بسم الله الرحمن الرحيم
البيان الثالث
عن المحاكمة السرية للإصلاحي البارز محمد بن صالح البجادي وظروف سجنه
الأربعاء 14 ذو القعدة 1432هـ، الموافق 13 أكتوبر 2011م.
الرياض، المملكة العربية السعودية.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم الذين أقاموا معالم العدل والشورى،
وردت معلومات مؤكدة من عدة مصادر موثوقة تفيد بمثول الإصلاحي محمد بن صالح البجادي، عضو جمعية الحقوق المدنية والسياسية (حسم) في السعودية، أمام المحكمة الجزائية المتخصصة التابعة لوزارة الداخلية، وذلك صباح الاثنين ٥ ذي القعدة ١٤٣٢هجرية، الموافق ٣ أكتوبر ٢٠١١م. وكانت تلك هي المرة السادسة التي يمثل فيها الأستاذ البجادي أمام محكمة وزارة الداخلية، التي أنشأت لمحاكمة المتهمين بالعنف والارهاب!!!، وهذه المحكمة تعقد جلساتها سراً وتحرم المتهم من حقوقه الأساسية التي كفلتها جميع الشرائع السماوية والأنظمة والقوانين الوضعية والمواثيق الدولية، بل إن تلك المحاكمات السرية المنتهكة للعدالة تخالف الأنظمة السعودية، مثل النظام الأساسي للحكم ونظام الإجراءات الجزائية ونظام المرافعات.
وهذا ما يثير الريبة والشبهة حول هدف وزارة الداخلية من انشاء محاكم- خارج دار القضاء- خاصة بها، ليس لها أية اطار شرعي ولا قانوني يمكن لها أن تستمد شرعيتها منه سوى ما قامت به وزارة الداخلية من محاولة فاشلة لتمرير نظام ظالم أسمته زوراً "النظام الجزائي لجرائم الارهاب وتمويله"، وتفتقر "محكمة" وزارة الداخلية الخداج للحد الأدنى من الضوابط الشرعية والمعايير الدولية للنزاهة والعدالة والحياد، بل أننا نستغرب إصرار وزارة الداخلية على فضح انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الانسان الاساسية واسهامها في تأخير عملية الاصلاح المنشودة في الوطن وذلك من خلال قيامها بإعتقال ومحاكمة الناشطين الحقوقيين، مثل الأستاذ محمد البجادي، في محكمة سرية ترفض حضور الصحفيين المستقلين والحقوقيين والمحامين والمهتمين بالشأن العام، وهذا مايثير في الاذهان سؤالاً عن ماهية الحقائق التي قد تخشى الداخلية ظهورها امام الرأي العام فتعمد الى طمسها واخفائها عن طريق ايجاد المحاكم الخاصة وعقد المحاكمات السرية، وما هي الأسرار التي تخشى وزارة الداخلية من خروجها في المحكمة العلانية؟ إلا أنه من الواضح أن الهدف- كما يبدو- هو عقد مسرحية (عفوا محاكمة) سرية حتى تستطيع وزارة الداخلية تلفيق تهم ضد أشخاص، وتجريمهم في محاكمات صورية، ومن ثم اصدار أحكام قاسية، قد قررتها وزارة الداخلية سلفاً قبل إنطلاق المحاكمات أصلاً، وكان ينبغي أن يكون لدى وزارة الداخلية الشجاعة الكافية بإصدار الأحكام، دون اللجوء لمسرحيات المحاكمات الهزلية مهدرة للمال العام والجهد والوقت!
وقد علمنا أن محمد البجادي قد أصر على حضور وكلائه الشرعيين للمحاكمة، إلا أن القاضي عبداللطيف العبداللطيف أفاد برفض وزارة الداخلية السماح للوكلاء بحضور المحكمة، لأنهم أعضاء في جمعية 'حسم'، التي أضحت عضويتها إحدى التهم الموجهة للأستاذ البجادي، مما قد يوقع المحكمة في حرج شديد، كون جميع فريق الدفاع أعضاء في الجمعية، وحينها تصبح تهمة عضوية الجمعية التي وجهتها وزارة الداخلية باطلة ابتداءا. فضلا عن أن تدخل الوزارة في اختيار محامي ووكلاء المتهمين، يعد دليلا قاطعا على أن المحكمة ليست تابعة لسلطة وزارة الداخلية فحسب، بل هي أيضاً أحد فروع وزارة الداخلية، فالوزارة هي من تعد الأحكام سلفاً، وأن وظيفة القاضي الذي اختارته لعضوية محكمتها هي تبرير الحكم.
القاضي ناظر القضية، عبداللطيف العبداللطيف، الذي لم يسمح للوكلاء بدخول (المحكمة) بناء على أوامر وزارة الداخلية وأرسل لنا من يدعي كذباً أن محمد البجادي لا يريد أن يوكل أحد وأنه سيترافع عن نفسه، يحرص على ايجاد مخرج بالبحث عن محام آخر يترافع عن البجادي في المحكمة، واقترح القاضي أيضاً أن يوكل البجادي أحد أخوته ليترافع عنه، إلا إن البجادي رفض الفكرة مطلقاً، وأكد على أنه قد منح وكالة شرعية- صادرة من كاتب عدل تابع لوزارة العدل السعودية- لأشخاص يمثلونه في المحكمة، وأنه ترك لهم القرار فيما يرونه من توكيل محام آخر من عدمه.
وفقاً لآخر المعلومات التي وصلت لفريق الدفاع، فإن وزارة الداخلية- وبعد أن حاولت تلفيق عدة تهم تافهة ضده- استقرت مؤخراً على ثلاث تهم موجهة للأستاذ محمد البجادي، وهي عضوية جمعية 'حسم'، وحيازة كتب ممنوعة، والإساءة لسمعة البلاد، أما التهمتان الأولى والثانية فهي سخيفة ولا تستحق النقاش، لأن الجمعية تعمل على أرض الواقع بعد أن أرسلت خطاب اشعار إلى خادم الحرمين، ولم تتلق منه ما يفيد المنع، وفيما يتعلق بالكتب فقد اشتراها البجادي من معرض الكتاب الدولي بالرياض، ويتضح من التهمتين الجهود المضنية والمتواصلة التي تبذلها وزارة الداخلية في قمع الحريات وانتهاكات حقوق الانسان وكيف انها اوصلت أن المطالبة بالحرية والعدل تعد جرائم في عرف وزارة الداخلية، حيث تضغط الوزارة على القضاء والقضاة لإيقاع اقصى العقوبات البدنية والنفسية على من يطالب بهما, وذلك من أجل أن يبقي ملف وزارة الداخلية في انتهاك حقوق الانسان مغلقا حتى لا تتبين جرائمها، خوفاً من المحاسبة الداخلية والمساءلة الدولية في المحافل العدلية، أما التهمة الثالثة فهي من التهم الجديدة، والتي تدل على اليأس الشديد الذي أصاب وزارة الداخلية في التوصل إلى تهم يمكن أن تستحق الاهتمام، وهذه التهمة لاتخرج عن سياق سابقاتها من التهم لأن فيها إشارة ضمنية لمحاولة محاكمة الحقوقي محمد البجادي على دوره البارز في فضح جريمة قتل المقيم اليمني (سلطان الدعيس) الذي لقي حتفه جراء تعرضه لتعذيب شديد أثناء التحقيق معه في سجن المباحث بالطرفية بمنطقة القصيم. وجعل المهمة الانسانية التي قام بها البجادي في فضح الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان في سجون المباحث اساءة- في زعم وزارة الداخلية- لسمعة البلاد، ولكن الصحيح هو العكس وهو إن ما تقوم به وزارة الداخلية من انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان هوالذي تسبب في الإساءة لسمعة البلاد فالذي تسبب في الإساءة لسمعة البلاد، هو ما يمارسه ضباط المباحث والمحققين المتورطين في التعذيب والانتهاكات الجسدية والنفسية الممنهجة للمتهمين المعتقلين في سجون المباحث السرية، والتي وصلت إلى حد القتل والموت تحت التعذيب والوزارة تخالف بممارساتها المواثيق والعهود والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الحكومة السعودية، وبدلاً من أن تقوم وزارة الداخلية بإعتقال ومحاكمة العناصر الفاسدة المتورطة في جرائم انتهاكات حقوق الانسان والقتل والتعذيب الممنهج والتي تصل الى كونها في العرف الدولي جرائم ضد الإنسانية ، قامت وزارة الداخلية بدلاً من ذلك باختطاف واعتقال الأستاذ محمد البجادي الذي قام بما يمليه عليه ضميره الإنساني بالدفاع عن طرف ضعيف قتل تحت التعذيب، بل إن الإساءة إلى سمعة البلاد هو أن تصر وزارة الداخلية على محاكمة الناشطين الحقوقيين- المطالبين باحترام حقوق الإنسان الأساسية وسيادة القانون والعدالة- من قبل الخارجين على القانون والمتآمرين على العدالة من القضاة القساة التابعين لها.
وقد وصل لفريق الدفاع معلومات تفصيلية عن ظروف اعتقال محمد البجادي، حيث أمضى قرابة الأربعة أشهر في زنزانة انفرادية في عزلة تامة عن العالم سوى مكالمة هاتفية لزوجته استغرقت بضع دقائق، ثم أخرج بعد ذلك إلى سجن جماعي، عبارة عن غرفة- ذات عرض 4 أمتار وطول 6 أمتار- يشاركه فيها 9 معتقلين آخرين، ساطعة الإضاءة في الليل والنهار، رديئة التهوية، لا يسمح لهم بالتعرض لأشعة الشمس سوى بضع دقائق مرتين في الأسبوع، والغذاء التي تقدمه لهم إدارة السجن سيء، ولم يسمح له بإدخال ملابس كافية حيث سمحت إدارة السجن بحصوله على عدد محدود من الغيارات، وحرم محمد البجادي من الخدمة الصحية، حيث طلب من إدارة السجن إجراء فحوصات طبية ضرورية، وعلى الرغم من مضي سبعة أشهر لم ترد إدارة السجن على طلبه.
إن فريق الدفاع عن الأستاذ محمد البجادي يؤكد على حقوقه النظامية في اطلاق سراحه الفوري وغير المشروط والاعتذار له وتعويضه لما لحق بسمعته أثناء القبض والإعتقال، او محاكمته محاكمة علانية وعادلة إذا كانت هناك أية مخالفة قانونية قد اقترفها وفقاً للنظام الأساسي للحكم الذي ينص على "لا عقوبة ولاجريمة إلا بنص"، ويجب على وزارة الداخلية الالتزام بأحد هذين الأمرين لأن المعتقل البجادي قد جاوز فترة الإعتقال النظامي (ستة أشهر) وفقاً لنظام الإجراءات الجزائية. ولتعلم وزارة الداخلية والقائمين عليها إن هذه التصرفات منها في انتهاكات حقوق الانسان وقمع الحريات والاتهامات تلفقها للنشطاء ودعاة حقوق الانسان لمحاولة اخفاء جرائمها السياسية لن تثني الناشطين الحقوقيين عن كشف الانتهاكات الصارخة لهذه الوزارة والتي توقعها على عموم الناس والناشطين بوجه خاص، بل ستكون هذه الممارسات دافعا قويا لزيادة نشاط المطالبين بالحقوق والحريات من اجل الوقوف في وجه هذه التجاوزات الخطيرة.
والحمد لله رب العالميلفن والصلاة على سيد المرسلين
والله ولي التوفيق
فريق الدفاع عن الناشط الحقوقي محمد بن صالح البجادي
د/ عبدالكريم بن يوسف الخضر
د/ محمد بن فهد القحطاني
فوزان بن محسن الحربي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق