9 يناير 2012

بيان حول محاكمة الإصلاحيين بجدة، وأحداث القطيف المؤسفة


عيسى ال مرزوق النخيفي

د.عبد المحسن هلال - أحد الموقعين على البيان

في الوقت الذي كانت تتنامى فيه الآمال والمطالب الشعبية بالمزيد من الحريات وصون الكرامة الإنسانية، وتعزيز حقوق المواطنة من خلال تشريع حق المواطنين في إنشاء جمعيات المجتمع المدني في مختلف المجالات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، يفاجأ الوطن بأحكام قضائية بالغة القسوة على ستة عشر من الإصلاحيين في جدة وصلت في مجموعها إلى (228) سنة، بعد خمس سنوات من الاعتقال، إضافة إلى المنع من السفر لفترات مماثلة و تحميل بعضهم غرامات مالية ضخمة، وذلك في محاكمة افتقرت إلى الكثير من معايير العدالة و ارتكزت على أسباب وحيثيات لا تسند ما صدر بحقهم من أحكام .
و بدلاً من تهدئة النفوس التي أضيرت في مشاعرها وصُدمت بهذه الأحكام ، يصحو الوطن وبعد أيام قليلة, على تصعيد أمنى غير مبرر, أُستخدمت فيه الذخيرة الحية و ذهب ضحيته أربعة من أبناء منطقة القطيف، وسقط الكثير من الجرحى نتيجة الإجراءات الأمنية المشددة التي أصبحت تترى في وتيرة تصاعدية .
إن حق التعبير عن الرأي, بما فيه حق التظاهر السلمي, وحق الاجتماع للتشاور في قضايا الشأن العام للوطن، هي أمور مشروعة لكل مواطن، كفلتها جميع الأديان والقوانين والأعراف الدولية في كافة أنحاء العالم، وبلادنا لا يجب أن تكون استثناءاً, و لا سيما وقد انضمت إلى العديد من عهود ومواثيق حقوق الإنسان العالمية والعربية و الإسلامية التي تكفل تلك الحقوق.
وفي هذا المستوى الحقوقي، فإن معتقلي جدة لا يستحقون التعامل معهم بإصدار تلك الأحكام الجائرة، كما أن مظاهرات المواطنين السلمية في القطيف ومطالبهم المحقة، كانت تحتاج إلى تعامل أكثر حكمة، دون الحاجة إلى استخدام الوسائل القمعية المؤلمة.
إن دور القوى الأمنية يجب أن ينحصر في ضمان سلمية التظاهر، وعدم الاستفزاز وإثارة المشاعر بإقامة نقاط التفتيش غير المبررة، كما في منطقة القطيف منذ ما يزيد على تسعة أشهر و حتى اليوم، والتي أصبحت بمثابة حصار مفروض على المنطقة يخضع الناس فيه إلى التفتيش المتواصل يوما بيوم وساعة بساعة، مما يفضي إلى مزيد من الضغط النفسي على المواطنين ويؤجج المشاعر ويزيد الإحتقان السياسي.
كما أن الهروب من الواقع المتأزم في المنطقة وإلقاء اللوم على التأثيرات والارتباط بالخارج والتشكيك في الولاء للوطن، تحت لافتات إقليمية أو دولية، يفضي إلى الكراهية ويؤجج الطائفية و يؤدي إلى تمزيق المجتمع.
إننا ومن منطلق الحرص على استقرار الوطن و تقدمه و ازدهاره، و من أجل تدعيم الوحدة الوطنية، فإننا نطالب بما يلي:
أولا:ـ بخصوص الأحكام الصادرة بحق الإصلاحيين المعتقلين في جدة:
إيقاف هذه الأحكام و إطلاق سراح جميع المعتقلين في تلك ا لقضية.
ثانياً:ـ بخصوص أحداث القطيف الدامية:
أ ـ نعلن إدانتنا لاستخدام السلاح بكل أشكاله ومن أي طرف كان، ولذا فإن على الجهات الحكومية أن تضبط الجهات الأمنية وتمنع استخدام السلاح، وإزالة كافة نقاط التفتيش من المنطقة والتي تؤدي إلى استفزاز المواطنين وتعطيل مصالحهم، ومن الجهة الأخرى ندعو المواطنين وخصوصا الشباب في المنطقة إلى عدم الانزلاق إلى أي شكل من أشكال العنف أو استخدام السلاح ، وتجنب المواجهات والاستفزازات، والتركيز على المطالبة السلمية بالحقوق لرفع كافة أشكال التمييز الطائفي، و تطبيق مبادئ العدالة والمساواة، وتكافؤ الفرص المتساوية بين كافة أبناء الوطن.
ب ــ نطالب بتكوين لجنة عدلية لتقصي الحقائق، وتحديد الأشخاص والجهات المتورطة في عمليات القتل، وتقديمهم للعدالة.
ج ـ ندعو السلطة السياسية إلى معالجات جذرية لحل قضايا التمييز الطائفي و المناطقي والقبلي بكافة أشكاله، و معالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية و السياسية - وعدم اقتصار الحلول على المعالجات الأمنية التي لن تزيد الوضع إلا اشتعالا - وذلك من خلال حل الإشكالات والمطالب المشروعة والتي سبق وان طرحتها كافة الفئات والأطياف الاجتماعية في المملكة، والتي من ضمنها وثيقة " شركاء في الوطن " التي طرحها المواطنون في المملكة، و أولها إطلاق سراح المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي ، بمن فيهم " السجناء المنسيين" الذين مضى على اعتقالهم أكثر من ستة عشر عاما بدون محاكمات ولا أحكام، كخطوة أولى و كبادرة ستساعد على تهدئة المشاعر.
حفظ الله بلادنا من كل سوء.
صدر في 5/12/2011م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق