24 أبريل 2012

أصدرت جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية بيانا حول رفض مبايعة الأمير نايف ملكا للبلاد.


نص البيان:
بسم الله الرحمن الرحيم
 بدء التوقيع الرياض: الثلاثاء 25/5/1433هـ، الموافق 17/4/2012م.
ننادي ببطلان مبايعة الأمير نايف ملكا؟، كيف يكون الأصلح من هو أكثر الأمراء استبدادا وأشدهم بطشا وتعذيبا وترهيبا، وانتهاكا لشرط البيعة الشرعية الأكبر: شورى الأمة؟
 1- لماذا تخصيص الأمير نايف ببطلان مبايعته ملكا؟
لإصراره المتعمد على خرق شروط عقد البيعة الكبرى القطعية على الكتاب والسنة: شورى الأمة، أي أن يكون الحاكم شوريا، فضلا عن كونه عادلا.
فضلا عن ظلمه الصراح البواح، وكونه أكثر آل سعود منذ عهد الإمامين؛ خرقا لشروط عقد البيعة. ولترويجه وتبنيه المدرسة الدينية السعودية، التي حرفت المذهب السني لخدمة الاستبداد والاستئثار بالسلطة، وانتهاك حقوق المواطنين وأراضيهم وأموالهم.
والفتك بالمواطنة، والتعصب المذهبي والإقليمي، والاستسلام والتخلف والظلم والتعذيب.
ولتحويله شرطة المباحث إلى جلاوزة لإرهاب الشعب، على العموم، ولا سيما المطالبين بالمعروف والناهين عن المنكر، من فقهاء وعلماء وحقوقيين وقضاة ومحامين وناشطين، ولتوسعه في الاعتقال التعسفي المنهجي، و في التعذيب المنهجي الذي وصل إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية.
 ولأن سياسته في القمع أعظم زارع نبات العنف والتطرف الذي ضرب العالم.
فهل تلك الفظائع والانتهاكات والمظالم والفواحش هي مؤهلات من يرشح ملكا؟، أم أن من يرتكبها يكافأ عليها بتوليته ملكا؟ أو ليست هذه التولية من ما يشجعه ويحرضه على مواصلة بناء قلعة القمع والظلم والتعذيب الممنهج المنظم، باسم أهل السنة والإسلام؟.
على أنه لم يختلف الفقهاء في اشتراط كون الحاكم شوريا، وعدم صحة البيعة للمستبد، فضلا عن الظالم، وإنما اختلفوا في جواز عزله إذا طرأ عليه الاستبداد، فرأى بعضهم تجنب العزل، خوفا من الفوضى، ولكن العصر الحاضر أثبت سهولة عزل المستبد فضلا عن الظالم عبر الجهاد السلمي، مظاهرات واعتصامات.
وهذا يدل على صحة رأي ابن عطية، عندما قال- في ما ذكر القرطبي في تفسير "وشاورهم في الأمر"(آل عمران:159): قال: "والشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام؛ من لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب. هذا ما لا خلاف فيه". فإذا كان عزله واجبا، رغم مخاطر الفتنة، فإن عدم توليته أوجب.
وهذا الرأي، وإن كان يبدو لبعض العلماء القدامى ضعيفاً، ولبعض العلماء المحافظين الحداثى مرجوحاً، فإنه عند التأمل ليس راجحا فحسب، بل هو الحق الصراح، ليس لأن الاستبداد يدعو إلى الظلم فحسب، بل لأن الحاكم وكيل للناس في إدارة شئونهم، والوكيل ملزم بقرار موكليه، فهو ينفذ ما يريد موكلوه.
وتخصيص الأمير نايف لا يعني تبرئة غيره من أمراء تيار القمع والعنف السعودي، ولكن لأسباب منها:
أولها: أن الناس كانوا يتوقعون إصلاحات سياسية، من ضمنها تقدم الأمراء المعتدلين، فإذا بهم يفاجأون بتقدم تيار الظلم والقمع والبطش المسئول عن إنتاج الأزمات المتتالية الذي يسوق البلاد إلى مزيد من (الأنوميا) الانسداد والاحتقان، عندما فوجئوا بتعيين الأمير نايف وليا للعهد، تمهيدا لمبايعته ملكا.
إن ملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز بتعيينه الأمير نايف وليا للعهد، قد قضى على مستقبل براعم إصلاحاته الثانوية، وعلى الومضات التي أوحت للناس بالمزيد، فلم يبق أمام دعاة شرط عقد البيعة الأكبر: شورى الأمة (الدستور)، إلا إعادة التذكير بشروط البيعة.

ثانيها: أنه أكثر الأمراء استبدادا واشدهم بطشا وتعذيبا وترهيبا.
ثالثها: أنه أكثرهم تصريحا برفض شرط البيعة: شورى الأمة، وسخرية بالإصلاح السياسي، وبشروط البيعة، فهو صاحب الكلمات الثلاث: هل نحن فاسدون لكي نطالب بالإصلاح؟، وأخذناها بالسيف الأملح، وقوله لدعاة شروط البيعة: الدستور أنتم الوجه الآخر للإرهاب.
رابعها: أنه كلما ازداد قوة ونفوذا ازداد بطشا، فقد بدأ منذ تعيينه وليا للعهد، في حملة شعواء على الحقوقيين، متوهما أنه سيتغذى بهم، قبل أن يكون ملكا.
خامسا: أن التشهير بالأكثر ظلما، من الأمراء؛ ينبه مقتفي خطواته في الظلم، وسالكي نهجه، الذين يتوهمون أسلوب القمع حلا للمشكلات، مطمئنين إلى استسلام الناس؛ إلى أن الشعب بدأ يعلن رفض هذا المسار، الذي أنتج المعضلات، وأن (الشعب يريد شروط البيعة: إصلاح النظام).

ب- نداء للأسرة السعودية الحاكمة:
يطالب موقعو هذا البيان، الأسرة الحاكمة ويذكرونها بما يلي:
1- يثمن موقعو البيان للأمراء الأحرار مبادرتهم المبكرة بنداء الدستور عام (1958م)، عندما رأسه  الملك عبد الله ونظر له الأمير طلال، في (رسالة إلى مواطن)، ويطالبونهم بتفعيل دورهم.
ويطالبون عموم الأسرة بالانضمام إليهم، ويحضونها على انتهاز الفرصة، كي لا تضيع (كما ضاعت بالأمس) فلو قبلت الدستور الذي أعلنه الأمراء الأحرار في ذلك العام لما وقعت اليوم في هذا المأزق، ولتنافس أمراؤها على خدمة الشعب، بدلا من التكالب على المناصب والمكاسب والنهب والسلب، ولما أمست عاجزة عن اختيار الأصلح.
2- أن البيعة على الكتاب والسنة لا تنعقد بمبايعة الأعيان والعلماء المستضعفين، ولا عموم الناس المنقمعين، فلن يصح عقد البيعة إلا من (مجلس نواب) منتخب يمثل عموم الشعب.
3- أن البيعة الشرعية لا تنعقد بآلية (نظام البيعة)، التي اختزلت البيعة ببعض أعضاء الأسرة الحاكمة.
4- أنه ينبغي وضع آلية تضمن تولية (الأصلح)، الذي نص عليه نظام الحكم السعودي، وتضمن أن لا يتسلط الأظلم والأشرس والأمرض.
5- أثبتت الأسرة الحاكمة بتقبلها مبايعة الأمير نايف أنها غير قادرة على ترشيح (الأصلح)، بل صارت مرتهنة (كما ارتهن الشعب) للأظلم والأفسد، وهذه عقبى استئثارها بالحكم، أنها خنقت نفسها كما فعلت دودة القز، فلم تستطع أن تخرج من مأزق تسلل غير الأصلح.
6- يطالبون الأسرة الحاكمة، والملك على الخصوص، بالعدول عن ترشيح الأمير نايف ملكا؛ لأن ذلك هو البرهان على أن الأسرة الحاكمة؛ لا ترضى بهذه الانتهاكات، وعلى أن الملك يضرب رأس الظلم بسيف العدل، ويفعل ما يقول:
وأراك تفعل ما تقول وبعضهم=مذق اللسان يقول ما لا يفعل
وبالعدول عن مبايعة الأمير نايف ملكا؛ ينزاح عن كاهل الأمة؛ أكبر مستبد سعودي ظالم، رفض شورى الأمة، ويتمهد الطريق لاختيار ملك ينبثق من رضا ممثلي الأمة، ويلتزم بشرط البيعة الأكبر على الكتاب والسنة: شورى نواب الأمة (الدستور).
7- ولا يمكن تصحيح مشروعية (هيئة نظام البيعة) إلا إذا كان دورها ترشيح عدد من الأمراء، الذين ينطبق عليهم وصف(الأصلح)، بالمفهوم السياسي، على أن يكون قرار البيعة بيد (أهل عقد البيعة وحلها) أي مجلس نواب الأمة المنتخب، فهو الذي يجسد شرعية اختيار الأصلح.
8- وأخيرا نذكر الأسرة الحاكمة أنها لن تستطيع اختيار (الأصلح) أولا، ولن تستطيع أن تحسم التنازع على الحكم ثانيا، إلا من خلال مجلس نواب منتخب، تحتكم إليه عند التنازع، كما وقع في الكويت، ولن تستطيع أن تتجنب مصير الدول التي رفضت التغيير، ولا سيما في عهد الربيع العربي ثالثا، وعندها سيعلم الذين ظلموا من الأسرة، أي منقلب ينقلبون.
ج=نداء للرأي العام السعودي:
يناشد موقعو هذا البيان، فعاليات الأمة من علماء وفقهاء وأعيان، وجميع التيارات والأطياف، ودعاة حقوق الإنسان والمحتسبين، والمحامين والحقوقيين كافة، وكافة النشطاء والمهتمين بالشأن العام، إلى (حلف فضول وطني جديد): وفق (استراتيجية الإصلاح) التي وصلت بها الشعوب الأخرى إلى الحكم الشوري، ويوصون أنفسهم وإخوانهم، بالتواصي بالحق والصبر، للمضي في (خريطة الطريق) التالية:
1- إعلان (الهدف) شرط البيعة على الكتاب والسنة: شورى الأمة(الدستور)،التي استخلفها الله لإقامة الشريعة، لتنتخب من تراه أهلا للإمامة، والجهر بهذا الهدف، وتوعية الناس بأنه أولى الأولويات.
فسكوتهم عن ذلك (اليوم) أعظم عون للظلم، وتمكين له، فالأشرار –أيا كانوا-لا يريدون من الأخيار إلا أن يسكتوا، ليتركوا لهم المضمار، ولذلك قال الله تعالى "وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب؛ لتبيينه للناس ولا تكتمونه".
فذلك هو الترجمة الوحيدة لصيغة البيعة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه و آله وسلم، التي تحدد أن الحكم وكالة عن الشعب، لا وكالة عليه.
وإدراك أن تنفيذ شرط البيعة الأكبر؛ شورى الأمة هو بوابة الفلاح في الدنيا والآخرة.
والاحتراس من مقاولي سياسة فرق تسد، التي يستخدمها معوقو الإصلاح، بالانجرار إلى الثانويات والصراعات الجانبية.
والتنبه من تبديد الطاقة والنشاط، دون بصيرة بنظام الأولويات، كصرفها على إخراج المظلومين من السجون، أو التعليم أو الاقتصاد أو التربية الاجتماعية، إلا إذا كان ذلك وسيلة لإخراج الظالمين والمستبدين والمفسدين من الدواوين.
فعلاج جرثومة الاستبداد أولى من علاج أعراضه ومظاهرة حاضرا، والوقاية من الداء؛ خير من مواصلة العلاج مستقبلا.
وينبغي الحذر من الكلام المبهم وغير المحدد، الذي لا ينبثق من وعي بآليات السياسة الشرعية، في عصر الربيع العربي.
3- إعلان بطلان مبايعة الأمير نايف ملكا، من أجل أن ينزاح عن كاهل الأمة؛ أكبر مستبد سعودي ظالم، رفض شورى الأمة.
ولكي يتمهد الطريق لاختيار ملك ينبثق من رضا ممثلي الأمة، ويلتزم بشرط البيعة الأكبر على الكتاب والسنة: شورى نواب الأمة (الدستور) وفق أحد أسلوبين: إما ملك دستوري يملك ويحكم، ولكن يقبل المساءلة والمحاسبة (كما هو الحال في النظام البرلماني).
وإما ملك دستوري يملك ولا يحكم، ويفوض صلاحياته لمن يحكم ويقبل المساءلة والمحاسبة.
4-التحريض على (بوصلة الهدف)امتطاء مطايا الجهاد السياسي السلمي الأكبر، من أجل المطالبة بشرط البيعة الشرعية الأكبر: اختيار الحاكم الأصلح (الذي ينبثق من شورى نواب الأمة) وبذل مزيد من التضحيات، وتجديد إخلاص العمل لوجه الله والاحتساب، كلما شعر الناس بفتور أو بخذلان أو يأس.
6- الحذر من العمل الفردي والسري، ينبغي العمل عبر تجمعات وجمعيات حقوقية(سياسية) معلنة، حتى لو لم تأذن بها الحكومة، وقيام هذه الجمعيات بتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان، وكشف منتهكيها، من محققين وجنود ومدراء وأمراء وفقهاء وقضاة، والعمل على تقديمهم لمحاكمات إعلامية في الرأي العام، تمهيدا لتقديمهم إلى محاكمات قضائية علنية.
7- دعوة الناس إلى التظاهرات والاعتصامات، حتي يتحقق (الهدف).
8- والحذر من غير القادرين على الانصهار في العمل الجماعي، مهما كان لهم من العلم والمكانة والبلاغة والنشاط والشجاعة. ومن شبه المخذلين من فقهاء وقيادات وتنظيمات، منتشرة في كافة التيارات والأطياف، تلوذ بالأدعية عن التضحية، ومن الخوارين واليائسين والناكصين والمتربصين والمحبطين، غير المستعدين للتضحية.
فهذا هو حبل النجاة للنهوض من هاوية الحكم البوليسي المطلق، إلى عالية الحكم الشوري، الذي هو حبل النجاة من العنف الحكومي والأهلي معا، وبه تصبح الأمة هي الأميرة على أمرائها، وتصبح هي ولية أمر أمرائها، ويصبح عليهم طاعتها من خلال نوابها. و"قل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون".
ونوصي أنفسنا وإخواننا بترك الاستهانة بسطوة وزارة الداخلية وانتقامها، بل ولا أمن بطشها، عبر أي من الموبقات الفظيعة الشنيعة، السرية والعلنية. ولكن ينبغي أن لا يمنع الناس الخوف على أنفسهم وأهليهم وأموالهم؛ من التضحية بالنفس والنفيس، من أجل الإصلاح العام، ومن الصدع بالحق الذي كلفهم الله به في قوله تعالى (فأصدع بما تؤمر….).
ولنسأل الله-مالك الملك- أن يرزق الجميع الثبات، وعلى أن لا يخشوا وأن لا يرجو أحدا سواه، لأن الشريعة جعلت التعرض لأذى الظالم، في سبيل إنكار المنكر السياسي؛أعظم أنواع الجهاد.
كل دعاة الإصلاح السياسي السلمي؛ أصيبوا كما أصيب مئات الألوف غيرهم، بأنواع من الأذى السري والعلني، ولكن ألا ينبغي التسامي من التجربة الذاتية لمزيد من الانصهار في التجربة العامة، والترفع عن طلب الإنصاف للذوات، واحتساب ما أصاب عند الله من جانب، وحاديا–من جانب آخر-إلى مواصلة الإسهام في كشف الغمة عن الأمة؟.
وما أحلى الشهادة في سبيل الله إذا كان لابد من دفع هذا الثمن؛ لأن الرسول صلى الله عليه و آله وسلم قال: في ما رواه جابر بن عبد الله: "أعظم الشهداء حمزة بن عبدالمطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله".
للتوقيع على البيانhttp://noallegiance4nayef.blogspot.de/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق