وكالة الجزيرة العربية للأنباء -
يرى كثيرون أن الخليجيين جميعا أصبحوا بين خيارين، إما مطرقة الواقع السياسي الاستبدادي حيث يعيش نحو ثلاثين مليون خليجي، تحت حكم أنظمة وراثية تجاوزها الزمن، أو سندان الطائفية والنفوذ الإيراني.
اقتربنا من العام الأول على بدء هبات نسيم ثورات الربيع العربي، والذي شهد الاطاحة بعدد من الزعماء الأقوياء، في مصر وتونس وليبيا، وفي الطريق زعماء اليمن وسوريا، لتحقيق سلسلة من الإصلاحات قادها جيل من الشباب.
ولا شك أن نظام الحكم في المملكة العربية السعودية يشعر بأنه محاصر؛ حيث يتخيل البعض أن الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز أصبح العالم في نظره مليئا بالأعداء، بسبب إطلاق ربيع الثورات العربية العنان لقوى لا يمكن السيطرة عليها وليس بمقدور اي بلد عربي تحصين نفسه ضدها.
ولا شك أن السعودية تنظر إلى إيران على انها محرك الأحداث من لبنان الى البحرين، وتنظر إلى اليمن المجاور على أنه اصبح بؤرة لعدم الاستقرار، إضافة إلى أنه يستضيف فرعًا لتنظيم القاعدة يهدد الامن السعودي، كما ان النظام السعودي ينظر الى أمريكا بقيادة باراك اوباما على انها تخون المملكة في وقت الحاجة.
يذكر أن السعودية تعرضت لنفس الموقف في خمسينيات القرن الماضي وستينياته، عندما اجتاحت موجة القومية العربية الآتية من مصر الشرق الأوسط مهددة عروشه الموالية للغرب بالدمار، في تلك الحقبة ايضا، كانت السعودية تشعر انها محاطة بالأعداء من كل جانب، وفي تلك الحقبة، كما الآن، كانت دولارات البترول والدعم الغربي أدوات غير فعالة لدرء المخاطر.
ولكن ما سبق لا يعني ان اموال النفط ليس لها منافع في بعض الأحيان، فقد كان المال أحد وسائل الملك عبدالله بن عبدالعزيز على ربيع الثورات وذلك عندما حاول إرضاء أبناء شعبه عن طريق اغداق الاموال عليهم.
ويبدو أن أزمة البحرين والتي تدخلت بها السعودية لتقديم المساعدة، لن تنتهي على خير للأخيرة، فعندما قرر الملك السعودي التدخل عسكريا في البحرين لقمع انتفاضتها، كان يعتقد انه يحمي جبهته الشرقية وتعزيز دفاعات بلده مقابل النفوذ الايراني المتنامي، ولكن على المدى البعيد، قد يزيد التدخل السعودي في البحرين الوضع سوءا، بتعميق الشعور بالمظلومية في اوساط شيعة البحرين من جهة وتصعيد العداء لطهران بلا ضرورة من جهة اخرى.
كما أن الصراع داخل الأسرة الحاكمة بدأ في الطفو على السطح، إضافة إلى الخلافات التي تظهر بين الحين والآخر بين الأسرة الحاكمة والمؤسسة الدينية، وعلى الرغم من الإصلاحات السياسية المتعلقة بحقوق المرأة والتي أقرها الملك السعودي، والتي قد تتراجع لو أن ولي العهد الامير سلطان ووزير الداخلية الامير نايف، أمسك بزمام الأمور في الحكم فليس في وارد سلطان الاصلاح ولن يترددا في التضحية بحقوق المرأة على سبيل المثال لارضاء المؤسسة الدينية.
في النهاية، يبدو أن الشباب السعودي ككل الشباب العرب يبتغون التغيير ويطالبون بفرص العمل والكرامة وحرية التعبير عن آرائهم، وأن العودة إلى الماضي ليست خيارا مطروحا بالنسبة للشعب السعودي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق