تدين جمعية الحقوق
المدنية والسياسية (حسم) المعاملة القاسية
التي يلاقيها المعتقلون
في سجن الحائر السياسي وتطالب بتشكيل
لجنة تحقيق مستقلة للنظر
في الانتهاكات الخطيرة لأجل إنصاف
الضحايا ومعاقبة المتورطين في تلك الأفعال المشينة
الجمعة ٤
ربيع الأول ١٤٣٣ هـ، الموافق ٢٧ يناير ٢٠١٢م.
الرياض،
المملكة العربية السعودية.
الحمد
لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه
الذين أقاموا معالم العدل والشورى.
بعث ذووا
المعتقلين في سجن الحائر السياسي شكوى عن الأوضاع المتردية لنزلاء الغرفة (٨) في
جناح (١) لجمعية الحقوق المدنية والسياسية (حسم)، بالإضافة إلى إعتقالهم التعسفي
طويل الأمد- دون ضوابط قانونية- عمد ضباط السجن إلى تعذيبهم بوسائل موغلة في
القسوة، حيث قام الضابط (أبو سعيد الأحمري) المسئول عن الجناح المذكور بنقل نزلاء
الغرفة (٨) المسماة "حسنة السيرة والسلوك" وتوزيعهم على غرفتين مستقلتين
يوم الثلاثاء ٢٣ صفر ١٤٣٣هـ (الموافق يناير 2012م)، وأصرّ الضابط على تفريق الأخوة مع وعده بإعادتهم بعد
عشر دقائق، ولم يعترض المعتقلون على ذلك القرار التعسفي، إلا أن الضابط تركهم ليوم
كامل، ليعود لهم يوم الأربعاء ٢٤ صفر ١٤٣٣هـ (الموافق 18
يناير 2012م) تصحبه قوة أمن الطوارئ المتواجدة داخل السجن، ويرافقهم فريق تصوير
تلفزيوني يحمل معدات تصوير، لكنه يتعمد تصوير وتوثيق ما يعزز موقف قوات الطوارئ،
ويتجاهل ما قد يبدو في صالح المعتقلين.
وقد
انهالت قوات الأمن بالضرب المبرح على المعتقل (ابراهيم بن عبدالمحسن الواصل)، الذي
لازالت علامات الضرب واضحة على ساعده الأيمن حينما زارته أسرته، ثم اقتادوا بقية
المعتقلين: (عبدالعزيز بن عبدالمحسن الواصل) و(عبدالله بن محمد الدهيشي) و(هيثم بن
محمد الدهيشي) و(عمر بن محمد العمر) إلى زنزانات الحبس الإنفرادي التأديبي، مع
تعمد الجنود توجيه الإهانة اللفظية لهم، بل إنهم ساقوهم كالبهائم مقيدي الأيدي خلف
الظهر، ولم يعطوا الفرصة لأخذ حاجياتهم أو حتى لبس أحذيتهم، وتركوهم في زنزانات باردة
مقيدي الأيدي دون أغطية ودون فرش يقيهم زمهريرالشتاء، بل إن ضباط السجن- فوق كل
ذلك- قاموا بتشغيل المكيف البارد إمعاناً في تعذيبهم، وعندما توسلوا إلى ضباط
السجن إعطائهم فرش وأغطية تقيهم البارد القارس، تجاهل الضباط والجنود توسلاتهم، بل
الأسوأ أن الضابط المسئول- أبا سعيد الأحمري- قال لهم "أنتم سجناء"! ولا
نعلم في عرف هؤلاء- ومنهم على شاكلتهم من معدومي الإنسانية- هل السجين ليس له حق
حتى يواجه هذه المعاملة القاسية؟! ولايزال المعتقلون على هذا الحال حتى نشر هذا
البيان.
والجمعية
تؤكد تواتر قصص مشابهة لرواية تلك القصة من سجناء آخرين في سجن الحائر السياسي، بل
وفي سجون المباحث العامة السريّة المنتشرة في طول البلاد وعرضها، وتتعهد الجمعية
بنشر تلك القصص المؤلمة في المستقبل القريب إن شاء الله، بل إن تلك المعاملة
القاسية قد تسببت بأمراض مزمنة يعاني منها المعتقلون حتى بعد إنقضاء فترات سجنهم
التعسفي الطويل، هذا إذا التزمت وزارة الداخلية بأحكامها التعسفية القاسية، بل إن
الوزارة عادة ما تقوم بتمديد الأحكام بما يعرف بـ"الأحكام الإدارية"
ليبقى المتهم سنوات طويلة بعد انقضاء فترة حكمه، فلا غرو اذاً في ظل تلك المعاملة
القاسية- المنافية لأبسط القيم الإنسانية- أن تنتشر الأمراض الخطيرة بين السجناء،
وتتعمد إدارة السجن حرمانهم من العلاج، ومن الأمثلة الصارخة على هذه المعاملة
القاسية، ما حدث للمعتقل (خالد بن سليمان الخضيري) الذي أوقفه جنود سجن الحائر تحت
أشعة شمس صيف الرياض الحارقة حتى أصيب بأمراض الدوالي في قدميه، وتسببت له
المعاملة القاسية أمراض قلب مزمنة، وخلال فصل الشتاء كان يوضع في زنزانة مكيفة
قارسة البرودة، حتى ظهرت على جميع أجزاء جسمه بثور وجروح، حتى أن لون بشرته تحول-
بسبب الطفح الجلدي- إلى اللون البني الداكن.
وتنتهز
الجمعية هذه الفرصة لتذكر وزير الداخلية وكبار معاونيه والمسئولين عن السجون
والمحققين والسجانين بإلتزامتهم القانونية فيما نصت علية إتفاقية مناهضة التعذيب،
التي وقعت وصادقت عليها حكومة المملكة العربية السعودية، والتي تؤكد مسئولية جميع
المسئولين في الجهاز الأمني عن الإنتهاكات الممنهجة والبنيوية داخل السجون، ولا
يمكن التذرع بتلقي الأوامر من كبار المسئولين، كما لا يمكن التحجج بعدم علم كبار
المسئولين بتلك الإنتهاكات.
وجمعية
الحقوق المدنية والسياسية (حسم) تجدد تحميلها مسئولية تلك الانتهاكات كاملة لـوزير
الداخلية وبقية كبار المسئولين عن الأجهزة الأمنية في البلاد، ومدير الإدارة
العامة للسجون، والمدير وكبار المسئولين في سجن الحائر السياسي، ورئيس هيئة
التحقيق والإدعاء العام، ورئيس هيئة حقوق الإنسان الحكومية، الذين أمروا أو نفذوا
أو تواطئوا أو غطوا على تلك الإنتهاكات، أو حتى فشلوا في القيام بمهماتهم التي
يمليها عليهم الواجب الوظيفي.
وتكرر
الجمعية مطالبتها بتسريع تشكيل لجنة تقصي حقائق للنظر فيما ورد في هذا البيان، على
أن تكون تلك اللجنة مستقلة عن وزارة الداخلية، يرأسها شخص معروف بالأمانة والنزاهة
والحياد، ومشهود له بالنشاط الحقوقي المستقل، وتضم أعضاء من الناشطين الحقوقيين
وذوي الضحايا، حتى تصل اللجنة المستقلة للحقيقة كاملة، وتتم معاقبة مرتكبي
انتهاكات حقوق الإنسان الفظيعة ضد السجناء، الذين لازالوا في حكم الأبرياء لأنه لم
توجه لهم تهم ولم يعرضوا على محكمة علانية وعادلة حتى الآن، فجميع شرائع الأرض
تقول أن "المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محكمة علانية وعادلة."
وفي حال
رفض وزارة الداخلية أو تأخيرها تشكيل "لجنة تقصي الحقائق"، فإننا نحمل
وزير الداخلية كامل المسئولية عن جميع الإنتهاكات التي تحدث داخل السجون، ونؤكد أن
الجمعية قد شرعت فعلاً في اعداد قوائم بأسماء وصفات ومراتب المتورطين في انتهاكات
حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، حتى تتم ملاحقتهم أمام المحاكم المحلية
والدولية، ونجزم بأن اليوم الذي سيمثلون فيه أمام القضاء ليس قريب فحسب، بل قريب
جداً حتى تتحقق العدالة، ويقتص المظلوم من الظالم، إن غداً لناظره لقريب.
والله
ولي التوفيق،
جمعية
الحقوق المدنية والسياسية
(حسم)
في
المملكة العربية السعودية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق