أعاد جيمس وولسي تاريخ العلاقات الاميركية السعودية إلى العام ١٩٢٣ أي إلى
ما قبل تشكل المملكة بمواصفاتها الحالية .
ولكن
المؤرخين يجمعون على أن تلك العلاقة قد تحولت إلى تحالف وثيق بدءا من تاريخ إنتاج
النفط على يد شركة آرامكو التي أسست لشراكة سعودية اميركية في مجال الطاقة .
ثم جاء إجتماع الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود بالرئيس الاميركي روزفلت في العام ١٩٤٤ ليضفي على تلك العلاقة طابعا إستراتيجيا ، إذ أن الاميركيين خلال الحرب العالمية الثانية شعروا باهمية الموقع الاستراتيجي للمملكة خاصة بعدما رسمت نتائج الحرب توازنات القوى العالمية حيث ضعفت بريطانية وبرز الاتحاد السوفياتي .
في مرحلة الصراع بين الاتحاد السوفياتي والاميركيين على النفوذ العالمي تحولت المملكة العربية السعودية إلى بيضة القبان في الصراع على الشرق الاوسط وعلى العالم الاسلامي من حيث قدرتها النفطية والمالية أولا ، وبسبب تأثيرات وجود الاماكن الاسلامية المقدسة تحت سيطرتها ثانيا.
ويقول جيمس وولسي المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الاميركية في شهادة له عن العلاقات الاميركية السعودية أدلى بها أمام الكونغرس :
في تلك المراحل من التاريخ شكل الصراع في اليمن بين أنصار الامامية وأنصار الجمهورية ، والتدخلات المصرية والسعودية فيه ، فرصة للاميركيين لابتزاز الحكم السعودي بغرض إدخاله في لعبة أمم على الصعيد العالمي ، على إعتبار أن جمال عبد الناصر المدعوم من الاتحاد السوفياتي يشكل بثوريته الخطر الوجودي الاكبر على الاسرة الحاكمة ، خاصة وأن بعض الاسرة لجأ إلى عبد الناصر في القاهرة.
هذا وقد تولت السعودية بناء لطلب اميركي مهمة اسقاط الاهداف القومية للرئيس جمال عبد الناصر بدءا من منعه من تحويل حلمه بالوحدة العربية إلى واقع وانتهاء بضرب صورته في عيون الراي العام العربي حيث تولى الاعلام والمال السعودي تشويه سمعة نظام الرئيس ناصر وشخصه حتى بعد وفاته وحتى إلى يومنا هذا .
بعد سقوط القدس في يد الصهاينة في حرب العام ١٩٦٧ جرت محاولات عديدة لتوحيد العالم العربي بين تيار الغالبية بقيادة عبد الناصر وبين المحور المسمى دول الاعتدال الموالي للغرب بقيادة الملك فيصل بن عبد العزيز. لكن تلك الجهود لم تنجح لرفض السعوديين ذاك الامر تنفيذا لمصلحة اميركية كانت ترى في توحد العرب خطرا على مصالحها .
ومع ان السعوديين تفلتوا في عهد فيصل من السيطرة الاميركية لفترة بسيطة بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر حين أمر الملك فيصل بقطع النفط عن الغرب في موقف أثار غضب الاميركيين والاوروبيين وشكل مثالا عن القدرة السعودية على حفظ الحقوق العربية والاسلامية لو قرر حكامها إستخدام ما في أيديهم من أوراق قوة.
لكن الملك فيصل توفي غيلة علي يد أحد أبناء أخيه وسرت إشاعات وسط الاسرة الحاكمة في السعودية عن مؤامرة جرت ضد الملك إنتقاما من موقفه خلال حرب العام ١٩٧٣.
محطة تاريخية أخرى شكلت علامة فارقة في تاريخ العلاقات الاميركية السعودية، فبعد إنتصار الثورة الاسلامية في إيران بقيادة سماحة الامام آية الله الخميني قدس سره الشريف، إنتهت السيطرة الغربية على النفط الايراني فازدادت أهمية النفط السعودي الاستراتيجية، بالتالي زاد الابتزاز الاميركي للسعوديين مع وجود أطراف داخل العائلة المالكة ممن لم يجدوا لهم أدوارا إلا في أحضان المطامع الاميركية ،وقد اصبح الامير بندر بن سلطان رمزا للعلاقة الوثيقة جدا مع الاميركيين من الجهة السعودية ، وهو احد أكثر وجوه السيطرة الاميركية المباشرة على القرار السعودي الخارجي خاصة بعد وفاة الملك خالد ووصول الملك فهد إلى سدة الحكم السعودي. فمعه بندر تورط السعوديون في مشاريع اميركية على المستوى العالمي . هكذا تحولت السعودية بما لها من بعد اسلامي إلى راس حربة المعركة الاميركية ضد النموذج الاسلامي الذي يطرحته الجمهورية الاسلامية في ايران ، فتحولت موارد المملكة المالية والسياسية والمعنوية إلى نشر الوهابية في ارجاء العالم اجمع بموافقة ودعم وبتخطيط اميركي وذلك لتحقيق امرين استراتيجيين:
الاول : تقديم نموذج اسلامي – اميركي في مقابل النموذج المحمدي الذي سارت عليه الثورة الاسلامية الايرانية بقيادة الامام الخميني قدس الله سره الشريف.
والثاني : استخدام الوهابية لتجييش المذهبية في عقول ونفوس المسلمين والعرب طلبا لبناء جدار نفسي في وجه تأثير الثورة الاسلامية الايرانية على المسلمين في ارجاء العالم اجمع . فضلا عن ان الاميركيين وجدوا في الوهابية حليفا طبيعيا ضد الاتحاد السوفياتي الذي كان يحتل افغانستان.
حتى العام ١٩٨٢ لم تكن السعودية قد لعبت اخطر ادوارها بعد ، ففي ذلك العام وبعد خروج الثورة الفلسطينية من لبنان نتيجة للغزو الاسرائيلي لذلك البلد وبعد نزول قوات الاطلسي في بيروت بحجة الحلول مكان الجيش الاسرائيلي المنسحب منها ، تقدمت السعودية بمبادرة سلمية كان الهدف منها تحقيق الجانب السياسي من اهداف الغزو الصهيوني البربري على لبنان ، فكانت مبادرة الملك فهد بن عبد العزيز التي طرحها في قمة فاس العربية والتي تشبه إلى حد بعيد مبادرة الملك عبد الله للسلام مع الكيان الصهيوني.
وكان لتلك المبادرة سبب واحد هو طلب اميركي من السعوديين تولي الجانب السياسي من مسألة انهاء القضية الفلسطينية وفرض الحلول السلمية على الجانب الفلسطيني وفقا لشروط تمليها عليه اسرائيل .
وقد إنخرطت المملكة في جهود الاميركيين لفرض الاستسلام على الفلسطينيين فاحتضنت الخيار الذي إتخذه ياسر عرفات بالذهاب إلى التفاوض والاعتراف بالكيان الصهيوني فكان إتفاق اوسلو بدعم وتمويل سعودي .
في العام ٢٠٠٠ وصل جورج بوش الابن إلى الرئاسة الاميركية ، وتفائل الواهمون بوصول صديق السعوديين الشخصي إلى سدة الحكم في أميركا ولكن الرجل لم يتأخر في إظهار الوجه الحقيقي للسياسات الاميركية تجاه العرب والمسلمين مصحوبا بدور كبير لبندر بن سلطان الذي سرعان ما تحول إلى المقرر الاول في السياسة السعودية الخارجية التي تماهت بالمطلق مع الرغبات الاميركية .
هذا وجاء العام ٢٠٠١ فحمل معه تطورا شكل العامل الاهم لفرض الاوامر الاميركية على السعوديين حتى في الشأن المتعلق بالتعليم والمناهج التربوية.
فقد حصلت إعتداءات الحادي عشر من أيلول وظهر بان خمسة عشر من المنفذين يحملون الجنسية السعودية فاثار الاعلام الاميركي وجزء من الطبقة السياسية الاميركية ضرورة معاقبة السعوديين ولو عبر تغيير نظامهم المسوق لايدولوجية وهابية كان يؤمن بها منفذوا إعتداءات الحادي عشر من أيلول - سبتمبر .
كانت تلك الدعاية ودعوات الانتقام من السعودية أكثر مما يحتمله السعوديون فاعتبروه الخطر الاكبر على حكمهم فذهبوا إلى أبعد حد في التماهي مع الاميركيين في سياساتهم ضد العرب والمسلمين مدفوعين بالرغبة في إرضاء الاميركيين وإجتناب غضبهم ، وقد نجح الاميركيون في تحويل النفوذ السعودي في بعض المواقع العربية والاسلامية إلى مواقع مباشرة لهم بوجود أشخاص مثل بندر بن سلطان، وقد زاد دور الاخير فغدا ملك غير متوج خاصة في السياسات الخاصة بالسعوديين تجاه المقاومة في فلسطين وفي لبنان وضد دول مثل إيران وسوريا.
أما جورج بوش فقد أعلن عن إستراتيجيته للفوضى الخلاقة وزعم أنه سيهب الديمقراطية للشعوب المضطهدة خاصة في الشرق الاوسط فغزا العراق وافغانستان بحجة الاعتداءات الارهابية على نيويورك وواشنطن في ايلول سبتمبر ٢٠٠١ . وتحولت السعودية مرة أخرى إلى الغطاء الذي إستغله الاميركيون لدعم أهدافهم السياسية من إعتداءاتهم .
رفض الملك عبد الله بن عبد العزيز الاستراتيجية التي إتبعها بندر بن سلطان في خدمة الاميركيين فكف يده عن مواقع كان يشغلها في رئاسة مجلس الامن القومي خاصة بعدما قيل عن تورط بندر في محاولة إنقلاب على الملك ، ورحل جورج بوش فتغيرت السياسة السعودية مع تغير الرئيس الاميركي ووصول باراك أوباما إلى السلطة في واشنطن .
تجلى هــذا التغير السعودي في المصالحة بين السعودية وسورية وبالتهدئة في لبنان . ولكن انقلاب موازين القوى بين الامراء السعوديين لغير مصلحة الملك عبد الله اعادت بندر الى السلطة الفاعلة في السعودية فكان اول عمل قام به هو افشال التسوية السورية السعودية حول الاوضاع المتأزمة في لبنان ربطا بما كان يجري من مؤامرة دولية على المقاومة لاتهامها باغتيال رفيق الحريري .
المحللون للسياسة السعودية يرون أن ثــبــات الـــــدور الــســعــودي في تحالفه مع الاميركيين ، لم يعكس رؤية وقناعة سعودية بوجود مصلحة وطنية لهم في ذلك بل نتج عن حاجتهم للحماية لشعورهم بعدم قدرتهم على مواجهة الاخطار التي قد تحيق بحكمهم في حال تخلى الاميركيون عن تقديم الحماية لهم.
فالمملكة دولة مؤثرة على صعيد الــســيــاســات العالمية ولكنها ارتضت لنفسها ادواراً لا تخدم مصالحها بقدر خدمتها للاهداف الاميركية في المنطقة العربية، احياناً بسبب الابتزاز الاميركي واحــيــانــاً اخـــرى بسبب الــقــراﺀة السعودية التي تجد ان ارضــاﺀ الاميركيين يشكل ضمانة استقرار واستمرار للحكم الــســعــودي".
ويضيف الخبراء : ان العلاقة السعودية - الامــيــركــيــة تــتــســم بــالــثــبــات فـــي عــمــق الاســتــراتــيــجــيــة مع هامش للسعوديين يتيح لهم التحرك وفقاً لرؤية قد تخالف رغــبــات الادارات الاميركية في التكتيك ولكنّه هامش تحرك يــحــفــظ لــلــســعــوديــيــن دوراً لا يمكن الانتقاص منه او تجاهله.
والسعوديون يــجــدون في انــفــســهــم الــثــقــة والـــقـــوة على التحرك لتوسيع نفوذهم او للعب ادوار ترتبط بمصالحهم الخاصة فقط إن ضمنوا جانب الاميركيين وتقاطعوا معهم في المصالح والادوار ، والمثال على ذلــك، التمسك بمواطن النفوذ السعودي في لبنان وباكستان وافــغــانــســتــان والـــعـــراق وآســيــا الوسطى والشيشان وتسخير ذلك النفوذ لخدمة المصالح الاميركية ، وحتى داخل التيارات السلفية التي تتوافق افعالها مع ما تريده اميركا منها فان السعوديون حركوا تلك التيارات بما يخدم الاميركيين .
إن الخبراء يشيرون على سبيل المثال إلى ما فعله بندر بن سلطان وديك تشيني من إستخدام لحركات أرهابية في تحقيق مصالح أميركية في لبنان وفي العراق .
ثم جاء إجتماع الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود بالرئيس الاميركي روزفلت في العام ١٩٤٤ ليضفي على تلك العلاقة طابعا إستراتيجيا ، إذ أن الاميركيين خلال الحرب العالمية الثانية شعروا باهمية الموقع الاستراتيجي للمملكة خاصة بعدما رسمت نتائج الحرب توازنات القوى العالمية حيث ضعفت بريطانية وبرز الاتحاد السوفياتي .
في مرحلة الصراع بين الاتحاد السوفياتي والاميركيين على النفوذ العالمي تحولت المملكة العربية السعودية إلى بيضة القبان في الصراع على الشرق الاوسط وعلى العالم الاسلامي من حيث قدرتها النفطية والمالية أولا ، وبسبب تأثيرات وجود الاماكن الاسلامية المقدسة تحت سيطرتها ثانيا.
ويقول جيمس وولسي المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الاميركية في شهادة له عن العلاقات الاميركية السعودية أدلى بها أمام الكونغرس :
في تلك المراحل من التاريخ شكل الصراع في اليمن بين أنصار الامامية وأنصار الجمهورية ، والتدخلات المصرية والسعودية فيه ، فرصة للاميركيين لابتزاز الحكم السعودي بغرض إدخاله في لعبة أمم على الصعيد العالمي ، على إعتبار أن جمال عبد الناصر المدعوم من الاتحاد السوفياتي يشكل بثوريته الخطر الوجودي الاكبر على الاسرة الحاكمة ، خاصة وأن بعض الاسرة لجأ إلى عبد الناصر في القاهرة.
هذا وقد تولت السعودية بناء لطلب اميركي مهمة اسقاط الاهداف القومية للرئيس جمال عبد الناصر بدءا من منعه من تحويل حلمه بالوحدة العربية إلى واقع وانتهاء بضرب صورته في عيون الراي العام العربي حيث تولى الاعلام والمال السعودي تشويه سمعة نظام الرئيس ناصر وشخصه حتى بعد وفاته وحتى إلى يومنا هذا .
بعد سقوط القدس في يد الصهاينة في حرب العام ١٩٦٧ جرت محاولات عديدة لتوحيد العالم العربي بين تيار الغالبية بقيادة عبد الناصر وبين المحور المسمى دول الاعتدال الموالي للغرب بقيادة الملك فيصل بن عبد العزيز. لكن تلك الجهود لم تنجح لرفض السعوديين ذاك الامر تنفيذا لمصلحة اميركية كانت ترى في توحد العرب خطرا على مصالحها .
ومع ان السعوديين تفلتوا في عهد فيصل من السيطرة الاميركية لفترة بسيطة بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر حين أمر الملك فيصل بقطع النفط عن الغرب في موقف أثار غضب الاميركيين والاوروبيين وشكل مثالا عن القدرة السعودية على حفظ الحقوق العربية والاسلامية لو قرر حكامها إستخدام ما في أيديهم من أوراق قوة.
لكن الملك فيصل توفي غيلة علي يد أحد أبناء أخيه وسرت إشاعات وسط الاسرة الحاكمة في السعودية عن مؤامرة جرت ضد الملك إنتقاما من موقفه خلال حرب العام ١٩٧٣.
محطة تاريخية أخرى شكلت علامة فارقة في تاريخ العلاقات الاميركية السعودية، فبعد إنتصار الثورة الاسلامية في إيران بقيادة سماحة الامام آية الله الخميني قدس سره الشريف، إنتهت السيطرة الغربية على النفط الايراني فازدادت أهمية النفط السعودي الاستراتيجية، بالتالي زاد الابتزاز الاميركي للسعوديين مع وجود أطراف داخل العائلة المالكة ممن لم يجدوا لهم أدوارا إلا في أحضان المطامع الاميركية ،وقد اصبح الامير بندر بن سلطان رمزا للعلاقة الوثيقة جدا مع الاميركيين من الجهة السعودية ، وهو احد أكثر وجوه السيطرة الاميركية المباشرة على القرار السعودي الخارجي خاصة بعد وفاة الملك خالد ووصول الملك فهد إلى سدة الحكم السعودي. فمعه بندر تورط السعوديون في مشاريع اميركية على المستوى العالمي . هكذا تحولت السعودية بما لها من بعد اسلامي إلى راس حربة المعركة الاميركية ضد النموذج الاسلامي الذي يطرحته الجمهورية الاسلامية في ايران ، فتحولت موارد المملكة المالية والسياسية والمعنوية إلى نشر الوهابية في ارجاء العالم اجمع بموافقة ودعم وبتخطيط اميركي وذلك لتحقيق امرين استراتيجيين:
الاول : تقديم نموذج اسلامي – اميركي في مقابل النموذج المحمدي الذي سارت عليه الثورة الاسلامية الايرانية بقيادة الامام الخميني قدس الله سره الشريف.
والثاني : استخدام الوهابية لتجييش المذهبية في عقول ونفوس المسلمين والعرب طلبا لبناء جدار نفسي في وجه تأثير الثورة الاسلامية الايرانية على المسلمين في ارجاء العالم اجمع . فضلا عن ان الاميركيين وجدوا في الوهابية حليفا طبيعيا ضد الاتحاد السوفياتي الذي كان يحتل افغانستان.
حتى العام ١٩٨٢ لم تكن السعودية قد لعبت اخطر ادوارها بعد ، ففي ذلك العام وبعد خروج الثورة الفلسطينية من لبنان نتيجة للغزو الاسرائيلي لذلك البلد وبعد نزول قوات الاطلسي في بيروت بحجة الحلول مكان الجيش الاسرائيلي المنسحب منها ، تقدمت السعودية بمبادرة سلمية كان الهدف منها تحقيق الجانب السياسي من اهداف الغزو الصهيوني البربري على لبنان ، فكانت مبادرة الملك فهد بن عبد العزيز التي طرحها في قمة فاس العربية والتي تشبه إلى حد بعيد مبادرة الملك عبد الله للسلام مع الكيان الصهيوني.
وكان لتلك المبادرة سبب واحد هو طلب اميركي من السعوديين تولي الجانب السياسي من مسألة انهاء القضية الفلسطينية وفرض الحلول السلمية على الجانب الفلسطيني وفقا لشروط تمليها عليه اسرائيل .
وقد إنخرطت المملكة في جهود الاميركيين لفرض الاستسلام على الفلسطينيين فاحتضنت الخيار الذي إتخذه ياسر عرفات بالذهاب إلى التفاوض والاعتراف بالكيان الصهيوني فكان إتفاق اوسلو بدعم وتمويل سعودي .
في العام ٢٠٠٠ وصل جورج بوش الابن إلى الرئاسة الاميركية ، وتفائل الواهمون بوصول صديق السعوديين الشخصي إلى سدة الحكم في أميركا ولكن الرجل لم يتأخر في إظهار الوجه الحقيقي للسياسات الاميركية تجاه العرب والمسلمين مصحوبا بدور كبير لبندر بن سلطان الذي سرعان ما تحول إلى المقرر الاول في السياسة السعودية الخارجية التي تماهت بالمطلق مع الرغبات الاميركية .
هذا وجاء العام ٢٠٠١ فحمل معه تطورا شكل العامل الاهم لفرض الاوامر الاميركية على السعوديين حتى في الشأن المتعلق بالتعليم والمناهج التربوية.
فقد حصلت إعتداءات الحادي عشر من أيلول وظهر بان خمسة عشر من المنفذين يحملون الجنسية السعودية فاثار الاعلام الاميركي وجزء من الطبقة السياسية الاميركية ضرورة معاقبة السعوديين ولو عبر تغيير نظامهم المسوق لايدولوجية وهابية كان يؤمن بها منفذوا إعتداءات الحادي عشر من أيلول - سبتمبر .
كانت تلك الدعاية ودعوات الانتقام من السعودية أكثر مما يحتمله السعوديون فاعتبروه الخطر الاكبر على حكمهم فذهبوا إلى أبعد حد في التماهي مع الاميركيين في سياساتهم ضد العرب والمسلمين مدفوعين بالرغبة في إرضاء الاميركيين وإجتناب غضبهم ، وقد نجح الاميركيون في تحويل النفوذ السعودي في بعض المواقع العربية والاسلامية إلى مواقع مباشرة لهم بوجود أشخاص مثل بندر بن سلطان، وقد زاد دور الاخير فغدا ملك غير متوج خاصة في السياسات الخاصة بالسعوديين تجاه المقاومة في فلسطين وفي لبنان وضد دول مثل إيران وسوريا.
أما جورج بوش فقد أعلن عن إستراتيجيته للفوضى الخلاقة وزعم أنه سيهب الديمقراطية للشعوب المضطهدة خاصة في الشرق الاوسط فغزا العراق وافغانستان بحجة الاعتداءات الارهابية على نيويورك وواشنطن في ايلول سبتمبر ٢٠٠١ . وتحولت السعودية مرة أخرى إلى الغطاء الذي إستغله الاميركيون لدعم أهدافهم السياسية من إعتداءاتهم .
رفض الملك عبد الله بن عبد العزيز الاستراتيجية التي إتبعها بندر بن سلطان في خدمة الاميركيين فكف يده عن مواقع كان يشغلها في رئاسة مجلس الامن القومي خاصة بعدما قيل عن تورط بندر في محاولة إنقلاب على الملك ، ورحل جورج بوش فتغيرت السياسة السعودية مع تغير الرئيس الاميركي ووصول باراك أوباما إلى السلطة في واشنطن .
تجلى هــذا التغير السعودي في المصالحة بين السعودية وسورية وبالتهدئة في لبنان . ولكن انقلاب موازين القوى بين الامراء السعوديين لغير مصلحة الملك عبد الله اعادت بندر الى السلطة الفاعلة في السعودية فكان اول عمل قام به هو افشال التسوية السورية السعودية حول الاوضاع المتأزمة في لبنان ربطا بما كان يجري من مؤامرة دولية على المقاومة لاتهامها باغتيال رفيق الحريري .
المحللون للسياسة السعودية يرون أن ثــبــات الـــــدور الــســعــودي في تحالفه مع الاميركيين ، لم يعكس رؤية وقناعة سعودية بوجود مصلحة وطنية لهم في ذلك بل نتج عن حاجتهم للحماية لشعورهم بعدم قدرتهم على مواجهة الاخطار التي قد تحيق بحكمهم في حال تخلى الاميركيون عن تقديم الحماية لهم.
فالمملكة دولة مؤثرة على صعيد الــســيــاســات العالمية ولكنها ارتضت لنفسها ادواراً لا تخدم مصالحها بقدر خدمتها للاهداف الاميركية في المنطقة العربية، احياناً بسبب الابتزاز الاميركي واحــيــانــاً اخـــرى بسبب الــقــراﺀة السعودية التي تجد ان ارضــاﺀ الاميركيين يشكل ضمانة استقرار واستمرار للحكم الــســعــودي".
ويضيف الخبراء : ان العلاقة السعودية - الامــيــركــيــة تــتــســم بــالــثــبــات فـــي عــمــق الاســتــراتــيــجــيــة مع هامش للسعوديين يتيح لهم التحرك وفقاً لرؤية قد تخالف رغــبــات الادارات الاميركية في التكتيك ولكنّه هامش تحرك يــحــفــظ لــلــســعــوديــيــن دوراً لا يمكن الانتقاص منه او تجاهله.
والسعوديون يــجــدون في انــفــســهــم الــثــقــة والـــقـــوة على التحرك لتوسيع نفوذهم او للعب ادوار ترتبط بمصالحهم الخاصة فقط إن ضمنوا جانب الاميركيين وتقاطعوا معهم في المصالح والادوار ، والمثال على ذلــك، التمسك بمواطن النفوذ السعودي في لبنان وباكستان وافــغــانــســتــان والـــعـــراق وآســيــا الوسطى والشيشان وتسخير ذلك النفوذ لخدمة المصالح الاميركية ، وحتى داخل التيارات السلفية التي تتوافق افعالها مع ما تريده اميركا منها فان السعوديون حركوا تلك التيارات بما يخدم الاميركيين .
إن الخبراء يشيرون على سبيل المثال إلى ما فعله بندر بن سلطان وديك تشيني من إستخدام لحركات أرهابية في تحقيق مصالح أميركية في لبنان وفي العراق .
ومن الشواهد المعبرة عن الادوار التي تطلبها أميركا من السعوديين ، يورد الخبراء ما حصل في لبنان من حياد سعودي سلبيّ خلال الــحــرب الاســرائــيــلــيــة فــي تموز، ٢٠٠٦ ومـــا حصل من صمت سعودي تجاه حصار غزة وكل ذلك إرضاء للاميركيين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق