر وحاجات الدولة الحديثة التي حلت فيها الأحزاب السياسية محل المكونات الاجتماعية التقليدية بعد ضعفها وتهميش السلطة لها.

وكان الشيخ من أوائل أعضاء الحزب الذين دفعوا ثمن تحديهم للسلطات السعودية التي لا تعترف بأحزاب سياسية، فقد تم اعتقال الشيخ الوهيبي قبل عقد المؤتمر الإعلامي لحزب الأمة الإسلامي بساعات، ولم يتفاجأ أعضاء الهيئة التأسيسية بهذا الاعتقال بل كانوا يتوقعونه من نظام استبدادي طالما زج بآلاف الأحرار بالسجون دون تهمة ولا جريمة!

وهكذا أودع الشيخ "الوهيبي" السجن كما إخوانه دون جريمة ولا جريرة، لكم مالم يكن متوقعًا هو أن يتم توجيه تهمة دعم الإرهاب للشيخ "الوهيبي" من قبل جهاز الأمن كوسيلة للضغط عليه، حتى بلغ الأمر بهذا الجهاز الإجرامي أن منع ذوي الشيخ من الاتصال به أو زيارته، أو معرفة أحواله!

وكانت الطامة الكبرى أن جهز النظام السعودي اتهامًا للشيخ بدعم الإرهاب، وهو العالم الحق الذي قضى عمره في تلقي العلم وتعليمه!

ويرى أحد أعضاء الهيئة التأسيسية لحزب الأمة الإسلامي أن اتهام الشيخ "الوهيبي" بدعم الإرهاب ليس سوى ذريعة لمصادرة كل الحقوق التي كفلتها الأنظمة المحلية والدولية للمعتقلين، مشيرًا إلى أن جهاز الأمن والنظام السعودي أردا بهذه التهمة التأكيد لحلفائهم الأمريكان بأنهم ما زالوا يقومون بالدور الموكل إليهم بمكافحة الإرهاب الذي يهدد مصالح أمريكا في المنطقة!

ويبدو أن النظام السعودي استمرأ هذا الأسلوب الرخيص والإجرامي لمواجهة معارضيه السياسيين، ليجعل منهن قرابين لاسترضاء الولايات المتحدة الأمريكية التي يقدم لها فروض الطاعة لترضى عنه وتطيل أمد بقائه في السلطة على حساب حرية الشعب وحقوقه وكرامته واستقلاله!

إن الشيخ "الوهيبي" وأمثاله ممن يدفعون الآن ثمنًا باهظًا للحريات كما دفع غيرهم في كل من مصر وتونس، سيظل مهما فعلت السلطة عالم موقف ورجل مرحلة، أثبت أن الشعب في أرض الحرمين قادر على مواجهة الطغيان السياسي للسلطة بكل شجاعة وصدق مع نفسه ومع أمته التي ضحى وما زال يضحي هو وإخوانه من العلماء والمفكرين والسياسيين التي تمتلئ بهم السجون السعودية ظلمًا وعدوانًا، وقد أزفت ساعة الفرج للجميع حيث يهب إعصار الثورة العربية على الأمة كلها، وليست أرض الحرمين عنها ببعيد، حيث يتداعى الشباب إلى (ثورة رجب) ليؤكدوا إصرارهم على الإصلاح والتغيير الذي آن أوان حدوثه.

الجدير بالذكر أن حزب الأمة الإسلامي الذي يعد الشيخ عبد العزيز الوهيبي أحد مؤسسيه، قام ليدعو إلى مفهوم جديد للحكم وهو "الحكومة الراشدة"، وعمل مؤسسوه على أن يكون الإعلان عن الحزب بشكل سلمي، لكن كان جزائهم جميعًا السجن والاعتقال!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق