الإنسحاب الأميركي من العراق والنفوذ الإيراني الواضح هناك خلقا تقدماً ذا جوانب متعددة، فيظهر أنّ السعودية قد اختارت الخروج عن صمتها وفتح معركة بغداد بحسب الكاتب "فادي عساف" الذي كتب في "ميدل ايست".
ويشير الكاتب إلى أنّ نائب الرئيس العراقي "طارق الهاشمي" الذي يتهمه رئيس الوزراء العراقي "نوري المالكي" بالإرهاب تلقى ترحيباً من رأس الدولة خلال زيارته "الرسمية" إلى قطر، مع تمتعه بحماية السلطات الكردستانية في أربيل.
وفي الوقت نفسه عاد نائب الرئيس العراقي الراحل "صدام حسين"، "عزت ابراهيم الدوري" المطلوب أميركياً منذ عام 2003، إلى الظهور في وسائل الإعلام ليدق إسفيناً في جسد السياسة الإيرانية، بينما يشاع أنّه يتمتع بحماية من الإستخبارات السعودية في بلد عربي حليف، يرجح أن يكون الأردن أو الإمارات العربية المتحدة. وبالتوازي مع ذلك فإنّ التفجيرات التي تطال الأحياء الشيعية في بغداد وسواها مستمرة، حتى ولو أنّ ما يسمى بالإرهاب الأصولي السني مهتم اليوم بساحة أخرى هي سوريا.
ويشير الكاتب إلى أنّ نقطة الإلتقاء بين السعوديين والأميركيين في العراق لا تختلف عنها في سوريا تبدو بعيدة عن التكامل. وتشرح هذه الحقيقة في بعض الأحيان ميل القادة السعوديين للتحرك ميدانياً بشكل منفرد في هذين البلدين. ويفسر هذا الأمر كذلك محاولات الرياض والدوحة "العودة" إلى العراق من خلال مسارات محورية محتملة، حتى أنّ إعادة التمركز هذه المطلوبة من الرياض يمكن القيام بها من دون تنسيق منهجي مع الأميركيين. كما يفسر هذا الأمر عزم الرياض والدوحة على زيادة الضغط على سوريا بعيداً عن الخط الاميركي حيث لا يلتزم السعوديون والقطريون بالضرورة بقيادة الولايات المتحدة. حيث يشير الكاتب إلى سفينة الأسلحة التي ضبطت في لبنان قادمة من ليبيا ومبحرة إلى سوريا.
ويضيف الكاتب أنّ الحرب ضد النفوذ الإيراني في الدول العربية هي بين اعتبارات تحرك الدوافع السعودية والقطرية. وتتجه جهود السعودية وقطر اليوم إلى كبح توسع النفوذ الإيراني بعد الإطاحة بصدام حسين في العراق، وزعزعة استقرار الحليف السوري لإيران، الذي ما زال صامداً بفضل اتفاق العلويين في سوريا وحزب الله في لبنان رغم انسحاب حماس من دمشق وابتعادها عن التحالف. ويراهن السعوديون والقطريون اليوم على تحالف دولي محتمل بشكل كبير للتدخل في سوريا على شاكلة التدخل الدولي في ليبيا، خاصة بعد زيارة الرئس الإيراني محمود أحمدي نجاد الإستفزازية إلى جزيرة أبو موسى الإماراتية المحتلة، وتحرك الشيعة في البحرين وكذلك في المنطقة الشرقية من السعودية، خاصة أنّ أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله ذكر للمرة الأولى في آخر خطاب له ما يحصل في مدينة "القطيف" السعودية ذات الأغلبية الشيعية.
ويتابع الكاتب أنّ المسألة اليمنية ما زالت تشكل هاجساً أساسياً للقيادة السعودية، ويتجه القادة السعوديون إلى تصدير مشاكلهم إلى ساحات أخرى. فالعراق وسوريا يشكلان مجدداً أولوية للسعوديين المرتابين في الإلتزام بحليفهم الرئيسي الولايات المتحدة. حتى انذ السعوديين لم يعودوا يتوقعون التزاماً أميركياً عنيداً تجاه إيرات ونفوذها في العراق وشبه الجزيرة العربية وبلاد الشام. ويؤمن السعوديون أنّ بإمكانهم فرض أمر واقع جديد، كما فعلوا في البحرين، أو دفع الأميركيين إلى فرض حلول سياسية لصالحهم كما فعلوا في اليمن. وتعتبر مثل هذه الجهود ضرورية للتخفيف عن النظام في السعودية، وفتح معركة بغداد المرتبطة بمعركة دمشق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق