أصدر
مركز القاهرة لدراسات حقوقالإنسان اليوم12 مارس 2013، تقريرًا تحت
عنوان“بمعزل عن العالم: الانتقام من المدافعين عن حقوق الإنسان في منطقة
الخليج لعملهم مع الأمم المتحدة”.
يتناول
التقرير الهجمات الحكومية وأعمال التهديد والتشهير التي تقوم بها حكومات بعض دول
الخليج مثل مملكة البحرين والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان والمملكة العربية
السعودية بحق المدافعين عن حقوق الإنسان؛ نتيجة لتعاونهم مع آليات حقوق الإنسان
التابعة للأمم المتحدة خلال العامين المنصرمين، وخاصة في سياق الجلسة 21 لمجلس
حقوق الإنسان، والتي عُقدت في سبتمبر 2012.
التقرير
يعرض لمحة عامة عن القوانين القمعية القائمة في تلك البلدان، التي تجرم العمل في
مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك التعامل مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان. يتناول
التقرير الهجمات التي تمت ضد المدافع الحقوقي الإماراتيأحمد منصور، عضو اللجنة
الاستشارية لمنظمة هيومان رايتس ووتش في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا،
بالإضافة لحملات التشويه والتهديدات التي تلقاها منصور وعدد من المنظمات الحقوقية
الإقليمية والدولية العاملة على الملف الحقوقي للإمارات إثر مشاركتهم في الجلسة 21 لمجلس
حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في سبتمبر الماضي. يُذكر أنه في 4 مارس 2013،
بدأت محاكمة 94 متهمًا أمام المحكمة الاتحادية العليا في الإمارات، وذلك
بعد مرور ما يقرب من عام على الحملة التي شنتها السلطات لاعتقال الناشطين، وسط
مخاوف من تعرض الناشطين المعتقلين للتعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة أثناء
اعتقالهم التعسفي في أماكن غير معروفة أو معلنة. ويواجه النشطاء اتهامات
بارتكاب جرائم ضد أمن الدولة.
إن مركز
القاهرة لدراسات حقوق الإنسان يرى أن الأفعال المذكورة في هذا التقرير تشكل ضربًا
من أعمال الإرهاب أو الانتقام الممنهجة ضد الأفراد والجماعات المتعاونين –أو الذين
يسعون إلى التعاون– مع الأمم المتحدة وممثليها وآلياتها في مجال حقوق الإنسان، من
قبل حكومات الدول الأربع.
ويُبدى
المركز قلقه بشأن ارتفاع معدل الممارسات من جانب الحكومات في عدد من دول الخليج،
البحرين والإمارات العربية المتحدة بشكل خاص، وما تسيطر عليه من وسائل إعلام
ووسائط إلكترونية، حيث يتم استخدام الكُتَّاب والمؤسسات الإعلامية التابعة
للحكومة، كأدوات لتعزيز بيئة من العداء ضد المجتمع المدني في البلاد، والمنظمات
الإقليمية والدولية المستقلة التي تعمل على توثيق انتهاكات حقوق الإنسان داخل هذه
البلدان.
وقال
المركز “أن التصعيد الحالي واتخاذ إجراءات صارمة ضد المدافعين الحقوقيين جراء
تعاونهم مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان، نابع من غياب المساءلة حول غالبية
الحالات التي تم الإبلاغ عنها في السابق، والتي تعرضت لعمليات انتقام، كما ذكرت
المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الجلسة الـ21 لمجلس حقوق
الإنسان”.
كذا
تناول التقرير الهجمات التي شنتها الصحف الموالية لحكومة البحرين ضد وفد المجتمع
المدني البحريني المشارك في الجلسة ومنظمات إقليمية ودولية أخرى، فضلا عن
التهديدات بالقتل والملاحقات القانونية التي تلقاها المدافع الحقوقي البحريني محمد
المسقطي، واعتقال المدافع الحقوقي سيد يوسف رئيس وحدة الرصد ونائب رئيس “مركز
البحرين لحقوق الإنسان”، بالإضافة إلى عرض سجل الأعمال الانتقامية السابقة لمملكة
البحرين ضد النشطاء المشاركين في آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
ناقش
التقرير الهجمة على معظم الحقوقيين والنشطاء في عمان، والتي بدأت في مايو 2012،
وأسفرت عن أحكام بالسجن ضد 35 مدافع حقوقي وناشط ومتظاهر، وذلك على
خلفية اتهامات من بينها التجمهر، إهانة الذات السلطانية، ومخالفة قانون جرائم
المعلومات. و من ضمن النشطاء المعتقلين المدافع الحقوقي مختار الهنائي، عضو
مؤسس في الفريق العماني لحقوق الإنسان، و الذي تم اعتقاله ومسائلته حول علاقاته مع
عدد من المنظمات الإقليمية والدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك معلومات قد أرسلها
إلى الإجراءات الخاصة التابعة لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في مايو 2012. أما
في حالة المملكة العربية السعودية، فقد تعرض التقرير إلى الحملات الشرسة التي
تقودها الحكومة السعودية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان في المملكة، واتخاذها
إجراءات صارمة لقمع المدافعين الحقوقيين لمنعهم من رصد الانتهاكات المستمرة
والإبلاغ عنها، خاصةً فيما يتعلق بحريات التعبير أو التجمهر أو حقوق السجناء أو
دعاوى الإصلاح، أو الدفاع عن الحقوق والحريات الأساسية بالمملكة، والتي جاء أبرزها
في 9 مارس 2013 بحكم المحكمة الجزائية بالرياض بالسجن لمدة
عشرة سنوات، على الدكتور محمد فهد القحطاني، أحد أبرز المدافعين الحقوقيين في
السعودية، وأحد مؤسسي جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية (حسم)،
لتعاونه مع الإجراءات الخاصة بمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى
منعه من السفر لمدة عشرة سنوات أخرى. وقد تمت محاكمة القحطاني على خلفية
اتهامه بإحدى عشرة تهمة ذات دوافع سياسية تتعلق بحقوق الإنسان وعمله كمدافع عنها. حيث
اُتهم القحطاني بتقديم وقائع ومعلومات “زائفة” كأدلة قُدِّمَت لأجهزة دولية رسمية
–الآليات الخاصة التابعة لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة. هذا فضلاً عن
تزايد تعرض نشطاء آخرين في المملكة للملاحقات القانونية و السجن على خلفية تهم
متعلقة بتعاونهم مع منظمات وهيئات دولية.
وقد أوضح
المركز في تقريره “أن بعض الأعمال الانتقامية، والتي حدث بعضها داخل أروقة الأمم
المتحدة، هي أمر جدير بالدراسة الفورية والجِدية من قبل مجلس حقوق الإنسان، وغيره
من هيئات الأمم المتحدة ذات الصلة، والدول الأعضاء في الأمم المتحدة بهدف ضمان عدم
تكرارها والحماية الكاملة للمدافعين عن حقوق الإنسان المعنيين”، كما طالب المركز
“مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومكتبه ومكتب رئيس المجلس، باتخاذ خطوات قوية
وملموسة ضد الحكومات التي لا تزال تستهدف الناشطين والمنظمات غير الحكومية للتعاون
مع آلياته”. ودعاه لـ “إعادة النظر في عضوية الدول التي تقوم بارتكاب هذه
الأفعال في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والدعوة بقوة لوضع هذا في الاعتبار
خلال إجراء انتخابات مُقبلة للانضمام لعضوية المجلس”. مشددًا على أن مثل هذه
الأفعال تحتم إعادة النظر بشكل فوري في معايير اختيار الدول الأعضاء بالمجلس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق